المرجعية العليا تحث على أهمية العمل وتدعو لحفظ الأمانة الوظيفية وصيانتها من الفساد والإهمال والتقصير
حثت المرجعية الدينية العليا بالنجف المسؤولين على حفظ الامانة المالية والوظيفية واعتبرته من مقومات الاداء الوظيفي الناجح”. مؤكدة على ضرورة ان يكون لدينا شعور بأهمية العمل ووصفته بالأمر المقدس
وتحدث ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة اليوم 15/ربيع الاول/1440هـ الموافق 23/11/2018م: بقوله ايها الاخوة والاخوات ما زلنا في الموضوع السابق (ما هي مقومات الأداء الوظيفي الناجح) وسبق ان بيّنا نحن نتعرض الى المبادئ العامة للنجاح في اداء الوظائف وهذا يشمل الجميع ابتداءً من المسؤول الاعلى الى المدير الى رب العمل الى صاحب الحرفة والمهنة والمعلم والاستاذ والطبيب والمهندس.. المقومات والمبادئ العامة التي تكفل النجاح في أداء الوظيفة والمهمة بحيث تصل الى النجاح الذي نبتغيه..
واضاف “ان العمل واداء الوظيفة امانة الهية ووطنية واخلاقية بعنق كل عامل مهما كان اختصاصه، كالطبيب او المهندس او الاستاذ او الموظف او العامل وحتى في مجالات السياسة والادارة والمال والاقتصاد وغيرها”. موضحا ان من الامور المهمة للنجاح الوظيفي وهذا يشملنا جميعاً وهي (الشعور بأهمية العمل وقدسيته لدى الفرد والمجتمع) ودوره المهم والخطير في تحقيق الهدف من وجود الانسان على الارض ودوره في التطوير وإعمار الارض..
واشار الكربلائي الى ضرورة ان يكون لدينا شعور بأن العمل أمر مقدس وخطير ومهم في حياتنا وسبق ان بينا ان الله تعالى أوكل للانسان مهمة ان يكون خليفته في الارض وايضاً أوكل اليه اداء الامانة الالهية التي تحملها الانسان واوكل اليه عمارة الارض واوكل اليه تطوير الانسان وتطوير حياة الانسان.. متى ما شعرنا ان العمل ومقوماته لها مدخلية كبيرة في تحقيق هذه الاهداف العظيمة ما أعظم خلافة الله في الارض وما اعظم اداء هذه الامانة التي اوكلها الله الينا..متى ما شعرنا ان هذه المقومات واعتبار العمل مبدأ عظيم ومقدس وله قيمة انسانية كبرى وله ارتباط في ان نؤدي مهمة استخلاف الله تعالى في الارض وانه لا يمكن ان تقوم لهذه المهمة قائمة ما لم نلتزم بهذه المقومات والمبادئ التي بينها الاسلام وبينها اصحاب الاختصاص..
وتابع ممثل المرجعية حديثه بقوله حينما اشعر ان العمل مهمة الهية ومسؤولية الهية في الارض حينئذ سيكون هذا العمل له مبدئية وقيمة مقدسة عندي حينئذ سأتحفز واندفع للعمل والجدية والاخلاص في العمل واؤدي هذه المهمة على اكمل وجه سواء كانت هذه المهمة عبادية او اخلاقية او اداء وظيفي عام نحتاج الى هذا الشعور وبهذا الشعور نبتعد عن حياة الكسل والتراخي والتعطيل التي تؤدي الى تأخر المجتمع لذلك لابد ان يكون لدينا هذا الشعور حتى نحقق هذا النجاح الذي نرجوه.
واضاف خلال الخطبة ان من الامور المهمة و (القصد والباعث للعمل)هو ان المؤمن لابد ان يقوي ويرسخ في داخله ان يكون قصده وباعثه ودافعه هو رضا الله تعالى حينئذ سيكون العمل مرتبط بهدف عظيم ومقدس وحينئذ يندفع الانسان للعمل أكثر.. ليس فقط العبادة فانا حينما اكون استاذً في الجامعة او طبيباً او مهندساً او موظفاً او رب عمل او مكلف بمهنة ومهمة اذا شعرت ان اداء هذه المهمة مرتبط بتكليف الهي ومرتبط بتحقيق رضا الله تعالى سأكون اكثر متقناً واكثر اخلاصاً وهذا لابد ان يتوفر للانسان المؤمن..
واشار الى ان يكون القصد والباعث انما هو حب الوطن والتضحية من اجله وحب الشعب، هوية الانتماء الى الوطن وان هذا الوطن هويته وفضله على الانسان هذا الانسان الذي بلغ ما بلغ وتخرج من الجامعة وبلغ ما بلغ من هذه المراتب انما لوطنه ولشعبه فضل عليه.. هذا الانتماء للوطن وحب الوطن قد يدفع الانسان ان يكون جاداً ومخلصاً وصاحب همّة في العمل وكذلك احياناً حب الحرفة والمهنة وحب خدمة الناس هذه العوامل قد تشكل عاملا ً قوياً يدفع الناس للخدمة..على العكس من ذلك حينما يضعف هذا الباعث والدافع عند الانسان يضعف اندفاعه واخلاصه واتقانه للعمل لذلك نلاحظ البعض يربط عمله بأهداف دنيوية وهذه مشكلة لدى الكثير قد يربط عمله واندفاعه بالمال او للحصول على جاه او على ترفيع او على امر دنيوي آخر وهذا الامور زائلة ودنيوية تحصل او قد لا تحصل.. وتراه سيرتبط اندفاعه واخلاصه للعمل بهذه العوامل الدنيوية الزائلة فلا يكون مندفعاً او صاحب همة او ناجحاً في عمله..
