صيدليات يديرها (وكلاء) وعقوبتهم القصوى الغلق لمدة أسبوعين فقط!

255

15-4-2014-S-12

    ابتسم أبو وائل مستغربا سؤال الصيدلاني عن الذي كتب له وصفة الدواء هذه، على  الرغم من انه يعرف جيدا ان الوصفة التي يحملها طبع عليها اسم وعنوان الطبيب المختص وكذلك اسم العلاج ، لكن الصيدلاني انتبه لغرابة سؤاله مستدركا ومعتذرا بقوله  “أنا لم أفهم العلاج الذي كتبه الطبيب!!، غادر أبو وائل الصيدلية وهو يردد مع نفسه ان المشكلة ليست بالخط بل بكونك لست صيدلانيا ،وللأسف إن الفساد وصل لمهنة الطب التي تتعلق بحياة الناس من خلال هؤلاء المستأجرين يفهم أبو وائل جيدا الظاهرة التي انتشرت أخيرا بلا رقيب أو حسيب وتتعلق بان العديد من العاملين في الصيدليات هم ليسوا بصيدلانيين ، فالصيدلاني (الحقيقي) يكتفي بامتياز إجازة فتح الصيدلية ثم يبيعها بسرقفلية لمن يريد ان يرتزق، ظاهرة خطرة جعلتنا نطرق أكثر من باب لنقف على حقيقتها.

50% من الأدوية مغشوشة ومهرّبة

شنتة كشف للمدى أن معدل الأدوية المتوفرة في الأسواق منها مهربة أو مغشوشة بنسبة 50% ،وهذه ليست موجودة في الأماكن الرئيسة أي في المناطق التي تكتظ بالأطباء بل متوفرة في الصيدليات البعيدة التي غالبا ما تكون في الأقضية والنواحي .

وبين ان هناك عملية غش يتم استخدامها من قبل أشخاص وهم يقومون بإنتاج العديد من الأدوية ذات الكفاءة العالية وسعرها مرتفع أحياناً في دول عدة، ويتم إدخالها البلاد ،إضافة إلى وجود كميات من الأدوية هي أساساً غير مصدرة ،كما نلاحظ ان السعر الموجود في العلبة لا يشير إلى قيمة الدينار العراقي بل إلى عملة ذلك البلد .

بيع الأدوية حسب رغبة الزبون من دون وصفة طبية

يفترش سجاد إحدى البسطيات على الرصيف في منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة التي تضم مجموعة كبيرة من الأدوية وهى أقراص لمنشطات جنسية ومهدئات يشير أن بسطيته تضم العديد و الكثير من الأدوية ، منها مسكنات الآلام والمنشطات الرياضية وغيرها من الأدوية، موضحا ان هذه المهنة كباقي المهن لا تؤثر على المختصين بل على العكس نحن عون للناس لكوننا نبيع الأدوية بأسعار رخيصة جدا،مبيناً : أنا أمارس هذه المهنة منذ فترة وأحقق إيرادات جيدة لي ولعائلتي، ليس لدينا أي تخصص في مجال الصيدلة والطب ونبيع المواد بشكل مباشر وحسب رغبة الزبائن وليس بوصفة طبية وليس لنا أية مشاكل أو تعامل مع الأدوية التي تعطى للمريض من قبل الأطباء ، سجاد أشار إلى أن الحصول على هذه البضاعة يكون من المذاخر وأن التعامل بها لا يحتاج إلى الدراسة ولكن يستطيع بالممارسة ان يتعرف على هذه الأدوية وإيجابياتها وسلبياتها.

نحتاج إلى أشخاص معنا للحماية

هناك رأي آخر للصيدلاني أبو عائشة صاحب صيدلية رفض الكشف عن اسمها في منطقة الأعظمية هو ان ظاهرة وجود أشخاص في العديد من الصيدليات يقومون ببيع الأدوية للمواطنين يعد بالأمر الخطر جداً بسبب أن العديد من الأدوية يتطلب من الصيدلي أن ينصح المريض وكيفية الاستخدام ، أبو عائشة بيّن أن وجود هؤلاء الأشخاص في الصيدليات هو بسبب الظرف الأمني الاستثنائي الحالي الذي يستوجب وجود شخص مساعد في الصيدلية لاعتبارات الحماية فقط ،لكن عدم التدخل (بالبيع إطلاقاٌ )، وعن سؤال عن أعداد الصيدليات الموجودة في المنطقة التي تدار من قبل أشخاص غير صيادلة أوضح ان هناك بالفعل أعدادا لكن هذا الأمر ليس في منطقة معينة وحدها بل في عموم محافظات البلاد وأن نقابة الصيادلة ودوائر التفتيش تقوم بالمتابعة المستمرة بهذا الخصوص ،وحسب علمي ان هناك العديد من الإجراءات الخاصة بالغلق.

