ليله ويوم دحو الأرض …
اللّيلة الخامسة والعشرون من ذي القعدة ليلة دحو الأرض – انبساط الأَرْض من تحت الكعبة على الماء ـ وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل.
اما اليوم الخامس والعشرون يوم دحو الأَرْض: وهو أحد الايام الأَرْبعة التي خُصّت بالصيام بين أيام السنة، وروي: أن صيامه يعدل صيام سبعين سنة، وهو كفارة لذنوب سبعين سنة، على رواية أخرى، ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة ويستغفر لمن صامه كل شيء بين السماء والأَرْض وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل.
قال الله تعالى: (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا) ومعنى الدحو -لغةً- دحاها: أي بَسَطَها، ومَدَّها، وأوسَعَها، وجَعَلَها صالحةً للسكن، وقال الشيخ محمد جواد مغنية(قدّس سرّه) في التفسير الكاشف: أي بَسَطَها ومَهَدها، بحيث تصبح صالحةً للسكن والسير، وفي كتاب (محاولةٌ لفهمٍ عصريّ للقرآن) جاء ما نصُّه: دحاها، أي جَعَلَها كالدحية “البيضة” وهو ما يُوافق أحدث الآراء الفلكية عن شكل الأرض.. ولفظة – دحا- تعني أيضاً: بَسَطَ، وهي اللّفظة العربيّة الوحيدة التي تشتمل على البَسْط والتكوير في نفس الوقت، فتكون أولى الألفاظ على الأرض المبسوطة في الظاهر المكوّرة في الحقيقة.. وهذا منتهى الإحكام والخفاء في اختيار اللّفظ الدقيق المبين.
وعن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إنّ أوّل رحمةٍ نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة، فمن صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة، فله عبادةُ مائة سنة صامَ نهارَها وقامَ ليلَها، وأيّما جماعةٍ اجتمعت ذلك اليوم في ذكر ربّهم عزّ وجلّ، لم يتفرّقوا حتّى يُعطوا سؤلهم، ويُنزّل في ذلك اليوم ألف ألف رحمة، يضع منها تسعةً وتسعين في حلق الذاكرين والصائمين في ذلك اليوم، والقائمين في تلك الليلة).
وإنَّ أوّل موضعٍ تحدَّدَ في هذه الأرض هو موضع الكعبة الشريفة، ثمَّ بسط الله تعالى الأرض من جوانب هذا الموضع فهو المركز الذي انبسطت الأرض من بين أفنيته وجوانبه، وذلك هو معنى دحوّ الأرض من تحت الكعبة الشريفة، ويُمكن تأكيد ذلك ببعض الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام)، فقد ورد عنهم(عليهم السلام) أنًّ دحو الأرض كان بعد خلقها بألفي عام.
وجاء في كتاب مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمّي، أنّ لهذا اليوم سوى الصّيام والعبادة وذكر الله تعالى والغُسل أعمالاً منها: الصلاةُ المرويّة، وهي ركعتان تُصلّى عند وقت الضحى بالحمد مرّة والشّمس خمس مرّات في كلّ ركعة، ويقول بعد التّسليم: (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ الْعَليِّ الْعَظيمِ) ثمّ يدعو بهذا الدعاء: (يا مُقيلَ العَثَراتِ أَقِلْني عَثْرَتي، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتي، يا سامِعَ الْأَصْواتِ اِسْمَعْ صَوْتي وَارْحَمْني وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي وَما عِنْدي يا ذَا الْجَلالِ وَالْإكْرامِ). علماً أنّ يوم دحو الأرض هو يوم غدٍ الاربعاء بحسب التاريخ الهجري (25ذي القعدة 1439هـ) الموافق لـ(8اب 2018م).
الكفيل