المدخل إلى الجنسيّة في الفقه الإسلامي – دراسة مقارنة مع القانون الوضعي
439
شارك
إعداد: د. مصطفى دانش پجوه(*)..
تمهيد في مبدأ فكرة الجنسية في الفقه الإسلامي ــــــ ليس ثمّة عنوان لظاهرة الجنسيّة في الفقه الإسلامي، ولذلك توجد ـ أو يمكن أن توجد ـ نظريّات مختلفة حول هذه الظاهرة والفكرة في الدولة الإسلاميّة، أو في الفقه الإسلامي. وتوضيحاً لذلك نقول: إنّ تقسيم الأرض إلى أقاليم متعدّدة، والمجتمع العالمي إلى دول كثيرة، يستدعي توزيعاً دوليّاً للأفراد، وهذا التوزيع يوجب ظهور فكرة الجنسيّة التي على ضوئها تتمكّن الدول من تعيين أعضاء شعوبها، وبعبارة أخرى: إنّ منشأ ظهور فكرة الجنسيّة هو تعدّد الدول في العالم. وحينئذ، فمن الممكن أن يقال بانتفاء ظاهرة الجنسيّة وفكرتها، انطلاقاً من عدم اعتراف الإسلام بدول متعدّدة ضمن الجغرافيا الإسلاميّة؛ لأنّ دولة الإسلام دولة عالميّة، خصوصاً بالنسبة إلى الدولة المثاليّة، أي دولة المهدي عجّل الله فرجه الشريف([1]). كما أنّ نظريّة نسخ سائر الأديان بالإسلام يمكن أن تعني عدم اعتراف الإسلام بالدول الأخرى غير الإسلاميّة، وبالنتيجة تحمل هذه النظريّة على عدم إقرار الإسلام فكرة الجنسيّة([2])، وهكذا من الممكن إنكار فكرة الجنسيّة في الإسلام، على أساس أنّه ليس في الفقه الإسلامي موضوع تنطبق أحكامه على أحكام الجنسيّة في القانون الوضعي الحديث انطباقاً كاملاً([3]). بيد أنّه ودفعاً لهذه التصوّرات نقول: أوّلاً: إن انتفاء الجنسيّة بتبع انتفاء منشئها ـ أي تعدّد الدول ـ في المستقبل الإسلامي، وقوانين الدولة الإسلاميّة المثاليّة لا يتنافى مع وجود ظاهرة الجنسيّة وفكرتها قبل ذلك الزمان، كما أنّ التاريخ يشهد بذلك. ثانياً: إنّ نظريّة نسخ سائر الأديان والشرائع لا تعني عدم الاعتراف بالدول غير الإسلاميّة، كما أنّ النصوص الفقهيّة خالية عن هذا المعنى، بل إنّها وتطبيقها في التاريخ يحكيان عن اعتراف الإسلام والدولة الإسلاميّة بسائر الدول غير الإسلاميّة، ومع غضّ النظر عن هذا الاعتراف وضمن مبدأ تعدّد الدول قبل دولة المهدي عجلّ الله تعالى فرجه الشريف ـ وإن كان الإسلام لا يعترف بهم بحسب الافتراض ـ لا بدّ للدولة الإسلاميّة من تعيين شعبها وتمييز أبنائها عن الأجانب، ولا يكون ذلك إلاّ بواسطة فكرة “الجنسيّة”، حتى لو لم تسمّ بهذا الاسم. ثالثاً: إنّ عدم انطباق قوانين الجنسيّة الإسلاميّة وأسسها على الجنسيّة الحديثة المعاصرة لا تعني انتفاء هذه الظاهرة في الدولة الإسلاميّة، أو فكرتها في الفقه الإسلامي، تماماً كما لا يعنيه اختلاف الجنسيّة وضوابطها في الدول المختلفة في العالم الحاضر. لكن مع ذلك كلّه نرى أنّ إبطال نظريّة “انتفاء الجنسيّة في الإسلام” لا يكفي لإثبات وجود فكرة الجنسيّة في الفقه الإسلامي، حتّى في صورة الإقرار بوجود ظاهرة الجنسيّة في الدولة الإسلاميّة منذ زمن الرسول الأعظم (ص) إلى زماننا هذا عبر التاريخ؛ لأنّ وجود ظاهرة الجنسيّة في الدول الإسلاميّة كان نتيجة تعدّد الدول في العالم الإنساني لا بدعوةٍ من الإسلام نفسه، ومن الممكن أن يكون تعيين أسسها وقوانينها من صلاحيات الحاكم الإسلامي والدولة الإسلاميّة، لا الفقه الإسلامي. وبعبارةٍ أخرى: إنّ تقسيم المقيمين في إقليم الدولة الإسلاميّة إلى مواطنين وأجانب، واختلاف حقوقهم وتكاليفهم.. لا يعني إقرار فكرة الجنسيّة في الإسلام، بل يلزم ـ مضافاً إلى ذلك ـ تقسيم الأفراد وتعيين حقوقهم وتكاليفهم في الفقه الإسلامي أيضاً. ولإثبات ذلك يجب علينا ـ أوّلاً ـ ممارسة قراءة سريعة لتاريخ الدولة الإسلاميّة وكيفيّة نشوئها، وتكوّن شعبها، وكيفيّة التحاق أعضائها فيما بعد بمواطنيتها، ثم نبحث ـ عقب ذلك ـ بحثاً تحليليّاً عن المجتمع السياسي الإسلامي، أو عن الدولة الإسلاميّة والعنصر الإنساني فيها، أي شعب الدولة الإسلاميّة ومعياريّة عضويّة الأفراد فيها. ونواصل البحث ـ ثانياً ـ عن كيفيّة استكشاف الجنسيّة الإسلاميّة في الفقه الإسلامي ـ وإن لم يفرد لها عنوان فيه ـ وذلك من ناحية ترتّب الآثار على “موضوع ما” على غرار الحال في الجنسية في القانون المعاصر. إثبات الجنسيّة في الفقه الإسلاميّ ـــــــ المبحث الأوّل: قراءة تاريخيّة ـــــــ تكوّنت الأمّة الإسلاميّة بعد الهجرة في المدينة المنوّرة، وإن كان لها كيان قبل ذلك في مكّة المكرّمة، فالدولة الإسلاميّة ـ وبعبارة أخرى المجتمع السياسي الإسلامي ـ شهد تباشيره في المدينة؛ ذلك أنّ أحد أركان الدولة ـ وهو الإقليم ـ لم يتحقّق للرسول(ص) في مكّة، كما أنّ ركنها الآخر ـ وهو الحكومة ـ لم يكن قد تشكّل بعد. أمّا بعد هجرة الرسول (ص) وأصحابه إلى المدينة فقد تكاملت العناصر الثلاثة ـ أو الأربعة ـ لأركان الدولة عنده؛ فقد قامت أوّل دولة إسلامية في المدينة المنوّرة([4]) وكان المسلمون من المهاجرين والأنصار ويهود المدينة الذين التزموا بميثاق المدينة([5]) شعبًا لها. وبعد استقرار الدولة النبويّة في المدينة انشدّ الناس نحو الإسلام أكثر من قبل وخصوصاً بعد فتح مكّة وسائر البلاد، وعند ذلك استجاب كثير من الناس لدعوة الرسول(ص)، وبدأوا يدخلون الإسلام أفواجاً، وبذلك اتّسع إقليم الدولة النبويّة ونما شعبها، وعند ذاك وبسبب نزول آية الجزية([6]) أمكنت عضويّة سائر الكفّار من أهل الكتاب ـ مضافاً إلى يهود المدينة ـ في المجتمع السياسي الإسلامي والانضمام إلى شعب الدولة الإسلاميّة، أمّا سائر الناس من دون هؤلاء فكانوا أجانب. على هذا، نرى أنّ معيار المواطنية في المجتمع السياسي النبويّ ـ أي أوّل دولة إسلاميّة ـ كان يرتكز على أساسين: قبول الإسلام أو قبول العهد [الجزية] من دون النظر إلى قوميّة الفرد أو جنسه أو عنصره أو لونه أو لسانه أو موطنه أو… وباستمرار هذه الدولة في التاريخ بدأ أولاد المسلمين يلتحقون بآبائهم جميعًا ويُعَدّون مواطنين في الدولة الإسلاميّة، وكذلك أولاد الذمّيين كانوا يلتحقون بآبائهم حين بلوغهم سنّ الرشد، أو التكليف على قول، أو مطلقًا ودومًا على قول آخر. نستنتج من هذا أنّه بعد قيام الدولة الإسلاميّة كان يعدّ كلّ من له انتساب إلى الأمّة الإسلاميّة [ المسلمين] أو الدولة الإسلاميّة [أهل الكتاب] شعباٌ للدولة، يتمتّعون بحقوقهم([7])، أمّا سائر المقيمين في دار الإسلام ـ أعني المستأمنين وسائر الكفّار المعاهدين ـ فكانوا أجانب، وهم وإن تمتّعوا ببعض الحقوق إلاّ أنّهم كانوا محرومين من الحقوق الخاصّة بالمسلمين وأهل الذمّة، وهكذا