مخلفاتها تتراوح بين 6 إلى 10 أطنان مترية من البلاستيك.. وتمثل تهديدًا مباشرًا للكائنات البحرية
450
شارك
الحكمة – متابعة: حذرت دراسة أمريكية من خطورة استخدام “العدسات اللاصقة” بديلًا للنظارات الطبية على البيئة، مشيرةً إلى أنه يجري التخلص مما بين 15% و20% من العدسات اللاصقة عبر إلقائها في البالوعات أو المراحيض، وهى نسبة كبيرة باعتبار أن عدد مستخدمي العدسات اللاصقة في الولايات المتحدة وحدها يبلغ 45 مليون شخص.
وتشير الدراسة، التي تم عرض نتائجها في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للكيمياء، إلى أن التخلُّص من العدسات اللاصقة في مجاري الصرف الصحي يؤدي إلى تلويث المجاري المائية بجسيمات البلاستيك الصغيرة.
يقول “رولف هالدن” –الباحث بمركز الهندسة البيئية الصحية بجامعة “أريزونا”- في تصريحات لـ”للعلم”: “لفت انتباهنا ذلك العدد الكبير من العدسات اللاصقة التي يجري التخلص منها بصورة يومية، ووجدنا أن رحلة التخلص منها تنتهي عند محطات معالجة مياه الصرف، وأن حجم مخلفاتها يتراوح بين 6 و10 أطنان مترية من البلاستيك، ولأنها أكثر كثافةً من الماء، فهي تترسب في القاع، مما يحولها إلى مصدر تهديد للحياة البحرية، وخاصةً الكائنات التي تتغذى في قاع البحر، فقد تبتلع هذه العدسات”.
ولمعرفة مصير العدسات اللاصقة داخل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، قام الباحثون بتعريض خمسة أنواع من البوليمرات التي تدخل في تصنيع العدسات لكائنات دقيقة هوائية ولاهوائية موجودة في المحطة وذلك لفترات متنوعة، واستخدموا تقنية “مطيافية رامان”، وهي تقنية تُستخدم في علم دراسة خصائص المواد. وسُميت بهذا الاسم نسبةً إلى عالِم الفيزياء الهندي ” تشاندراسيخارا فينكاتا رامان”، الذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1930 عن عمله في التبعثر الجزيئي واكتشافه ما يُعرف باسم “تأثير رامان”.
يضيف “هالدن” أن “رصد مصير العدسات اللاصقة يمثل تحديًا كبيرًا لعدة أسباب: أهمها أنها شفافة، ما يجعل ملاحظتها في الوسط المعقد لمحطة معالجة الصرف الصحي صعبًا. كما أن البلاستيك المستخدم في تصنيع العدسات اللاصقة يختلف عن الأنواع الأخرى مثل “البولي بروبلين” الذي يدخل في كثير من الصناعات بداية من بطاريات السيارات وحتى المنسوجات. إذ يتم تصنيع العدسات اللاصقة من مزيج من أنواع متعددة من البلاستيك والسيليكون و”الفلورو بوليمرات” للحصول على خامة رقيقة تسمح للأكسجين بالنفاذ عبر العدسة الى العين”.
أجرى الباحثون مسحًا ضم 139 شخصًا، بعضهم يرتدى العدسات والبعض الآخر لا يرتديها، وتبيَّن أن 19% ممن يرتدونها يتخلصون منها بإلقائها في البالوعات أو المراحيض. كما أجروا اختبارات كثافة على 11 نوعًا من العدسات لتحديد إذا كانت ستُحتجز أو تنفصل في أثناء المعالجة.
يقول “شارلي رولسكي” -الباحث الرئيسي في الدراسة- لـ”للعلم”: “إنه تم إعداد عدة محاليل بكثافات مختلفة ووضع العدسات بها لملاحظة أيها يطفو وأيها يستقر في القاع، وساعد ذلك على التنبؤ بأن العدسات ستستقر في القاع مع المواد الصلبة داخل محطة المعالجة. وفي النهاية تم تعريض مجموعة من العدسات اللاصقة المُصنعة من أنواع مختلفة من البلاستيك لعمليات المعالجة وملاحظة آثار التحلل عليها”، موضحًا أن “العدسات اللاصقة تُسهِم في تلوُّث البيئة بالبلاستيك؛ نظرًا لقدرتها على التكثيف والتراكم ونقل الملوثات العضوية الضارة للبيئة البحرية والبرية من خلال فوهات الصرف الصحي، واستخدام الصرف الصحي المُعالج في الزراعة”.
ويشير الباحث المشارك “فارون كيلكر”، في تصريحات لـ”للعلم”، إلى أنهم لاحظوا وجود تغيُّرات واضحة في الروابط الكيميائية للعدسات اللاصقة بعد التعرُّض مدةً طويلة للميكروبات داخل المحطة.
يضيف “كيلكر” قائلًا: “لاحظنا تغيرات في سطح العدسات وضعفًا في الروابط بين البوليمرات البلاستيكية. فعندما يفقد البلاستيك بعضًا من خصائصه يتعرض للكسر ويتحول إلى جزيئات بلاستيكية صغيرة. وتكمن الخطورة في تغذي الكائنات البحرية بالخطأ على “الميكروبلاستيك”، وهي قطع بلاستيكية يتراوح حجمها بين مليمترين وخمسة مليمترات، ولأن هذه القطع غير قابلة للهضم، فإنها تؤثر سلبيًّا على الجهاز الهضمي للحيوانات البحرية. ونظرًا لكون هذه الكائنات حلقةً من سلسلة غذاء الإنسان، فقد تصل في النهاية إلى طعامه، مما يعرِّضه لملوِّثات بلاستيكية”.
وشدد الباحثون على ضرورة إلزام شركات تصنيع العدسات اللاصقة بوضع تعليمات على عبواتها توصي بالتخلص منها مع المخلفات الصلبة وليس عبر المجاري المائية.