عراقيون يتندرون بـ «البيتنجانة» و«الدوندرمة» و«الكهوجي» لوصف تماثيل في بغداد والبصرة
أثارت نُصبٌ فنية استغراب مثقفين ومهتمين في مجال الفن، وصفوا اعمالها بالهابطة، وتسيء للذوق العام ولم تخضع لقواعد صحيحة، بحسب وصفهم.
في حين طالبت حفيدة محمد مهدي الجواهري بـ “إعادة صياغة النصب الذي لا يليق بمكانة الشاعر الكبير، وحوّل الجواهري من شاعر عراقي الى بائع للقهوة”، حسب قولها.
ويقول الفنان التشكيلي علي الطائي، لـ “العالم”، ان “اقل ما يقال عن النصب التي انتشرت في عموم محافظات العراق في الآونة الاخيرة بانها (تحرق القلب) ولا تحمل دلالات فنية، وتنم عن هبوط الذوق الفني للقائمين على تلك الاعمال”، مشيرا، الى ان “الوصوليين من الفنانين يعتاشون على طرق ابواب المسؤولين للحصول على مقاولات لإنجاز هذه الاعمال الهابطة”، حسب وصفه.
وبين الطائي، ان “النصب الفنية يجب ان تخضع لقواعد، وان تقوم لجان مختصة بدراسة الافكار والمواضيع (…)، كان النظام السابق يعرض الصور والاعمال على 3 الى اربعة لجان قبل الموافقة على نصبها في الساحات العامة والشوارع”.
وتابع، “الشخص الذي قام بإنجاز تمثال الجواهري (المثير للسخرية) في المركز الثقافي البغدادي يعمل في مجال صباغة السيارات وليس له علاقة بالنحت والفن التشكيلي.. مع كل الاحترام لمهنة صباغة السيارات، الا انه شخص يمتلك قوالب جاهزة يشتغل عليها اغلب اعماله وهي بعيدة عن الذوق الفني والجمال وتسيء للذوق العام”.
من جانبه، قال النحات صالح الكناني، لـ “العالم”، ان “نصب (الجواهري والدوندرمة والباذنجانة)، سيئة وتثير الضحك”، مبينا، ان “سوء التنظيم، والابتزاز من قبل المهندسين يسمح لأشباه الفنانين باشتغال مثل هذه الاعمال الهابطة من خلال صفقات فساد بين الطرفين”.
وتابع، “يجب تفعيل دور نقابة الفنانين في هذا المجال، وكذلك وضع الشخص المناسب في المكان المناسب في اللجان المشرفة على النصب والاعمال الفنية، والبحث عن النوعية لا الكمية وتفعيل عمل جمعية التشكيلين العراقيين”.
من جانبها قالت الفنانة التشكيلية اسراء المظفر، في حديث لـ “العالم”، ان “الافق الضيق للقائمين على الاعمال والنصب الفنية في بغداد وعموم العراق جعل من تلك الاعمال محل سخرية كبيرة في الوسط الفني والمواطنين على حد سواء”.
وبينت المظفر ان “الاعمال الفنية توكل غالبا الى (ابن عمك وابن خالك) وتندرج ضمن المقاولات التي تشوبها صفقات فساد واضحة”.
واوضحت المظفر، ان “اقامة النصب الجديدة هي محاولات لتزيين الاماكن لكنها في الحقيقة عملية تشويه”.
وذهبت الى القول، “هناك بعض الفنانين الشباب يعملون على اعلى المستويات الا انهم لم يجدوا فرصة الظهور بسبب وجود انتهازيين يحتكرون تلك الاعمال بتنسيق مع الجهات المختصة”.
من جهته، قال الشاعر والصحفي احمد عبد الحسين، في حديث مع “العالم”، ان “مجموعة من الهواة بالتعاون مع فاسدين ينجزون اعمالا ليس لها علاقة بالفن العراقي وتماثل اذواق الساسة لتوفير مساحة لسرقة الملايين”.
وبين عبد الحسين، ان “اغلب الفعاليات التي تقيمها وزارة الثقافة بائسة ولا تحمل ادنى درجة من المقبولية لدى المثقف العراقي، ابتداءً من مهرجان الشعر الى مهرجان الاكلات الشعبية وصولا الى النصب الجديدة التي تنم عن ذوق الفنانين والقائمين على الثقافة والفن في البلد”.
وتابع ساخرا، “اعتقد ان نصب الحرية (البيتنجانة)، محاولة لتذكير العراقيين بأيام الحصار الاقتصادي”، اذ كان الباذنجان طبق رئيسي في اغلب الموائد العراقية.. “للاسف، ليس هناك حد ادنى للتغطية على السرقات”.
وزاد، “من المفترض وجود لجان خاصة لاختيار النصب والتماثيل والاشراف عليها، او العمل مع مستشارين من ذوي الاختصاص في مجال الفن”.
وكتب النحات مجيد الصباغ، الذي اشتغل نصب الجواهري، في صفحته على الفيس بوك، ان “رسالتي لذوي الشاعر محمد مهدي الجواهري، أن النصب ليس للشاعر فقط، بل يرمز للإصالة العراقية وهو عبارة عن لوحة جميلة متكاملة المعاني لعراقنا الاصيل”.
وأضاف، “ترمز الدلال الى عروبة واصاله عشائرنا العراقية ويرمز غطاء الدلة الى دور المرأة بنحت تجريدي وهي نصف المجتمع، وتدل قبضتها على الايادي المتصافحة والتي ترمز للسلام والتآخي والمصالحة الوطنية”.
وتابع، “يرمز الميزان الى العدالة الاجتماعية، ويرمز جناح الطير الى الحرية والسلام، ويرمز الشلال الى كردستان عراقنا الحبيب في جباله ومياهه”.
وتقول حفيدة الشاعر محمد مهدي الجواهري، في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، “شكرا للفنان النحات مجيد الصباغ الذي حول الجواهري من شاعر عراقي الى بائع للقهوة.. مع كل الاعتزاز بهذه المهنة”.
غضنفر لعيبي / العالم