تحقّقت الجنسيّة الإسلاميّة بناءً على الدين أو العهد. واستمرّت هذه السيرة بعد ارتحال الرسول (ص) في عصر وحدة الخلافة([8]) أو في عصر الخلافات المتعدّدة المعاصرة لها([9])، وأخيرًا في عصر الخلافة العثمانيّة([10]) وسائر الحكومات الملكيَّة وغيرها في سائر أنحاء دار الإسلام ـ كإيران مثلًا([11]) ـ على نحو وحدة الدولة وتعدّد الحكومات والأقاليم؛ لأنّ لكلّ مسلم ـ رغم انتسابه إلى إقليمٍ وحكومة ـ حرّية الانتقال من أيّ بلد من بلاد دار الإسلام إلى بلد آخر منها، والإقامة فيها، والتمتّع بحقوق المسلمين كسائر المسلمين المنتمين إليها. أمّا بعد نشوء العلاقات الاستعماريّة بين الدول الإسلاميّة والدول الغربيّة، ونتيجةً لهذه العلاقات أخذت تنفصل الدول بعضها عن بعض، فابتعدت قوانين الجنسيّة عن أساسها الديني، وتلوّنت واصطبغت بلون القوميّة والصبغة الإقليميّة والمواطنيّة بالمعنى الحديث، بحيث يعدّ كلّ من الإيرانييّن والعثمانييّن أجانب في إقليم الآخر([12])، وقد بلغ ذلك أوجَهُ في أواخر العصر العثماني عام 1869م([13])، وفي إيران سنة 1313 هجري شمسي([14])؛ حيث اتخذت التشريعات الجديدة للجنسيّة. المبحث الثاني: نظرة تحليليّة سياسيّة في المجتمع السياسيّ الإسلامي ـــــــ جاءت مقولة الجنسيّة بعد تقسيم العالم وتعدّد الدول، والجنسيّة عبارة عن أداة التوزيع الدولي للأفراد؛ لأنّها تحكي عن صلة الفرد بالدولة المعيّنة. وقد حان الوقت أن نتساءل: هل تقسيم الأرض أمر مقبول في الفقه الإسلامي أم لا؟ وعلى فرض قبوله، ما هو المعيار في التقسيم؟ وعلى أيّ قاعدة يوزّع الأفراد بين الدول؟ من البديهي أنّ الإسلام دين وعقيدة وسياسة، ينظر إلى المسائل السياسيّة من وجهةٍ عقائديّة ودينيّة؛ ولهذا فتقسيم العالم في الإسلام لا ينطلق من الأسس التي ينطلق منها القانون الحديث والعرف المعاصر، بل الإسلام بنفسه يقسّم العالم من وجهة دينيّة إلى قسمين رئيسييّن: دار الإسلام، ودار الكفر([15])، ولكلّ منها فروع. وعلى هذا الأساس، ينقسم الناس إلى طائفتين: طائفة وثيقة الارتباط بدار الإسلام، وهم المسلمون وأهل الذمّة، وطائفة أخرى هم الأجانب، على اختلاف مذاهبهم وحقوقهم في دار الإسلام. وإيضاحًا لذلك نقول: لا شكّ ولا ريب أنّ الدولة الإسلاميّة دولة دينيّة([16])؛ إذ مضافًا إلى سيرة الرسول الأعظم (ص) في ذلك، نشاهد أنّ عناصر هذه الدولة تصطبغ بصبغة دينيَّة، فالسيادة منحصرة بالله تبارك وتعالى([17])، فالحكومة بسلطاتها المختلفة ذات تكوين دينيّ؛ لأنَّ السلطة التشريعيّة والقوانين يجب أن تكون على وفق الشريعة الإسلاميّة([18])، والسلطة التنفيذيّة والحكّام يجب أن يكونوا ملتزمين([19]) بإجراء الشريعة الإسلاميّة في إدارة المجتمع الإسلامي، وهكذا السلطة القضائية والقُضاة فهم مكلّفون بفصل الخصومات وإحقاق الحقوق على طبق الشريعة الإسلامية([20])، وبهذا يكون للدين دور أساسي ورئيسي في تكوّن شعب الدولة الإسلاميّة؛ إذ مع فقدان الأمّة الإسلاميّة لا يتصوّر وجود دولة إسلاميّة. وربّما يتصوّر بعضهم من هذا الكلام ـ أي كون الدولة الإسلاميّة دولةً دينيّة، مضافاً إلى إطلاق الأجنبي على الكفّار مطلقاً ـ في نظرة سطحيّة أنّ شعب دولة الإسلام