هل من بديل ملائم لأمريكا يدير الإنترنت؟!
ربما كانت الولايات المتحدة منشأ الإنترنت، لكن هذا لا يمنحها حق السيطرة الفردية على إدارة تلك الشبكة الضخمة حسب ما تجادل بذلك العديد من الدول حول العالم والتي تطالب منذ 15 عاما بانتقال إدارة الإنترنت إلى الأمم المتحدة أو منظمات دولية أخرى، الأمر الذي وافقت أميركا أخيرا على تنفيذه، لكن ذلك قد يكشف صعوبة العثور على طرف بديل يتحمل المسؤولية.
ولا تسيطر الولايات المتحدة فعليا على إدارة الإنترنت، حيث تديرها مؤسسة غير ربحية مقرها لوس أنجلوس هي “مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة” (آيكان)، والتي تعتبر الجهة الضابطة للإنترنت والمتخصصة بتوزيع أسماء المجال ونطاقات الإنترنت مثل “دوت كوم” (.com) و”دوت نت” (.net)، لكنها تخضع للقانون الأميركي، مما يعني -بنظر تلك الدول- تحكما أميركيا غير مباشر في تسمية النطاقات ووضع بروتوكولات الإنترنت وتسيير إدارتها.
ويعتبر التحكم الأميركي في الإنترنت تقنيا أكثر منه سياسيا، حيث إنها تتحكم في عدد من الأمور التي تعتبر جوهر الإنترنت مثل “الخوادم الجذرية” (Root Servers) التي يمر عن طريقها كل مستخدم من مستخدمي الإنترنت ليصل إلى أي موقع من المواقع في أي مكان بالعالم، إضافة إلى مسألة تسجيل أسماء النطاقات (Domain Names).
وقد برزت مسألة تحويل إدارة الإنترنت لأطراف دولية أثناء قمتي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جنيف عام 2003 وفي تونس عام 2005، وسط رفض أميركي شديد التخلي عن السيطرة عن إدارة شؤون الإنترنت رغم تهديد بعض الدول بخلق مؤسساتها الخاصة لتسيير الشبكة والتحكم بها، الأمر الذي هدد بتشظي الشبكة العالمية وقلة فاعليتها.
وبعد تصاعد الانتقادات للولايات المتحدة بسبب فضائح التجسس الأخيرة، خرجت إدارة الرئيس باراك أوباما بقرار من شأنه التخفيف من حدة هذا الغضب، إذ أعلنت واشنطن تخليها عن دور الإشراف على الإنترنت بداية من العام المقبل.
وبمجرد إعلانها هذا بدأ الصراع بشأن الجهة التي ستتحكم في إدارة الإنترنت مستقبلا، لا سيما وأن هذه القضية تلعب دورا مهما في تأمين التعامل عبر شبكة الإنترنت، سواء في ما يتعلق بالرسائل الإلكترونية أو تبادل المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.
وبينما يرى الاتحاد الدولي للاتصالات أن مسألة إدارة الإنترنت يجب أن تكون في يد هيئة تابعة للأمم المتحدة، تسعى بعض الدول مثل روسيا والصين وتركيا وعدد من الدول الناشئة للفوز بتنظيم إدارة الإنترنت على المستوى المحلي لتكون لها الكلمة العليا في اختيار العناوين الإلكترونية وتنظيمها.
لكن بعض الخبراء يحذرون من هذه الخطوة التي ستجعل كل دولة قادرة على التحكم في ما يستدعيه سكانها من مواقع على الإنترنت، فتطبيق هذه الفكرة يجعل فتح موقع مثل “تويتر دوت كوم”
(Twitter.com) تحت سيطرة الدولة التي يمكن ألا تسمح بتصفح الموقع الأصلي وتحول المستخدم للنسخة المحلية منه، الأمر الذي يهدد بتشظي الشبكة العالمية وقلة فاعليتها.
وكالات