الصحن الحسيني الشريف يشهد انطلاق فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي العاشر
شهد الصحن الحسيني الشريف انطلاق فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي العاشر تحت شعار (الإمام الحسين(عليه السلام) نورُ الأخيار وهدايةُ الأبرار) وذلك برعاية الأمانتان المقدستان الحسينية والعباسية بحضور ممثلي مراجع الدين العظام ورئيس ديوان الوقف الشيعي وأمناء العتبات والمزارات المقدسة في العراق، وعددٍ كبيرٍ من الشخصيات الدينية والثقافية والسياسية من داخل وخارج العراق بالإضافة إلى الوفود المشاركة في هذا المهرجان.
استُهلّ حفل الافتتاح الذي شهد تغطية إعلامية كبيرة من الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة،وإعلاميين ورموز ثقافية وأدبية وسياسية ،بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وبعد الذكر الحكيم جاءت كلمة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي عن الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، والتي بيّن فيها:
تودّ الأمانتان العامتان للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بشخصي أمينَيْها العامّين وجميع مسؤوليها ومنتسبيها من خدّام الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليها السلام) أن تعبّر عن اعتزازها وسعادتها وفخرها وتتقدّم بوافر امتنانها وثنائها الجزيل وشكرها الوفير لجميع الأحبّة والأعزّة لمن حضروا هذا المهرجان وشاركوا فيه.
“مضيفا” سماحته : أيّها الإخوة والأخوات ونحن نحتفل بمهرجاننا هذا بجوار من جعله الله تعالى نوراً للأخيار وهادياً للأبرار، لتتضاعف مسؤوليتنا ونحن نرى كيف أنّ رقعة الصراع بين المنهج الحسيني المتمثّل بالرحمة والإحسان ونشر العدل واحترام الآخر والتعايش معه بالرفق والقبول والسلام الاجتماعي، وبين المنهج المتمثّل بالوحشية والقسوة وقتل الآخر لا لشيء إلّا لأنّه يُخالفه المعتقد والرأي وعدم القبول بالتعايش معه بسلم وأمان، بل وصل الأمر بأصحاب هذا المنهج أن تُخطَفَ الفتيات الآمنات الطالبات من مدارسهن، وتُروّع الأسر والأمّهات والآباء حتى صارت صورة الإسلام في نظر شعوب العالم لا تحوي إلا منهج وعناوين الخطف والذبح والترويع والتفجير وشقّ الصدور وقطع الرؤوس.
“موضحا ” سماحته: إنّ امتداد مساحة هذا الفكر الجاهلي بممارساته وأفكاره إلى مختلف قارات العالم من آسيا إلى أفريقيا إلى غيرها، وعودة هذه الممارسات بمساحتها العالمية هذه التي ما بُعِثَ محمّد(صلّى الله عليه وآله) وما أوذِيَ ذلك الإيذاء إلّا ليُطهّر مثل هذه القلوب من أدناس هذه الأفعال المشينة، وليُنير العقول بنيّرات الفكر الإلهي، وتتعايش الشعوب تعايش الرحمة والسلام والاحترام، وهذا يجعلنا أمام تحديات مصيرية ومنعطفات تاريخية تشابه تلك التي وقف أمامها الإمام الحسين(عليه السلام) فاختار لها أن يعلو صوته ويجهر بموقفه ويضع نفسه وأهله وأعزّته قرابين على طريقٍ شاءت له الإرادة الإلهية ذلك، وخطّه له جدّه محمّد(صلّى الله عليه وآله) وأبوه أمير المؤمنين(عليه السلام) ليسير عليه.. وها نحن لا يكون لمهرجاننا هذا انعكاسٌ وميدانٌ لهذا النور (نور الأخيار) ومنارٌ لهداية الأبرار إلّا أن نعقد العزم ونمضي بإرادةٍ وثباتٍ وشجاعةٍ وعزمٍ راسخ، على طريق وضوح الرؤية وقوّة الموقف تجاه هذا المنهج -منهج الجاهلية الأولى-“.
“مؤكدا ” سماحته : وفي نفس الوقت لابُدّ من مضاعفة الجهود والخطى لنُظهر للعالم صورة الإسلام الناصعة، ونكثّف من النشاطات العلمية والفكرية التي تصون مجتمعاتنا وأبناءنا وشبابنا من مخاطر هذا الفكر الظلاميّ الجاهليّ ويتسنّى ذلك من خلال أوّلاً التعريف الواسع لمفردات المنهج المحمّدي الحسيني وترجمته إلى واقعٍ مُعاش، وثانياً كشف ضلال وانحراف النهج الآخر -الجاهلي- خاصة في أوساط الشباب والفتية الذين هم الأرض الخصبة -إذا ما تُرِكُوا– ليكونوا وقوداً لنار هذا المنهج المتعصّب، ولابُدّ من اختيار الوسائل المحبّبة المؤثّرة في أوساط هؤلاء الشباب وتنويعها ومنها استخدام الأدب والشعر والقصة والفيلم والمسرح، لذلك من هنا جاء مهرجاننا هذا واسعاً منوّعاً في آلياته ووسائله.
