دراسة متطورة تكشف أسرار مجتمع قديم غامض!

379

قدم تحليل الحمض النووي المسترجع من قبور القرن السادس نظرة ثاقبة لم يسبق لها مثيل في فترة غامضة إلى حد كبير من التاريخ القديم.

وتعرضت أوروبا لاضطرابات هائلة من القرن الثالث إلى القرن العاشر، حيث انهارت الإمبراطورية الرومانية الغربية، وسيطرت الجماعات البربرية على المنطقة.

وفي حين تذكر أسماء هذه المجموعات، فإن عدم وجود حسابات مكتوبة موثوق بها، يعني أن معرفتنا بها محدودة، ويجب تجميعها من البقايا الأثرية المنتشرة في أنحاء المنطقة.

وحكمت مجموعة واحدة تسمى “Longobards”، وتعرف أيضا باسم Lombards، مساحات شاسعة من إيطاليا لمدة 200 عام على الأقل، بعد غزوها من المجر.

وتؤكد المقابر المكتشفة في جميع أنحاء أوروبا الوسطى، الروايات التاريخية عن تقدم “Longobards” في جميع أنحاء المنطقة، ولكنها توفر للباحثين القليل فقط عن هذا المجتمع القديم.

وفي دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications، حاولت مجموعة بحثية عالمية تتكون من علماء الوراثة والمؤرخين وعلماء الآثار، تحسين هذا الوضع عن طريق دراسة الشيفرة الوراثية لهؤلاء الغزاة البربريين.

وفحص الباحثون مقبرتين، واحدة في المجر الحالية والأخرى في شمال إيطاليا، تحتويان على بضع عشرات من الجثث.

ودُفنت البقايا بطريقة دقيقة، وغالبا مع قطع أثرية، حيث اعتقد الباحثون أن تحليل الحمض النووي لهذه المجموعات سيساعدهم على فهم المنطق وراء هذه الترتيبات المعقدة.

ويبدو أن الأنواع المختلفة للبيانات الوراثية التي حصلوا عليها، تتطابق مع مجموعات مميزة جدا من الجثث داخل المقبرة.

وتميز أولئك الذين دفنوا مع ممتلكاتهم، محاطين بسلع باهظة تشمل السيوف والدروع للرجال، والمجوهرات للنساء، بأصول وراثية شائعة في شمال ووسط أوروبا الحديثة. كما كانت الجثث المدفونة دون مقتنيات باهظة، ذات صفات جينية أشبه بأوروبا الجنوبية.

وقال البروفيسور، باتريك جيري، من معهد الدراسات المتقدمة: “يبدو أن هذا يشير إلى أن المجتمعات الخاصة كانت تحتوي على مزيج من الأفراد بخلفيات وراثية مختلفة، وأنهم كانوا على دراية بهذه الاختلافات، وأنها أثرت على هويتهم الاجتماعية”.

ويبدو أن اكتشاف هاتين المجموعتين المختلفتين يؤكد النظرية القائلة، إن “Longobards” هاجرت إلى المنطقة من وسط أوروبا أو شمالها، بينما كان سكان الجنوب، على الأرجح، من السكان المحليين.

وأوضحت الدكتورة كريشنا فيراما، عالمة الوراثة في جامعة Stony Brook، قائلة: “تتفق نتائجنا الحالية مع فكرة البرابرة الذين يهاجرون من شمال الدانوب وشرق الراين، ما يوحي بأننا نلاحظ الغزوات التي وصفها الرومان سابقا. ومن المحتمل أيضا أن التنظيم الاجتماعي كان قائما حول مجموعات القرابة البيولوجية الذكورية الكبيرة، ذات المكانة العالية، وكانت هذه العناصر أساسية في إنشاء المجتمعات بعد الهجرة إلى إيطاليا”.

ووجدت الدراسة دليلا على العلاقات الأسرية التي تمتد إلى الأجيال السابقة، حيث دفن الأفراد ذوو الصلة معا في مجموعات.

ويخطط الباحثون الآن لاستخدام مهاراتهم في التحري عن المزيد من مواقع الدفن القديمة، والتعرف على الهياكل الأسرية والاجتماعية من الماضي البعيد.

المصدر: إنديبندنت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*