تقرير غربي يؤكد: اختلاف قادة الشيعة وفر فرصة كبيرة للعرب السنة والأكراد لتقديم مطالب ماكانوا يجرؤون على طرحها

211

2-2-2013-01

أكد راديو ” أوستن ” النرويجي في تقرير له عن التحديات التي يعيشها الشيعة في العراق في الفترة الأخيرة، بعد تطور الاعتصامات والاحتجاجات في الأنبار والموصل وتكريت التي يشرف عليها قادة سياسيون سنة من أعضاء القائمة العراقية بالتنسيق والتعاون مع قياديين سنة في المنفى بقيادة طارق الهاشمي اللاجئ إلى تركيا وحارث الضاري الزعيم الديني، وتحول مطالب المعتصمين إلى مطالب طائفية وصلت حد المطالبة بإسقاط حكومة المالكي.

وقال تقرير راديو “أوستن” نقلًا عن مصادر غربية في بروكسل في برنامج أضواء على الشرق الأوسط بث يوم الاثنين، إن الشيعة في العراق يواجهون تحديات خطيرة تهدد نفوذهم في الحكومة وربما يمتد ليؤثر على دورهم كأغلبية في العراق.

وجاء في التقرير “إن أغلب الدبلوماسيين الأوربيين في الاتحاد الأوروبي في بروكسل المهتمين بتطورات الأحداث في الشرق الأوسط، يتفقون على أن اختلاف قادة الشيعة السياسيين ، وفر فرصة كبيرة للعرب السنة والأكراد على تقديم مطالب لم يكن يجرؤون على طرحها في السنوات الماضية ، إذ وجد القادة في القائمة العراقية وجميعهم من السنة إلا بضعة أعضاء من الشيعة ممن لا شعبية لهم وسط الشيعة ، أن الفرصة متاحة لتحريك الشارع السني في العراق لتقديم مطالب تعيد لهم دورهم في رسم الخارطة الأمنية والعسكرية والسياسية في العراق بما يسترد لهم جزءًا من أمجاد سطوتهم في عهد نظام صدام وهيمنتهم على السلطة بالعراق في ظل سياسة قمع دموية للأغلبية الشيعية قل نظيرها”.

وأضاف التقرير ” إن نجاح قادة العراقية ومنهم رافع العيساوي بالتنسيق مع الحزب الإسلامي وطارق الهاشمي الهارب إلى تركيا ، كان العامل المؤثر فيه هو قيام عدد غير قليل من رجال الدين السنة بالتحشيد للتظاهرة ودعوة السنة للمشاركة في الاعتصامات في المدن ذات الأغلبية السنية كالأنبار و الموصل و تكريت ، ومن دون مشاركة ودعوة رجال الدين السنة ، لم يكن ممكنًا تحشيد الشارع السني حتى بلغ عدد المشاركين في صلاة الجمعة أكثر من 1500 خمسة عشر ألف شخص ، في صلاة الجمعة الماضية في الأنبار تحت شعار ” جمعة لانخادع ” وكان يصعب فيما مضى على السياسيين في القائمة العراقية ، تحشيد هذا العدد من رجال الدين السنة وهذا العدد من المشاركين في الاعتصام ، لولا أن الخطاب الديني السني في منصة الاعتصامات، امتاز بطائفية طاغية ، ووصف المتحدثون ، الشيعة بالصفويين والمجوس في إشارة إلى الحكم الصفوي الشيعي في إيران قبل ثمانية قرون وإلى الديانة لبلاد فارس قبل دخول الإسلام ، وهي مصطلحات كانت جزءًا من إعلام نظام الراحل صدام ضد إيران أبان حرب الثمانية سنوات بين العراق وإيران”.

وأضاف تقرير راديو ” أوستن ” : ” المصادر الغربية تتفق على أن هذا التحشيد للعرب السنة في العراق لم يكن ممكنًا بدون مشاركة سعودية و قطرية و تركية ، حيث شاركت في استنفار حلفائها من الأحزاب و السياسيين و رجال الدين من العرب السنة ، إذ استثمرت هذه الدول كل هذا الرصيد من العلاقات بهدف إسقاط حكومة المالكي الذي يواجه بنفس الوقت كراهية من حلفائه في ” التحالف الوطني ” وفي مقدمتهم التيار الصدري والمجلس الأعلى ، إلا أنه بتصديه ورفضه لمطالب وصفها بأنها تصب في خدمة المنتمين لحزب البعث ، من خلال الدعوة إلى إلغاء مواد من الدستور العراقي مثل إلغاء قانون المساءلة و العدالة ، نجح المالكي في توسيع مساحات الدعم الشعبي له في أوساط الأغلبية الشيعية في ظل صمت منافسيه في التحالف الوطني الذين ذهب بعضهم إلى إرسال وفود إلى المعتصمين في الأنبار و سامراء متعاطفين معهم”.