العقوبات غير رادعة

خطّاب الغبان صاحب صيدلية الكرنك أوضح أن هناك نسبة تقدر بأكثر من 50% من الصيدليات تعمل بإدارة من غير المتخصصين، وهذا بسبب إجراءات وزارة الصحة والعقوبات المفروضة عليها، الغبان أشار إلى أن هجرة العديد من الصيادلة دفع بهم إلى ترك إداراتها لأشخاص لهم خبرة في هذا الاختصاص أو ممن عملوا لفترات طويلة في هذا المجال ،وهذه حالة مشخصة للجميع، الغبان طالب بأن تكون هناك عقوبة صارمة وفرض غرامة مالية وتحديداً الغلق في حال عدم وجود صيدلي ( صاحب الصيدلية أو من ينوب عنه رسمياً )، لكن نرى ان فرق التفتيش تقوم بمهامها الرئيسة وهي البحث عن الأدوية المسربة من المؤسسات الصحية الحكومية والنافدة الصلاحية وإجازة الممارسة الممنوحة من نقابة الصيادلة ولكن الأهم هو وجود الصيدلي .

فرق التفتيش قليلة قياساً بعدد الصيدليات المتزايد 

الغبان أشار إلى أن الانفلات حصل في ممارسة هذه المهنة نتيجة دخول أشخاص لهم ثقلهم المالي بعد عام 2003، إذ لا يوجد صيدلي يمتلك أرصدة مالية تقدر بملايين الدولارات لغرض استيراد الأدوية .وهذا واقع حال ، واصفا مشكلة ممارسة المهنة من قبل غير ذوي الاختصاص هو بسبب قلة فرق التفتيش التي تعمل ضمن قاطع الرصافة، وهي قليلة جداً قياسا بالزيادة الحاصلة في أعداد الصيدليات التي تتجاوز 2800 صيدلية ،وهذا يتطلب زيادة أعداد الفرق لتمارس دورها الهام فى القضاء على الظواهر السلبية التي ظهرت في هذه المهنة وهي عديدة وليس فقط عدم وجود صيدلي متخصص بحسب وصف الغبان.

صيدليات تروّج للأدوية المخدّرة

أبو محمد عامل في إحدى الصيدليات في الكرادة أن هناك تجارة غير طبيعية في العمل بالصيدليات كون التعامل في الحبوب المخدرة ، مثل فاليوم 10 والموكادون والباركيزول والابكيزول والكيتاجين ،وكلها تأتي بأثمان غالية ، وأوضح ان المشترين من هذه الأقراص خصوصاً الصيدلية التي أعمل بها لديها زبائن يوصلون الدواء إليهم ،فهناك العديد من القرى لا توجد فيها صيدليات فإن شبكات إيصال الحبوب المخدرة وصلت إلى القرى وأوجدت لها هناك زبائن.

الخبير الاقتصادي: تجارة الأدوية الأولى في العراق

الخبير الاقتصادى جهاد حسين بين أن تجارة الأدوية في العراق تعد الأولى في المنطقة بسبب تلك الأرباح الطائلة التي يجنيها القائمون على هذه المهنة وضعف الرقابة،وحسب الدراسات التي قام بها متخصصون كما يقول حسين ان قيمة التعامل في تجارة الأدوية للقطاع الخاص تتجاوز أكثر من عشرة مليارات دولار سنوياً، وبحساب بسيط فإن نفقات أي مواطن عراقي سنوياً على الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها في الأمور العلاجية تقدّر بـ(200) دولار، ولو ضربنا هذا المبلغ بعشرين مليون مواطن نرى قيمة الناتج.

المدى

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*