زواج المرأة من رجل متزوج .. الدوافع والأسباب

627

13-4-2014-3-d

    أثرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية في العراق، على الحياة العامة بشكل ملحوظ، حتى اختلفت معظم الموازين، ووصلت إلى حد أن يكون المتزوجون هم الأكثر إقبالاً على الزواج، فيما ترغب النساء الشابات العراقيات الزواج من شخص متزوج، كونه (مستقراً) مادياً واقتصادياً، ولديه الخبرة في التعامل مع النساء، ولايفضلن الشباب ممن يعانون العوز والفقر والبطالة، حتى وإن كان المتزوج يكبرها بنحو 20 عاماً، وشرطهن الوحيد هو أن يكنّ في معزل عن الزوجة الأولى، أو حتى الثانية.

 يرى الخبير في الطب المجتمعي، رافد علاء الخزاعي :أن زواج المرأة من رجل متزوج، يمكن أن تكون وسيلة تساهم في حل مشاكل متعددة في المجتمع، إذا جرى وفق تفاهمات ورؤى مشتركة بين الأطراف المختلفة، ويمكن من الزواج الثاني أن يتم طبقاً لإيجاد المغريات من الطرفين في طرح شروط سهلة، مثلاً في الشراكة الاقتصادية في تحمل تكلفة الحياة أو من الناحية الطبية والنفسية.

وقال: إن المرأة العزباء وهي في إسقاطتها النفسية تلمِّع صورة الرجل المتزوج التي تريد الزواج منه ، بأنه صاحب تجربة وخبرة في الحياة الزوجية، وخصوصًا أن هناك عددًا من النائبات في البرلمان قد تزوَّجوا حراسهن الشخصيين أو حتى من السائقين الخاصين بهن، رغم أنهم متزوجون، وكذا الحال مع الجامعيات والموظفات والطبيبات تزوجن أصغر منهن سناً ليكون هذا الزوج مكملاً للبريستيج الاجتماعي ولتلبية الحاجات المجتمعية والنفسية والجنسية.

وأوضح أن قرار المرأة بالزواج من رجل متزوج أسهل من قرار الرجل، لأن الرجل يقف أمام تحديات كبيرة إلا من المتمكنين مادياً، ولعل مسئولي الدولة هم الأكثر زواجاً بالثانية أو الثالثة أو الرابعة، نظراً لأوضاعهم المادية التي تفوق الخيال.

فيما يرى القاضي رائد النعيمي، أن عدم جدوى الإجراءات المتبعة في حصول الزوجة على حقوقها إذا ما أوقع الزوج الطلاق عليها خصوصاً إذا لم يكن الزوج موظفاً فإن بإمكان الزوج غير المسئول وغير المنضبط خلقياً أو دينياً أن يتخلص من أعباء الحياة الزوجية وأن يتزوج بأخرى بسهولة دون أن يكون هنالك ما يردعه.

وأضاف إذا علمنا بأن الإحصائيات تشير إلى وجود عدد لا يستهان به من العوانس نتيجة الظروف التي مر بها البلد واللاتي يتمسكن بأي فرصة للزواج، نعلم سبب كثرة حالات الطلاق لذا فإني أرى أن يتم الانتباه إلى الطرق التي تحصل فيها الزوجة المطلَّقة على حقوقها ، فلا يكفي أن تكون الزوجة المطلَّقة تحمل بيدها قرار حكم بإلزام الزوج بأداء حقوقها دون أن يكون لهذا القرار من سبيل لتنفيذه والحصول على هذه الحقوق.

أسباب تبدو مقنعة

قالت (س.ع) شابة عشرينية، حاصلة على بكالوريوس آداب إن الزواج من رجل متزوج ولديه أطفال صار مشاعًا، وهو أمر مشروع بلاشك، وإن كان هناك تفاوت بين الطرفين بالعمر أو بالتكوين أو السلوك، لكن فيه نوع من الاستقرار كون الرجل المتزوج والتمكن مادياً يمكنه من إسعاد زوجته الثانية.

وأضافت : إن معظم الشابات يتمنين أن يتزوجن من شباب بمواصفات خاصة، مثل أن يكون غير متزوج ووسيماً ومثقفاً وغنياً، ولكن صار من المستحيل أن تتوافر كل هذه المواصفات في رجل، وهذا أمر واقع، وقد يوجد رجل بهذه المواصفات لكنه في الأحلام وعلينا أن نعيش الواقع، ونرضى بالنصيب.

غير أن (ن.ج) ثلاثينية، غير متزوجة حاصلة على الشهادة المتوسطة، تشترط فقط أن يكون متديناً و(يعرف حقوق الله) في مراعاة زوجته أو زوجتيه، فإذا كان عنده وازع ديني فلا يظلم أي من زوجاته.

وقالت إن الرجل المتدين يعرف حقوق المرأة تماماً ويمكنه أن يستوعب الاثنتين معاً دون تقصير أو ظلم كما أن لدى الرجال أسبابًا للزواج بالثانية، مثل أن تكون زوجته الأولى مريضة أو غير قادرة على الإنجاب، أو لا توجد تفاهمات بينهما، وحينما يجد لدى الزوجة الثانية كل هذا، سيتعامل معها بغاية اللطف والإحسان.