وشدد تقرير راديو” أوستن ” على أن ” ما يجري في العراق من حراك طائفي لتحشيد العرب السنة ضد حكومة شيعية ، ليس بعيدًا عن مشروع دول الإقليم السني التي تضم السعودية و تركيا و قطر و الامارات الموجه ضد إيران ، حيث أقدم المشاركون في اعتصام الأنبار على حرق علم إيران وعلم حزب الله ، كما أطلقت هتافات وألقيت خطب ضد إيران ، وهو ما ذكر العراقيين بخطب صدام وقادة حزب البعث ضد الإيرانيين آنذاك”.

وحذر التقرير : ” من أيام عصيبة قادمة في العراق ، بفعل التحشيد الإعلامي والديني المتشنج لسنة العراق ، الذي سيوفر تأمين متطوعين من شباب السنة على استعداد للانخراط بأية ميليشيات أو مجموعات مسلحة، وهذا يعني المضي نحو التحضير لعمليات عسكرية ذات بعد طائفي ، مما يسارع لإشعال حرب طائفية أو يسارع إلى إعلان تشكيل الإقليم السني الذي سيجد أمامه حليفًا قويًّا، وهم الأكراد الذي يديرون إقليمهم بشكل بعيد عن سيطرة وسطوة الحكومة الاتحادية، بما يشبه عمل أي دولة مستقلة ، بخلاف الدعم المالي و العسكري و الإعلامي و السياسي الذي سيقدم للعرب السنة من قطر و السعودية و تركيا و الإمارات”.

و أكد تقرير راديو ” أوستن ” وجود تورط كبير للإمارات في دعم احتجاجات الأنبار و الموصل و الفلوجة و تكريت ، خاصة و أن أعدادًا كبيرة من قادة الحرس الجمهوري المنحل وضباطه تستضيفهم الإمارات و تقدم لهم كل أشكال الدعم ، و هؤلاء باتوا على تواصل مع اللجان المشرفة على الاعتصامات ، و كانوا ممن شارك في صياغة المطالب الـ 13 للمعتصمين ، و التي قدمها رئيس البرلمان ” أسامة النجيفي ” إلى البرلمانيين وإلى رئيس الحكومة المالكي ، وشددت على ” تبييض السجون ” إي إطلاق جميع السجناء، و بينهم المئات ممن حكم عليهم بالإعدام ، بعد إدانتهم بتنفيذ عمليات تفجير و اغتيال ، وتدعو المطالب أيضًا إلى إلغاء قانون اجتثاث البعث المعروف باسم قانون المساءلة و العدالة ، و إلغاء ” أذان ” الأغلبية الشيعية الذي يدعو إلى الصلاة، و هو ما أثار الشرائح الشعبية الشيعية بشكل كبير ، إذ اعتبرت هذا المطلب بأنه نذر حرب طائفية ضد الشيعة بقيادة دول الإقليم السني”.

وقال راديو ” أوستن إن الجهد الذي بذلته دول الإقليم المتورطة في سورية للخلاص من نظام الرئيس الأسد ، تساهم في خلق مناخات طائفية خطيرة في العراق ، وصولًا إلى تقسيم العراق، وهو ما تعتبره السعودية هدفًا استراتيجيًّا لها ، إذ تخشى من وجود دولة ذات أغلبية شيعية إلى جوارها في ظل تدهور علاقاتها الثنائية معها ، وخشيتها من أن يكون العراق أحد مفاصل الدول التي تعتبرها إيران دول المقاومة لإسرائيل و التي تضم إيران و سورية و حزب الله في لبنان و حركتي حماس و الجهاد الإسلامي في قطاع غزة”.