وبين الشيخ الكربلائي ان من مقتضيات الايمان حينما اربط هذا العمل بالله تعالى واريد منه رضا الله تعالى حينئذ سيكون لهذا العمل نجاح كبير لأنه ارتبط بالله تعالى وسيكون هناك التسديد والعون والتوفيق من الله تعالى لهذا الانسان..
واشار خلال حديثه ان بعض المجتمعات ربما لا يدينون بدين لكنهم ناجحون في عملهم وبلغوا مرتبة عالية من التطور والتقدم والرخاء والازدهار.. ما هي الأسباب في ذلك؟!
هؤلاء مجتمعات نجد عندهم ان اتقان العمل واتمام العمل يعتبرونه مبدأً مقدساً ومحترماً وعلى الاقل مرتبطاً بوطنهم وشعبهم واحترام العمل وقدسيته ناشيء من ثقافة لدى هذا المجتمع لذلك المجتمع الذي تجد فيه المؤسسات التعليمية والتربوية والاسرية والمؤسسات الوظيفية والاعلامية وغيرها تولي اهتماماً بأن تربي افراد المجتمع على حب العمل وتقديسه واحترامه تجد ذلك المجتمع ناجحاً ويحقق التطور والازدهار..وكلما قلّ اهتمام هذه المؤسسات بتثقيف وتربية المجتمع على احترام العمل واعتباره قيمة مقدسة ومحترمة ولابد ان تكون كذلك عند المجتمع كلما تخلّف المجتمع وتأخر ولم يحقق النجاحات والانجازات في جميع المجالات..ولذلك نحن نأمل ابتداءً من الاسرة نأمل ان كل المؤسسات المعنية لابد ان تثقّف وتربي الفرد والمجتمع على ان العمل مبدأ مقدس ومحترم حتى يكون العمل محبوباً لدى الفرد والكيان الاجتماعي..على العكس من ذلك لو انه لم يربى ولم يثقف وان هذه المؤسسات لم تهتم ولم تولي هذه المسألة اهتمامً ولم تربي ولم تثقف المجتمع حينئذ سيسود لدى المجتمع حب التعطيل والكسل والراحة والخمول والاتكال على الغير ويؤدي الى تخلّف هذا المجتمع عن بقية المجتمعات الاخرى ولا يستطيع ان يحقق الاستفادة من الثروات والامكانات والطاقات..لذلك نأمل من جميع المؤسسات ابتداءً من الاسرة والجامعة والمدرسة والمؤسسات التثقيفية والتعليمية والاعلامية ان تعطي اهتماماً كافياً لتثقيف المجتمع على هذا المبدأ المهم والمقدس بحيث تكون هناك محبوبية واندفاع فبعض الشعوب تجد حركته واندفاعه للعمل بكل قوة هو من تلقاء نفسه ومن ذاته يشعر بهذه المسؤولية العظيمة على عاتقه فلا يقصّر في عمله..على العكس من ذلك ان لم نجد مثل هذا الامر حينئذ سيكون هذا المجتمع محباً للتعطيل والراحة، طبعاً اضافة هناك قضية مهمة وهي النُظم الادارية وانظمة العمل والاجراءات التي تتخذ احياناً المجتمع يُرّبى بالتثقيف الطوعي والاختياري واحياناً يُربّى المجتمع بالاجراءات التي تؤدي الى تطبع الفرد والمجتمع على حب العمل واندفاعه، احياناً تجد مجتمع يحب الكسل والتعطيل والراحة و يخلد الى هذه الامور ومجتمع اخر مندفع محب للعمل ويشعر بأهميته لذلك اخواني ابتداءً من الاسرة لابد ان ان نثقّف اطفالنا ونعلمهم على حب العمل واداء المهام الموكلة اليهم بانفسهم وكذلك في مؤسساتنا الاخرى..
واعتبرت المرجعية ان حفظ الامانة المالية والوظيفية هي من القضايا المهمة فإن العمل وأداء الوظيفة امانة الهية ووطنية واخلاقية في عنق كل عامل مهما كان اختصاص عمله كطبيب او استاذ او مهندس او موظف او عامل وحتى في مجالات السياسة والادارة والمال وغيرها لابد من رعاية حفظ هذه الامانة وصيانتها من الفساد والانحراف والاهمال والتقصير فالتطبيب للمرض والتعليم للطلاب وتقديم الخدمات للمواطنين وادارة شؤون الرعية مِن المسؤول، كلها امانات في رقاب من يتصدى لهذه المسؤوليات وعليهم جميعاً حفظها بكل مقوماتها من القرار الصائب وحسن الادارة ونزاهة اليد وصرف المال وحفظه من الفساد والهدر والتلف وتوظيف القدرات بتمامها في مواردها المقررة ونحو ذلك من الامور التي تحفظ هذه الامانة الوظيفية والمالية..
واضاف ان من المقومات المهمة اخلاقيات المهنة وهذه غير الاخلاقيات العامة فكل عمل ومهنة لها اخلاقيات لابد من معرفتها ومراعاة تطبيقها لكي تستكمل الخدمة الانسانية المرجوة منها وتحقق الهدف، فللتطبيب والتمريض اخلاقياته الانسانية وللتعليم مبادئه وقيمه التعليمية لطالب العلم وللموظف في تقديم ما هو مطلوب من خدمة لعموم المواطنين سلوكيات ومبادئ لابد من مراعاتها وهكذا للسياسي اخلاقيات ومبادئ تُضبط من خلالها كيفية ادارة الامور العامة للناس بما يصلحهم ويحسّن امورهم.
المصدر : موقع نون الخبري