دعوات عاجلة للالتفات إلى ملف المياه .. ماء العراق ينضب خلال 10 سنوات و«التجارة» خطوة لتأمين مصدر حياتنا

220

9-4-2014-2-d

علي ناجي ..
في غضون 10 سنوات سينضب الماء من العراق إذا لم ينظر البلد لمسألة المياه بعين الجد ويطور أساليبه في التفاوض مع بلدان الجوار، حسب ما قال متخصصون في قطاع الماء.
ودعا مسؤولون في وزارة الموارد المائية ومختصون في هذا القطاع السلطات العراقية المعنية الى تبني نهج جديد في التفاوض مع بلدان الجوار من اجل التوصل الى اتفاق دائم يضمن ادارة المياه بنحو عادل الى البلدان المتشاطئة، فضلا عن الحاجة الى تعديل القوانين العراقية واساليب استعمال المياه في داخل العراق.
ومشكلة الماء في العراق معقدة ولها ابعاد متعددة، تلعب فيها عوامل داخلية وخارجية.
وتتزايد شحة المياه في العراق نتيجة الطلب الكبير لجهة النمو والتنمية، ما يجعل اهمية التوصل الى اتفاقية الآن امرًا اكثر الحاحًا من اي وقت مضى.
فالفشل الممتد على عقود من جانب العراق وتركيا وسورية في التوصل الى ابرام اتفاقية تقاسم مياه نهري دجلة والفرات، يشدد على ضرورة التفكير خارج المربع واتباع استراتيجيات مختلفة.
والأصداء المتشائمة، التي تقول ان المستقبل سيكون مليئا بصراعات على المياه، قد ازدادت مع تزايد شحة الماء. لكن بدلا من السماح للماء ليكون محرضا على اندلاع صراع او ان يستعمل كسلاح في السياسة، فان هناك فرصة كبيرة لاستعمال الماء وسيلة للتعاون.
ففي الماضي، لم يتسبب غياب اتفاقية شاملة بين العراق وتركيا وسورية بشان تقاسم المياه بحدوث احتكاكات بين هذه البلدان لوجود ما يكفي من المياه لإشباع طلب كل هذه البلدان، حسب ما يقول الدكتور مناضل فاضل المهداوي، الخبير في شعبة الموارد المائية الدولية بوزارة الموارد المائية العراقية.
لكن بما ان كمية المياه الواصلة الى سورية والعراق قد انخفضت على مدى السنوات الاربعين الماضية بسبب اقامة سدود ومشاريع ري على المجرى المائي؛ فان عدم وجود اتفاقية قد تسبب بتصاعد التوترات بين البلدان الثلاثة.
المهداوي، الذي كان يتحدث في منتدى السليمانية الثاني بالجامعة الاميركية بالسليمانية، لاحظ ان اختلاف التفسيرات والقضايا الخلافية المتنوعة بين الاطراف الثلاثة المتشاطئة على دجلة والفرات، قد احبط التوصل الى اتفاق على تخصيص الحصص المائية.
مختار الهاشمي، الباحث المشارك بمعهد نيوكاسل لأبحاث الاستدامة، شدد على تعقيد مسالة المياه داخل العراق.
وقال الهاشمي ان “الاستعمال غير المقيد للموارد المائية الشحيحة، يتسم بعدم وجود رسوم ومساعدات مائية وضعف السياسات المائية، مع تزايد الطلب مدفوعا بالنمو والتنمية، والتنافس بين الاستعمالات البيتية والزراعية والصناعية والبيئية.”
وقال ان هذا “الوضع له ابعاد كثيرة، وهناك تحديات عديدة.”
وأضاف “يجب علينا تدريب جيل جديد من المديرين، وإدخال سياسات تسعيرة جديدة، وصياغة لوائح وقوانين جديدة، واقامة سيطرة على التلوث وضمان مشاركة المجتمعات المحلية.”
اندريا كاتاروسي، خبيرة الاستشارة في قطاع المياه ولها خبرة تزيد عن 10 سنوات في العراق، شددت على الحاجة الى اجراء تغييرات قانونية ومؤسساتية في داخل القطاع الزارعي العراقي.
وقالت ان خسائر المياه في الزراعة كبيرة جدا. فما يزيد عن 80 بالمائة من المياه التي تدخل الى العراق تذهب الى الزراعة، و70 بالمائة منها تفقد ولا يمكن استعادتها.
وتقول كاتاروسي ان “التحدي الاكبر هو في اقامة نظام ري اكثر فاعلية. فمع قلة كميات المياه، نحن في حاجة الى زراعة الحجم نفسه من الأرض
وبشان قضايا المياه الخارجية، شدد الهاشمي على الحاجة الى تعاون إقليمي وتنظيم ادارة الطلب على المياه.
وقال “اننا في حاجة الى التشديد على التعاون بين تركيا والعراق وسورية وإيران من خلال اتباع نهج قانوني وتصميم مؤسساتي يتعامل مع الوقائع الجديدة.”
كاتاروسي تقول ان الخطوة الاولى باتجاه التعاون بين هذه الاطراف هي ببناء الثقة بينهم.
وقالت ان “علينا بناء ثقة بين البلدان التي تحتاج الى التعاون بشان المياه، وبإمكاننا البدء ببناء الثقة من خلال مشاركة المعلومات.”
ولاحظت كاتاروسي ان في السنوات القليلة الماضية، بذلت جهود كثيرة للتوصل الى تفهم كامل لما يجري.
وقالت ان العراق “يأخذ بعين الجدية ما يتصل بمشكلاته المائية. لكنه لا يستطيع فعل ذلك بمفرده، فهو يحتاج الى التعاون مع بلدان الجوار. والوقت جوهري في هذا الأمر والتنسيق اكثر أهمية
والتعاون بين البلدان المتشاطئة امر حيوي لغرض المضي الى الامام. لكن الفشل بالتوصل الى اتفاق بعد ما يزيد عن 30 عامًا، يدعو الى تبني نهج مختلف في جهود التوصل الى حل.
ويقول عزام علوش، مؤسس منظمة طبيعة العراق غير الحكومية، “اننا نحتاج الى تغيير الحوار في المنطقة من مستوى “من يملك الماء” الى مستوى “كيف بإمكاننا التعاون.”
وشدد علوش على ضرورة التفكير خارج المربع.
وقال “اننا نحتاج الى سبل مختلفة في فعل الاشياء. لنحاول ايجاد سبل للتسوية وايجاد حل. نحن نحتاج الى اكثر من الكلام ـ نحتاج الى تحريك الكرة الى أمام
وأوضح علوش ان امكانية استعمال التجارة كوسيلة للتوصل الى تعاون اقليمي اكبر حجمًا، مع مساعدة بلدان الجوار بان توفر لبعضها ما تحتاج اليه.
وقال علوش ان “الجارة فرصة. فلا يمكن التفاوض فقط على الماء في تركيا ونربح. لكننا اذا تفاوضنا على التجارة والكهرباء والماء، ستكون عندنا فرصة اكبر للفوز. ومع تزايد حجم التجارة ستقل حدة التوترات.”
ويرى عزام ان التعاون في ادارة الموارد المائية طريق للسلام. وقال ان “عندما تكون هناك إرادة سيكون هناك مخرج، ولدينا الفرصة باستعمال الماء بوصفه شيئا يوحدنا.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*