الأحذية الصينية تقضي على مهنة الإسكافي في النجف الأشرف

340

21-4-2014-20

    تمر مهنة الإسكافي في مدينة النجف الأشرف بمرحلة الزوال والاندثار خاصة مع دخول الحذاء (الصيني) بكثرة إلى الأسوق النجفية وعزوف الشباب عن العمل بها في المحافظة بسبب النظرة العامة لها من قبل الناس، فغياب الدعم من قبل الدولة للصناعات المحلية وغرق السوق بالبضائع الصينية هي بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على مهنة الإسكافي في مدينة النجف الأشرف.

وقال حسن فلاح (33 سنة إسكافي) إن “السبب الرئيسي في انقراض مهنة الإسكافي هي قلة مقتني الأحذية التي تصنع محلياً من الجلود التي اعتاد ان يلبسها النجفيون من حذاء او شحاطة (نعال) والتي تحتاج الى خياط او صبغ لغلاء أسعارها ولعدم وجود دعم حكومي للمعامل أو للقطاع الخاص ، ورفع الضرائب عن البضائع المستوردة جعل من الصناعة المحلية شيء مستحيل”.

وأضاف فلاح كما أن ” الحذاء الصيني يصعب إصلاحه بسبب سوء المادة الخام المصنوع منها، مما يعني أن مهنة تصليح الأحذية قد تختفي بسبب غزو هذا الحذاء رخيص الثمن للسوق العراقية وفي نفس الوقت صعوبة إصلاحه”.

قديماً، كانت عملية صناعة الأحذية يدوية، بحيث ينجز فردة واحدة في المرة، أما بعد دخول الماكنة في عملية صناعة الأحذية أصبحت صناعة الأحذية التقليدية الحرفية محدودة الآن بسبب كميات الإنتاج الكبيرة من الأحذية الصناعية، والتي قد لا تكون بجودة الصناعة التقليدية وقد لا تهتم بالتفاصيل أو الحرفية.

وعن هذه المهنة قال جواد الإبراهيمي (60 صاحب محل لبيع الجلود) ” قديما كان الإسكافى يقوم بصنع الأحذية الجديدة وإصلاح الأحذية القديمة وكل ذلك يدويا من غير ماكينات للخياطة وكان المنتج حينها أمتن وأجمل بالإضافة إلى أن الجلد المستخدم قديما كان جلدا طبيعيا ولم يكن الجلد الصناعى معروفا حينئذ”.

واضاف الإبراهيمي ” وكان من يريد أن يعمل حذاء يذهب إلى الإسكافى ليأخذ مقاس حذاءه ثم يعطى له موعدا ويختلف الموعد حسب أيام العمل فإن كان وقت العيد أو المدارس فستطول المدة إلى عشرة أيام أو أكثر وإن كان فى أيام الركود فسينتهى من عمل الحذاء فى خلال يومين أو ثلاث، وكان الإسكافى يتميز بـ(صدرية) متسخة من الأصباغ وآثار إصلاح الأحذية”.

وتابع الإبراهيمي ” وعند طلبك حذاء، عليك أن تختار اللون والشكل الذى تريد، وقد استخدم معظم صانعو الأحذية لتشكيل الأحذية قوالب من الخشب، لكنهم الآن يعتمدون على المواد البلاستيكية أكثر، كانت بعض القوالب تبدو مستقيمة، لكن ثمة زوج من القوالب المنحنية، أحدى لفردة الحذاء اليمنى والأخر لليسرى، فبعد اختيارك الحذاء يوضع فى القالب ثم يركب له النعل، وكان الإسكافى يضع جلد الحذاء على القالب ليتطبع وفى نفس الوقت يتمكن من عمل نعل الحذاء، وفى الغاب كان القالب يتكون من قطعتين وكل منهما بها خرم لينزع القالب من الحذاء عن طريق شد القالب من هاذين الخرمين بأداة خاصة لذلك وبعد الإنتهاء من صنع الحذاء يقوم الإسكافى بدهان الحذاء بالصبغة أولا ثم بالورنيش فيصبح الحذاء لامعا وجاهزاً للأستخدام”.

ويرفض أبو مسلم (54 سنة إسكافي) تعليم الصنعة لأبنائه، رغم حبه لها كونها متعبة وليس لها مستقبل, ويرفض أبو مسلم حتى قدوم ابنه الأكبر إلى محل عمله، حتى لا يتعلم المهنة منه, قائلاً “أوافق على عمل ابني في أي شيء غير مهنة الإسكافي، لأنني عانيت كثيراً فيها ولا أريد لأبنائي أن يعيشوا نفس المعاناة”.

وأضاف أبو مسلم “أنا أمام هذا السندان والصندوق الخشبي أجلس على هذا الكرسي الخشبي الذي لا يتجاوز حجمه السنتيمترات في سوق الإسكافيين في ميدان المدينة القديمة في النجف منذ 40 عام”.

ويتابع “بدأت العمل عندما كان عمري 10 أعوام، حيث كنت أعود من مدرستي إلى السوق مباشرة لأساعد والدي في إصلاح الأحذية حتى أتقنت المهنة، وبعد وفاة والدي في عام 1971 لم اتجاوز وقتها 13 عام تركت المدرسة لأصبح أبن سوق أقضي وقتي من الساعة صباحاً حتى السابعة مساءاً هنا بين الأحذية”.

وأوضح ” وهو أمر لا أريده لأبنائي ما دمت حياً فلا مستقبل لهذه المهنة والناس تنظر لها بعين استسغار رغم انها مهنة شريفة والحمد لله افضل من كثير من المهن مع ان البضاعة الصينية لم تجعل للإسكافيين مجال للعمل فلم يبقى إلا القلة القليلة من الإسكافيين في النجف الذين اقتصر عملهم على صبغ وتلميع الأحذية فصناعة الاحذية شيء منقرض إلا ما ندر ممن يحتاجون إلى أحذية خاصة أو طبية”.

ورغم ما يقال عن مهنة الإسكافي يبقى الواقع ان البضاعة الصينية هي رصاصة الرحمة التي ساهمت بشكل كبير في القضاء على الإسكافي.

الدولية نيوز

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*