نص خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة، الشيخ عبد المهدي الكربلائي من داخل الصحن الحسيني الشريف 26 ذو الحجة 1439هـ المصادف 7/9/2018

701

قال ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة التي ألقاها من داخل الصحن الحسيني الشريف 26 ذو الحجة 1439هـ المصادف 7/9/2018:

“تتابع المرجعية الدينية العليا، بقلق بالغ تطورات الأوضاع في مدينة البصرة العزيزة وهي تعبر عن عميق ألمها وأسفها لما آلت أليه الأمور مما حذرت منه في أكثر من مرة ولكنها وللأسف لم تجد آذان صاغية لتحذيراتها، واليوم نجدد الإشارة الى عدة أمور:
الأول: نؤكد على رفضنا واستنكارنا المطلق لما تعرض له المتظاهرون السلميون من اعتداءات صارخة ولاسيما بإطلاق الرصاص عليهم مما أدى الى سقوط العديد من الضحايا في صفوفهم وجرح أعداد كبيرة أخرى كما ندين وبشدة الاعتداء على القوات الامنية المكلفة بحماية المباني والمنشآت الحكومية برميهم بالأحجار والزجاجات الحارقة ونحوها مما تتسبب بجرح العشرات منهم، وندين أيضا الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بالحرق والكسر والنهب وغير ذلك.
وبين ان “هذه الممارسات بالاضافة الى كونها غير مسوغة شرعاً وقانوناً تتسبب في أزمات جديدة وتعقد حل المشاكل التي يعاني منها المواطنون في الوقت الحاضر ومن هنا نناشد الجميع بالكف عن هذه الممارسات وعدم استخدام العنف ولاسيما العنف المفرط في التعامل مع الاحتجاجات وتجنب التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة.
الأمر الثاني:
ان الشعب العراقي المظلوم الذي صبر طويلاً على ما تعرض له من سقوط النظام السابق من اعتداءات ارهابية خلف مئات الآلاف من الضحايا والأرمل والأيتام ثم قدم خيرة ابنائه دفاعاً عن العراق ومقدساته في حرب ضروس استمرت طويلا في مواجهة الارهاب الداعشي، وتحمل شرائح واسعة منه الكثير من الأذى والحرمان طيلة 15 عاماً على أمل ان يسفر النظام الجديد عن وضع مختلف عن السابق يحظون فيه بحياة كريمة ومستقرة.
وأضاف ان “هذا الشعب الصابر المحتسب لم يعد يطيق مزيداً من الصبر على ما يشاهده ويلمسه من عدم اكتراث المسؤولين لحل مشاكله المتزايدة وأزماته المستعصية بل إنشغالهم بالتنازع فيما بينهم على المكاسب السياسية ومغانم المناصب والمواقع الحكومية والسماح للأجانب في التدخل بشؤون البلد وجعله ساحة للتجاذبات الاقليمة والدولية والصراع على المصالح والأجندات الخارجية.
الأمر الثالث:
ان ما يعاني منه المواطنون في البصرة وفي محافظات أخرى من عدم توفر الخدمات الأساسية وانتشار الفقر والبطالة واستشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة انما هو نتيجة طبيعية للأداء السيء لكبار المسؤولين وذو المناصب الحساسة في الحكومات المتعاقبة التي بنيت على أساس المحاصصات السياسية والمحسوبيات وعدم رعاية المهنية والكفاءة في اختيار المسؤولين خصوصاً المواقع المهمة والخدمية ولا يمكن ان يتغير هذا الواقع المأساوي اذا شكلت الحكومة القادمة وفق نفس الاسس والمعاير التي اعتدمت في تشكيل الحكومات السابقة
وأوضح الشيخ الكربلائي “من هنا يتعين الضغط باتجاه ان تكون الحكومة الجديدة مختلفة عن الجديدة وان تراعى الكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والاخلاص للبلد والشعب باختيار كبار المسؤولين فيها”.
الأمر الرابع:
لقد انكشف بمتابعة ممثلية المرجعية الدينية، لمشكلة الماء في البصرة مدى التقصير الحكومي في معالجة هذا الملف حيث ظهر انه كان بالإمكان ببعض الجهد وبمبالغ غير باهظة بالقياس الى إمكانات الحكومة تخفيف الأزمة الى حد كبير، ولكن عدم كفاءة بعض المسؤولين وعدم اهتمام البعض الآخر والروتين الاداري والتقاطع بين الجهات المعنية وعوائق من هذا القبيل أدت الى تفاقم المشكلة والوصول الى حد الازمة الخانقة.
وشدد ان “من الضروري ان يقوم أصحاب القرار بالسلطة التنفيذية بالمتابعة المستمرة والجادة للمشاريع الاستراتيجية لاسيما المتعلقة بالبنى التحتية ويتخذوا بشأنها القرارات السريعة الحاسمة وفق ما يراه الخبراء المختصون وعدم ترك الأمور في حال من التقاطع والشد والجذب بين المسؤولين او اعتماد آليات روتينية تعرقل انجاز المشروع الذي لا ينبغي ان يستمر ستة أشهر مثلا الى عدة سنوات.
الأمر الخامس:
انه بالنظر الى استغراق حل العديد من المشاكل القائمة بعضاً من الوقت وعدم إمكانية حلها في مدة قصيرة فان من الضروري ان يظهر المسؤولون جدية واضحة في اتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الصدد بحيث يحصل للمواطنين بعض الثقة والاطمئنان بوجود إرادة حقيقة لإنهاء معاناتهم فانه يساعد على تهدئة النفوس وتخفيف التوترات ومما يساهم في ذلك هو حضور كبار المسؤولين من الوزراء وغيرهم في مواقع العمل ومتابعتهم الشخصة لسير الأمور فيها واستماعهم الى مطالب المواطنين والسعي في تلبيتها مهما امكن لتجاوز الإجراءات الإدارية الروتينية في ذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*