الضغوط الاجتماعية

شكلت ظاهرة زواج الفتيات الصغيرات من أزواج أكبرهن سناً ومتزوجين من أخريات علامة استفهام كبيرة على قارعة طريق الحياة الاجتماعية للأسرة، ووضعت مخاوف أمام المختصين في الشؤون الاجتماعية باعتبارها ظاهرة تحظى بقبول من الآباء دون تحفظ، طبقًا لما أكدته المتخصصة في شؤون المرأة أثمار شاكر مجيد.

وقالت مجيد :باعتقادي الأسباب وراء تلك الظاهرة هي ضغوط اجتماعية وعدم وجود مراكز ترفيهية من الممكن أن تلجأ إليها الفتاة، فإن الفتاة الشابة لديها طاقات وإمكانيات تحتاج أن تستغل بشكل صحيح، ومؤسسات الدولة والمراكز المختصة لا تعير اهتماماً لتلك القدرات والطاقات وتطويرها، كما أن الإنسان وبصورة عامة هو عبارة عن طاقات، والمجتمع الصحيح هو من يستثمر تلك الطاقات بشكل صحيح، وبما أن هذا الموضوع لم يهتم به بالشكل الصحيح، تلجأ الفتاة إلى مثل هذه الاختيارات ظناً منها أن هذا هو الباب الأفضل لتغيير نمط الحياة، إضافة إلى ذلك، ما تتناوله البرامج الإعلامية بشأن ارتفاع نسبة الإناث وصعوبة الحصول على زوج، وهذا يدفع الفتاة للتفكير في مرحلة مبكرة أن يكون همها الشاغل هو كيفية الحصول على زوج في أسرع وقت ممكن.

وأضافت أن من الأسباب الأخرى التي تجعل الفتاة تلجأ إلى الزواج من رجل متزوج ويكبرها سناً هو المشاكل الأسرية التي تعيش فيها الفتاة باعتبارها بيئة مضطربة وعدم متابعة الأسرة للاختيارات الجادة في حياة الفتاة ، وتعرضها إلى مثل هكذا إغراءات من الممكن أن يدفعها إلى قبول الزواج من رجل متزوج.

وأشارت إلى أن الدوافع الاقتصادية والنفسية كارتفاع نسبة البطالة بين الشباب ما يدفعهم إلى العزوف عن الزواج ويدفع الفتيات للبحث عن زوج متمكن مادياً حتى وإن كان متزوجاً وهذا أحد الأسباب الاجتماعية التي تدفع الفتاة إلى اللجوء إلى مثل هذه الاختيارات والبحث عن مكان آمن نفسياً.

وأوضحت أن مفهوم العنوسة الذي يتداول بالإعلام بشكل خاطئ والذي له تأثير كبير على أعمار معينة من الفتيات أثر سلباً على تفكير صغيرات السن، معتبرة تلك الظاهرة خطيرة وتحتاج إلى حلول سريعة من خلال توظيف إمكانيات وطاقات الشباب بالشكل الصحيح وإيجاد حلول للبطالة التي أنهكت الشباب.

من جهته، يرى الباحث الاجتماعي علي عيسى أن الفتاة ترضى بالرجل المتزوج خوفاً على نفسها من العنوسة التي أصبحت داء خطيراً انتشر في مجتمعنا، وخشيتها من أن تثقل كاهل والديها فترضى بالرجل المتزوج أو حتى المطلق أو الأرمل.

وقال: “تقبل الفتاة بالرجل المتزوج إذا فقدت الأمل في الزواج بتأخرها عن السن المناسبة وإذا كانت ظروفها المعيشية صعبة فتقبل، وتولد لديها قناعة بأنها كبرت في السن ولن ترضى من يقبل بها من الشباب.”

وترى الباحثة الاجتماعية هدى عجيل غضي أن البيئة والمجتمع والظروف عوامل أساسية في تحديد مستقبل الأفراد ذكورًا كانوا أم إناثاً لأنها تفاعلات متداخلة ترسم طريقاً موجهاً يلجأ إليه الكل، ولعل من أهم الأسباب التي جعلت الفتاة تقبل برجل متزوج هو ارتفاع مستوى العنوسة، ونظرة الفتاة والتي تعتبر نفسها في موقع الأفضل والأكثر أهمية بالنسبة للرجل من الزوجة الأولى، وتحول النظرة العامة للأغلبية من العنصر العاطفي إلى العنصر المادي.

وقالت إن الأكثر أهمية في وقتنا الحاضر هو بناء الأسرة إذا ماعلمنا بأن تعرُّض كثير من المجتمعات لظروف أسرية ومشاكل داخلية تشكل ضيقًا خانقًا على الفتاة تبحث من خلاله عن متنفس أو أي وسيلة للهروب منها، فضلًا عن النظرة الضيقة لدى الكثير من الفتيات بأن الرجل المتزوج يتمتع بخبرة أسرية يستطيع من خلالها حسن التعامل والتبادل والحكمة التي قد لا توجد عند المبتدئ، كل تلك العوامل شكلت هذه الظاهرة.

النخيل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*