مؤامرة إقليمية لإفشال الانتخابات النيابية في العراق
نشر موقع العهد اللبناني مقالا اشار فيه الى الادوار التخريبية التي تمارسها بعض الدول الاقليمية في العراق من اجل افشال الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في هذا البلد في الثلاثين من نيسان الجاري. او الاطاحة بالعناصر الوطنية والمجيء بعناصر موالية تساهم في تدمير العراق اكثر مما دمر على يد الجماعات الممولة من قبل تلك الدول.
وجاء فی هذا المقال الذی نشر تحت عنوان ” بغداد وأجندات التخریب فی موسم الانتخابات ” رغم أن الشهور الستة الماضیة شهدت مظاهر ومعالم تفکک وتشظٍّ واضحة للمحور السعودی-الترکی-القطری، عبرت عنها المواقف والتوجهات المتناقضة بشأن جملة من الملفات الاقلیمیة، الا ان مواقف الاطراف الثلاثة حیال العراق بقیت على حالها، وکأن الریاض وانقرة والدوحة التی افترقت على الساحة السوریة، والساحة المصریة، وساحات ومیادین اخرى، اتفقت على عدم التقاطع والافتراق بخصوص العراق، واذا حصل شیء من هذا القبیل فیفترض الا یؤثر على الخطوط والعناوین العامة، وحتى فی حال رأى ای طرف ان مصالحه تقتضی التخفیف والتهدئة، کما هو الامر بالنسبة لترکیا، فیکون ذلک بلا تصعید ضد مواقف الطرفین الاخرین . واضاف : مع انطلاق الماراثون الانتخابی، للانتخابات البرلمانیة المقرر اجراؤها نهایة الشهر الجاری، راحت الاطراف الثلاثة تعمل على تفعیل ادواتها، وتحریك اجنداتها، للوصول الى واحد من هدفین :
الاول: عرقلة اجراء الانتخابات وادخال العراق فی فوضى سیاسیة وامنیة تکون مقدمة لافشال العملیة السیاسیة الدیمقراطیة وانهیار النظام السیاسی الحالی.
الثانی: تقدیم الدعم لجهات سیاسیة معینة، استنادا لاعتبارات طائفیة-مذهبیة، وفی نفس الوقت العمل على احداث شروخ وتصدعات وتقاطعات فی داخل منظومة المکون الشیعی، لاضعافه الى اقصى قدر ممکن.
وتنقل اوساط مطلعة على بعض خفایا الامور، ان الرئیس الامیرکی باراک اوباما طلب من الملک السعودی عبد الله بن عبد العزیز خلال زیارته الاخیرة للملکة اواخر شهر اذار/مارس الماضی، تخفیف التدخل السعودی فی العراق المراد منه افشال الانتخابات البرلمانیة، وتؤکد المصادر ان الملک عبد الله لم یعد اوباما بشیء ایجابی، وانما اکتفى بالرد “یصیر خیر”!.
ولعل من بین ابرز مؤشرات التدخل القطری والسعودی السیئ خلال الموسم الانتخابی، هو تشکیل شبکات تُوجه وتُدار من قبل جهات سیاسیة مدعومة وممولة من الریاض والدوحة لشراء بطاقات الناخبین الالکترونیة فی محافظات الجنوب والفرات الاوسط ذات الاغلبیة الشیعیة، ومن ثم اتلافها.
وفی هذا السیاق، یقول نائب رئیس مجلس محافظة ذی قار ناصر ترکی “ان الاجتماعات الامنیة مع الجهات الاستخباریة وقیادة شرطة المحافظة اکدت توارد مثل هذه المعلومات”، داعیا “المواطنین وخاصة فی القرى والاریاف الى عدم التعامل مع هذه الجهات، والى التمسک ببطاقاتهم والمشارکة بقوة فی الانتخابات التشریعیة المقبلة”.
بینما تتحدث تقاریر استخباراتیة عن قیام بعض دول الخلیج ومنها السعودیة وقطر وکذلک بعض المنظمات المتشددة فی کل من دولة الامارات والمغرب العربی والاردن بتنفیذ اجندات لتمزیق العملیة الانتخابیة فی العراق من خلال شرائها البطاقات الالکترونیة من اجل تجییر اصواتها الى جهة معروفة الولاء والتعامل معها عبر التواصل المستمر طیلة السنوات الماضیة لتمزیق بناء الدولة العراقیة.
وفتاوى المرجعیات الدینیة فی النجف الاشرف بتحریم بیع وشراء بطاقات الناخبین الالکترونیة لم تأت من فراغ، وانما جاءت بفعل خطورة المتاجرة ببطاقات الناخبین التی تعنی المتاجرة بالعملیة الانتخابیة الدیمقراطیة فی العراق، وتضلیل وخداع الناس.
وما یعزز حقیقة بیع بطاقات الناخبین، تأکید مواطنین، بأن هناک اشخاصا باعوا بالفعل بطاقاتهم بمبالغ وصلت الى ثلاثمائة دولار للبطاقة الواحدة.
المؤشر الاخر على التدخل السعودی القطری بصورة سلبیة، اقدام اشخاص غیر عراقیین على الترشیح للانتخابات بعد تزویر وثائق عراقیة ثبوتیة، وهذا ما قام به شخص قطری بمساعدة جهات سیاسیة عراقیة، اسمه نواف حمود نواف الزکروطی الشمری، حیث طرح ترشیحه ضمن قائمة ائتلاف الرماح الوطنی فی محافظة نینوى، وهذا یعد اختراقا خطیرا للغایة، یعکس عمق التدخلات الخارجیة السلبیة.
إلى جانب ذلک، فان تدفق الاموال السعودیة لجهات وشخصیات سیاسیة عراقیة معینة، یشیر بوضوح الى ان الریاض ادرکت منذ وقت غیر قصیر انها عاجزة عن تغییر الواقع السیاسی العراقی بما ینسجم مع مصالحها وتوجهاتها، لذلک راحت فی الوقت الذی ترسل الارهابیین الانتحاریین، وتصدر الفتاوى الطائفیة التحریضیة، وتوظف وسائل الاعلام التابعة لها لتشویه صورة العراق، وتعمل على محاصرته وعزله سیاسیا ودبلوماسیا، واضعافه اقتصادیا، راحت تضخ الاموال لتغییر المعادلات لصالحها، سواء خلال موسم الانتخابات او فی غیره، بید ان معدلات ذلک الضخ اخذت تزداد وترتفع وتیرتها قبیل الانتخابات، ووفقا لتسریبات من داخل کوالیس المکون السنی، ان خلافا حادا نشب بین رئیس کتلة الکرامة الملیاردیر خمیس الخنجر من جهة، واعضاء من کتلته من جهة اخرى بشأن تقاسم اموال تقدر بملایین الدولارات جاءت من الریاض، وهذه لیست المرة الاولى التی یختلف فیها سیاسیون من المکون السنی بشأن اموال واردة من الخارج، وتحدیدا من السعودیة وقطر.
وبالرغم من کل تلك التحرکات، الا ان احدا لا یعتقد ان الریاض والدوحة، ومعهما انقرة، قادرة على تغییر موازین القوى فی الساحة العراقیة، لان الانتخابات ومهما اعترتها نقاط ضعف وتجاوزات وتلاعب وتزویر، سترسم معادلات تعکس طبیعة الترکیبة السکانیة بعناوینها المذهبیة والطائفیة والقومیة، وتعکس واقع وحجم القوى السیاسیة على الارض.
الفرات