كوشنر والأونروا ـ هل اٌتخذ القرار بشأن اللاجئين الفلسطينيين؟
410
شارك
الحكمة – متابعة: لوقت طويل لم يكن هناك شيء معروف عن مخططات جاريد كوشنر. فخلال شهور ظل مخطط السلام الذي بلوره صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط من بين الوثائق المحفوظة في واشنطن. لكن حصلت فجوة ما تسربت من خلالها رسائل إلكترونية شخصية لكوشنر وموظفيه إلى مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ومن تم إلى الرأي العام.
ومن خلال تلك الرسائل لم تُعرف تفاصيل ملموسة عن المخطط، لكن الروح التي يتم بموجبها الإعداد له. فأحد الأهداف هو “إنهاء أهمية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)”. “إنه من المهم، بذل جهد شريف وحقيقي لوقف برنامج الأنروا”، كما كتب كوشنر في إحدى تلك الرسائل الإلكترونية الموجهة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للمفاوضات الدولية، جيزون غرينبلات. ويعلل كوشنر موقفه بالقول “إنها (الأونروا) فاسدة وغير فعالة ولا تساعد السلام في المنطقة”.
تهمة عدم الفاعلية
وبهذا التقييم يتجاوز كوشنر بصفة جذرية السياسة الأمريكية المتبعة إلى حد الآن تجاه وكالة الأنروا. في الحقيقة أُثيرت انتقادات تجاه الوكالة في السابق، لكن الولايات المتحدة ظلت تدعمها منذ تأسيسها في 1949. ورغم بعض التحفظات قيمت الحكومات الأمريكية المتلاحقة إلى حد الآن الوكالة بأنها عامل استقرار في المنطقة.
جاريد كوشنير في البيت الأبيض أثناء استقبال ترامب للرئيس الصيني، أرشيف.
لكن إدارة ترامب اتخذت موقفا آخر: ففي بداية هذا العام قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص الأموال الخاصة بوكالة الأنروا، والعدول عن تحويل مساعدات مالية. وتبريره كان مشابها لما ذكره صهره كوشنر: “لوكالة غير فعالة، كما أن الفلسطينيين يرفضون مباشرة مفاوضات سلام مع إسرائيل”.
وهذه السياسة لها تبعات سيئة جدا، يقول خبير الشرق الأوسط غونتر ماير، مدير مركز البحوث حول العالم العربي بجامعة ماينز. “الولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر داعم للوكالة من خلال مبلغ من 378 مليون دولار سنويا. وإذا انهارت برامج الإغاثة المبنية على ذلك مثل المدارس والتغذية، فإن هذا يعد انتكاسة قوية للفلسطينيين”، يقول ماير في حديث مع DW.
ظروف عيش صعبة
وهذا ينطبق بوجه خاص على الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات. وفي حين تراهم مندمجين في الأردن داخل المجتمع ـ هم يمثلون هناك خمس عدد السكان ـ فإن وضعهم في لبنان صعب. فالكثير من نحو 400.000 فلسطيني الهاربين إلى هناك يعيشون على هامش المجتمع. كما أنهم يكسبون أقل من اللبنانيين مع تساوي مستوى التعليم. وفي الأصل كانت هذه المعطيات تهدف إلى تحفيز عودة الفلسطينيين إلى مناطقهم السابقة، أو ما يسمى بحق العودة. لكن فرص أن يحصل هذا يوما ما تضمحل، وبالتالي فإن الفلسطينيين المقيمين في لبنان في جزئهم الكبير يعولون على الأنروا.
منذ عقود ووكالة الأنروا تقدم المساعدات للفلسطينيين في الشرق الأوسط
بيد أن كوشنر يريد تقليص وجودها في المنطقة. وحسب مجلة “فورين بوليسي”، وخلال زيارة إلى الأردن، في حزيران/ يونيو، ضغط كوشنر على الحكومة هناك لسحب الاعتراف بحق اللجوء لصالح نحو مليوني فلسطيني يعيشون هناك. وإذا حصل ذلك، فإن وجود وكالة الأنروا في البلاد لن يكون له أي معنى. والدعم المالي الذي سيُلغى للأردن يريد كوشنر تعويضه بأموال أمريكية كانت تحصل عليها وكالة الأنروا وأيضا من خلال تبرعات من الدول الخليجية.
الهدف: اندماج أقوى
وبالنسبة إلى الأردن يشكل ذلك اقتراحا يحمل في طياته مخاطر. فالبلد لا يأوي فقط الفلسطينيين الذين هربوا سابقا من إسرائيل وذويهم. فكجار مباشر لسوريا استقبل الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري. والأردن لم يصله إلا جزئيا المساعدات الدولية. فالأمم المتحدة تفيد بأن الدول المانحة لم تحول إلا خمس خمسة مليارات يورو ضرورية للعام الجاري. وفي حال عدم تعويض أموال وكالة الأنروا، فإن الأردن سيقترب من الانهيار المالي.
لكن كوشنر لا ينظر في المقام الأول إلى الجانب المالي، بل هو ينظر إلى شيء آخر: وضع الفلسطينيين كلاجئين. وهذا الوضع يُعترف به ليس فقط للفلسطينيين الهاربين بعد تأسيس دولة إسرائيل، بل أيضا لذويهم. وحسابات كوشنر ترمي إلى سحب الاعتراف بهؤلاء الفلسطينيين كلاجئين. فكوشنر يدعي أن إلغاء وضع اللاجئ سيجعل الفلسطينيين يندمجون أكثر في البلدان المستقبلة لهم.
عائلة فلسطينية في الأردن تتابع خطابا لدونالد ترامب
انتقاد الفلسطينيين
هذه المخططات قوبلت بانتقادات قوية من جانب الفلسطينيين. “الولايات المتحدة ألأمريكية تريد اتخاذ قرار غير مسؤول وخطير وكافة المنطقة ستتألم”، قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية. وحتى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين انتقد روح الرسائل الإلكترونية المسربة. “كل شيء مبني على تحييد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين”، صرح عريقات.
نفس الموقف عبر عنه صلاح عبد الشافي، مدير ممثلية مناطق الحكم الذاتي في النمسا وسلوفينيا، ودافع في مقابلة عن حل الدولتين.
وفي حال نفذت حكومة ترامب مخططاتها بشأن وضع اللاجئين الفلسطينيين، فإن ذلك سيزعج الكثير من شركاء الولايات المتحدة. فقرار الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل لا تريد إلا قلة من البلدان الموافقة عليه. وهذه التحفظات قد تطال توجه جاريد كوشنر. ويبقى مفتوحا هل المندوب الخاص الجديد سيضع العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية على أساس جديد. ومن المحتمل أن نهجه سيقسم المجتمع الدولي.