هل نحن مع الحسين أم ضده؟
أن يكون شخص ما ضد الإمام الحسين عليه السلام، فهذا موقف يثير في نفس الإنسان المسلم عموماً والشيعي على وجه التحديد، مشاعر الاستهجان إلى أقصى حد، فالحسين هو ريحانة الرسول صلى الله عليه وآله وسيد شباب أهل الجنة، بإجماع المسلمين وتواتر الأحاديث النبوية في فضله وعظيم منزلته، وعليه فمن يقف في جبهة مضادة للحسين يصبح بطبيعة الحال في جبهة الظلم والظالمين، أي مع يزيد بن معاوية، وشريكاً لجيش ابن زياد في واقعة كربلاء.
إنها صورة مرعبة تهز الوجدان وتجرح الضمير، ولا يمكن للشيعي أن يتصور للحظة واحدة أنه ينضم إلى صفوف قتلة الحسين، وأن يشارك في سبي أهل بيته والسير مع رافعي رأسه الشريف على الرمح من كربلاء إلى الشام.
يولد الشيعي وهو يتربى على حب الحسين وأهل البيت عليهم السلام. يعيش مراسم عاشوراء بعمق شعوره المتفاعل مع المأساة، حزيناً باكياً متحرقاً وهو يردد مع الخطباء : “ياليتنا كنا معكم سيدي ـ أو سادتي ـ فنفوز فوزاً عظيماً”، وهي أمنية حرمت حقائق الزمن تَحَققها، لكن حقائق العمل الرسالي والارتباط بنهج الأئمة تبقيها حية متجددة حتى تقوم الساعة.
نحن مع فرصة أن نكون مع أهل البيت ومع الحسين في نهضته، في كل يوم.. وأهل البيت عليهم السلام يخوضون صراعهم المرير ضد الظلم والظالمين كل ساعة، من خلال منهجهم وتعاليمهم ووصاياهم. فلقد أرادوا عليهم السلام الإصلاح، وها هو الظلم والابتعاد عن الأصالة الإسلامية ينتشر بيننا ويحيط بنا، وله مظاهره المتنوعة من تطرف وإرهاب وتخلف وطائفية وسرقات وجرائم وتنازع وغير ذلك من مظاهر سلبية نلتقيها تحدث أمامنا تارة، ونساهم بصناعتها تارة أخرى.
لا نتحدث في مقالتنا هذه بأسلوب وعظي، إنما نريد أن نكتشف موقعنا من الحسين عليه السلام، بواقعية مكشوفة. فنحن أمام خيارين محددين:
الأول: مزاعم مجردة بالانتماء للحسين وللتشيع عن طريق الكلام فحسب، من دون عمل. وهذا أمر مقدور عليه بسيط تحققه، وبإمكان الجميع أن يكونوا كذلك. وهذا هو موقف معظم الذين قاتلوا الإمام الحسين عليه السلام، وانضموا لجيش يزيد، فقد كانت قلوبهم معه وسيوفهم عليه، كانوا معه في الكلام البسيط، وكانوا ضده في الموقف الصعب.
الثاني: التزام فعلي بالمنهج الحسيني، من خلال التغيير على أساس الإسلام وإصلاح الفاسد من أمور المسلمين بالعمل، بدءًا من الذات وانتهاءً بالمجتمع، أي الالتزام بالإسلام في التفكير والعمل، في العقيدة والسلوك، وهذه هي صفة أصحاب الحسين وأنصاره والتابعين له وهم شيعته الذين قصدهم أئمة أهل البيت في أحاديثهم الشريفة.
الصورة واضحة لا تشويش فيها ولا تعقيد، أن نكون مع الحسين عندما نلتزم نهجه ونرفع رايته في الإصلاح والتغيير، وأن نكون ضده ـ والعياذ بالله ـ عندما نهمل ذلك ونكتفي بالكلمات الباردة والمشاعر المجانية.
الراية