وحذر راديو ” أوستن ” في تقريره ونقلًا عن مصادر غربية في بروكسل ، من أن استهداف الشيعة في العراق بمشروع سياسي طائفي صريح ، من شأنه أن يعطي المبرر للأغلبية الشيعية للتخلي عن قياداتها المعتدلة ومرجعياتها الدينية ، التي اتسم خطابها بالاعتدال رغم قسوة الخطابات والهتافات التي شهدتها الأنبار و نينوى التي كانت ذا بعد طائفي صريح ، خاصة وأن التفجيرات اليومية مازالت تستهدف الأحياء و المدن الشيعية ، التي بات شيعة العراق مقتنعون بأن وراءها السعودية أكثر من غيرها من دول المنطقة بسبب إطلاق فتاوى تكفر الشيعة من علماء المذهب الوهابي الحلفاء للأسرة الحاكمة في السعودية ، وهذا الاعتقاد لدى شيعة العراق مع انطلاق مشروع سياسي طائفي تمثل في خطابات وهتافات اعتصام الأنبار و الموصل و تكريت و الفلوجة و سامراء ، سيدفع بهم إلى البحث عن قيادات ” ثورية ” تحمي الشيعة من خطر داهم في ظل انضمام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مطالب المعتصمين في هذه المدن، مما تسبب في صدمة لدى كثير من أتباعه وهم من المحرومين و من الفقراء و من أشد المتحمسين للدفاع عن المذهب الشيعي ولهم تجارب في القتال، أثناء فترة وجود القوات الأمريكية في العراق ، وهنا مكمن الخطر كما تعتقد الدوائر الغربية ، لأن ذلك سيتيح لمن يرفع شعارات حماية الشيعة و مواجهة مشروع الإقليم السني ، فرص للفوز بالانتخابات المحلية والتشريعية ، وهذا يعني أن السعودية ودول المنطقة ستجد بعد سنة ونصف ، رجالًا في الحكومة المقبلة تعتبر نفسها أمام مسؤولية حماية شيعة العراق والتصدي بشكل مباشر وعلني للسعودية مما يعني فتح جبهة أمام السعودية ستكون أشد خطرًا من جبهة الحوثيين مع حدودها ، وستكون مثل هذه الجبهة على حساب سعي أسرة آل سعود لتأمين الاستقرار الداخلي لنظامهم في ظل التظاهرات اليومية التي تشهدها المدن السعودية”.

وعلى صعيد متصل ذكر تقرير أميركي نشرته (نيويورك فايلز) يوم الثلاثاء : أن الشيعة في العراق وبعد عشر سنوات من القوة في الحكم ، يتجهون بسرعة نحو خسارة ما حصلوا عليه بفضل الآليات الديمقراطية.

وجاء في التقرير: “كل الدلائل تضع العين على نقطة واحدة ، أن قادة الشيعة السياسيين يضعون مستقبلهم السياسي على متن قارب مثقوب ، فالأزمة التي طالت في البلاد تقوض قوتهم ، و خصومهم الداخليون و الإقليميون أصبحوا أمام طيف واسع من الخيارات الناجحة التي يقدمها لهم قادة الشيعة بشكل مستمر”.

و تحدث التقرير عن نشاط تنافسي بين قطر و السعودية لتوجيه الأحداث في العراق ، بعد أن أدرك مسؤولو الحكومتين أن إمكانية التحكم بالمستقبل العراقي أصبحت متاحة و نموذجية لتقويض حكم الشيعة.

التقرير أشار إلى أن تحرك كل من قطر و السعودية يبدو ظاهريًّا بأنه متعارض ، حيث تعمل قطر على تأجيج الأوضاع على طريقة الربيع العربي ، أما السعودية فإنها لا تزال تميل إلى تنسيقات شخصية في نطاق سري ، لكن في المحصلة فإن جهود الحكومتين تلتقيان في نهاية واحدة هي تقويض القوة الشيعية في العراق ، وإحياء فكرة حكم السنة الذي أطاحت به الولايات المتحدة في أبريل 2003.

ولفت التقرير إلى امتعاض متزايد في عدد من عواصم القرار الغربي من الحالة العراقية ، حيث وضعت الولايات المتحدة تحت تصرف الزعماء العراقيين ، دولة يمكن أن تتحول إلى أرقى نموذج للديمقراطية و البناء و الرخاء في المنطقة ، لكنهم حولوها إلى واحدة من أكثر الدول فشلًا في العالم.

وفي جانب آخر من التقرير، قال إن ما يحدث الآن في العراق “يجعلنا نتوقع ربيعًا أشد عنفًا مما حصل في ليبيا و ما يحصل في سورية حاليا”.

المصدر: “أبنا”

مراجعة  وتدقيق: موقع الحكمة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*