فيما جاءت كلمة السيد صالح الحيدري ديوان الوقف الشيعي التي ألقاها رئيس الديوان ، والتي رحّب فيها بالحضور الكريم في رياض العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية اللتين توقدان مصابيح الفكر والهداية بمنتسبيها لتُشيع نور الحبّ والخير والسلام بين بني البشر.
“مبينا” الحيدري ان الإمام الحسين(عليه السلام) مثلٌ رائع من أمثلة التضحية والفداء وقد اجتهد المؤلّفون والكتّاب من أجل الإحاطة بهذه الشخصية ونهضتها الخالدة ولكنّهم لم يبلغوا مُناهم فالإمام الحسين(عليه السلام) درّة نادرة تُعبّر عن روح الإسلام وتُطلق الإشعاع المحمّدي الأصيل من أجل خير البشر.
موضحا : أنّ ديوان الوقف الشيعي بمؤسّساته للعتبات المقدّسة والمزارات الشريفة اتّجه لإنارة الطريق للجميع ونُعلن لهم أنّنا نعمل من أجل وحدة الكلمة والأمل الصادق في أعماق قلوبنا لنكون الدرع الواقي ضدّ الإرهاب والقتلة والسفّاكين وتكفينا إرادةً وتصميماً توجيهاتُ المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف) لتكون نوراً على نور
“مشيرا” الحيدري : إنّ البشرية وفي فترات طويلة من عمرها تبحث عن وسيلة للتعبير عمّا يختلج في داخل الإنسان –آنذاك- من رغبات وأماني، لتكون مصدراً من مصادر القدرة والحكمة والإبداع والقوة، وذلك من خلال أساطير ابتدعها لتخلق له أبطالاً من عناصر غير طبيعية تكون فاقدة للقدرة على الارتقاء والتطوّر.
ليكون الدور للشعر الفصيح فقد ألقى من لبنان الشاعر المسيحي ميشيل جحى قصيدة بالمناسبة، لتكون بعدها الكلمة لرئيس جامعة الكوثر في العاصمة الباكستانية إسلام آباد الشيخ محسن علي النجفي، والتي بيّن فيها “إنْ ظهر في الآونة أناسٌ يقومون بهتك كافة الحرمات، حتى تفخيخ أجساد الموتى ونخجل من ذكرها أمام العالم، فلعلّ هذا من باب “وإنْ عدتُمْ عدنا”، أي إنْ عدتم بسفك دماء الأبرياء عدنا بإحياء تراث الأولياء وإسقاط شرعية الأشقياء.
اما كلمة الوفود الأفريقية ألقاها الأستاذ محمد محمد جالو سفير جمهورية غانا: نقدم شكرنا عن الوفود الافريقية الى إدارة العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية على تقديمهما دعوةً له من أجل المشاركة في إحياء ذكرى ولادة الإمام الحسين(عليه السلام)..مثمنا الجهود الكبيرة لهذا الكرنفال الكبير وهذا المسعى الجبار في ضم المؤمنين تحت خيمة سيد شباب اهل الجنة.
والقى الشاعر أحمد الماجد من السعودية قصيدة بالمناسبة، لتأتي بعدها كلمة دول البلقان المشارِكة في هذا المهرجان التي ألقاها نيابة عنهم الأستاذ ألكسندر دراكوفيتش، ولحقتها كلمة الوفود الآسيوية التي ألقاها نيابة عنهم الكاتب والباحث الفلبيني أحمد نرزد، لتكون بعدها الكلمة للأستاذ البروفيسور حيدر باش من تركيا والتي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد أمين من جامعة إسطنبول.
وقال عضو اللجنة التحضيرية للمهرجان علي كاظم سلطان هذا كان يوم الافتتاح وسيتضمن المهرجان أمسيات قرآنية وجلسات بحثية لبحوث ودراسات حوزوية وأكاديمية وأماسي في الشعر العربي الفصيح لنخبة من الشعراء من داخل العراق وخارجه بالاضافة الى الشعر الشعبي لنخبة من الشعراء الشعبيين كذلك فقرة للموشّحات والأناشيد الدينية.
“مبينا” سلطان ان المهرجان سيتضمن ايضا فعاليات للوفود المشاركة داخل العتبتين المقدستين وخارجهما كذلك ندوة نسوية في العتبة العباسية المقدسة وإعلان مسابقة الفلم الوثائقي الحسيني بمشاركة دول عربية وأجنبية.
ليكون مسك ختام الافتتاح المهرجان تكريم عددٍ من الشخصيات الكربلائية التي خَدَمَت القضية الحسينية وهم: السيد كاظم النقيب والشيخ محمد علي داعي الحق والمؤرّخ الدكتور سلمان هادي آل طعمة.
العتبة الحسينية المقدسة