منحصر بالمسلمين، والكفّار وإن كانوا من أهل الكتاب والذمّة يعدّون من الأجانب([21])، لكن نظرةً فاحصة ودقيقة تدفع هذا التصور الخاطئ؛ لأنّ للأجنبي في اللغة معنيين: أحدهما: من لا ينتمي إلى الأمّة الإسلاميّة، أي ليس من المسلمين، وبهذا المعنى فإنّ جميع الكفّار ـ حتّى أهل الذمّة ـ يعدّون أجانب، ولكن هذا المعنى عقائديّ فقط، لا يلاحظ العنصر السياسي، فهو خارج عن محلّ البحث هنا. ثانيهما: من لم يرتبط بالدولة الإسلاميّة، وبهذا المعنى فإنّ أهل الذمّة ليسوا من الأجانب، بل هم من مواطني الدولة الإسلاميّة([22]) كالمسلمين، على اختلاف مراتب تمتّعهم بالحقوق والواجبات، وهذا ما نبحثه هنا. وبعبارة أخرى: مواطنية الفرد في المجتمع السياسي الإسلامي تابع لعلاقته الوثيقة بالدولة الإسلامية([23])، وهذه العلاقة إمّا أن تحصل عن طريق قبول الإسلام وهو الأصل والأكثر، أو عن طريق العهد والميثاق لواجدي شرائط الذمّة، وهو الأقلّ. ولكن على أيّ حال، ليست للقوميّة والجنس واللون والإقليم والتاريخ وأمثال ذلك من المبادئ اللااختياريّة دور في ذلك الارتباط الذي يسمّى بالجنسيّة؛ خلافًا للجنسيّة الحديثة والمعاصرة؛ وبهذا تدور الجنسية الإسلامية حول أحد عاملين إراديين واختياريين وإنسانيين، هما قبول الإسلام أو قبول العهد، وقبول حقّ الدم أو حقّ الإقليم في الجنسيّة القائمة للدولة الإسلاميّة أمارةٌ على قبول الإسلام أو العهد، لا أنّ لهما الأصالة، وبهذا يظهر الفرق الجوهري بين الجنسيّة في الفقه الإسلامي والجنسيّة في القانون المعاصر. المبحث الثالث: نظرة قانونيّة إلى المجتمع السياسي الإسلامي ـــــــ ينقسم سكّان الدولة إلى مواطنين وأجانب، وفق تمتّع الفرد بالجنسيّة أو حرمانه منها، وبعد هذا التقسيم يتمتّع المواطنون بحقوق أكثر من الأجانب، فالأجانب محرومون من الحقوق العامّة والسياسيّة وبعض الحقوق المدنيّة و… فإذاً الجنسيّة هي العامل الرئيس لتمتّع الفرد بهذه الحقوق أو حرمانه منها. وهذا التمتّع أو الحرّمان في الدولة الإسلاميّة يدور حول قبول الإسلام أوّلاً، أو قبول العهد ثانياً؛ وبهذا يتبيّن أنّ الجنسيّة ثابتةٌ في الفكرة الإسلاميّة القانونيّة، لكن على أساس خاصّ غير الأساس الذي تقوم عليه الجنسيّة في القانون المعاصر. فمثلاً: يتمتع المواطنون [المسلمون وأهل الذمّة] بحقّ الإقامة الدائمة في إقليم الدولة الإسلاميّة، والأجانب[المستأمنون وسائر الكفّار]محرومون منه، كما أنّ المواطنين يتمتعون بحماية دولة الإسلام في مقابل الأجانب والدول الأجنبيّة، أمّا المستأمنون فهم محرومون من هذه الحماية، ومن ناحية أخرى يكلّف المواطنون [المسلمون] بالتجنيد والدفاع المسلّح عن الدولة الإسلاميّة، أمّا الأجانب فليس على كاهلهم هذا التكليف. ويتلخّص ممّا ذكرنا: 1 ـ وجود ظاهرة الجنسيّة في الدولة الإسلاميّة أمر ضروريّ وبديهيّ كسائر الدول؛ لأنّ الدولة الإسلاميّة دولةٌ كاملة العناصر وتامّة الأركان. 2 ـ أصول هذه الجنسيّة أسسها الحاكمة عليها منبثقةٌ من الشريعة الإسلاميّة، وليس من إجراءات الحكومة واختصاصها، إلاّ بحكم ثانويّ أو حكم ولائيّ. 3 ـ دولة الإسلام وإن كانت دينيّة لكن عنصرها الإنساني ـ أي شعبها ـ لا ينحصر بالمسلمين، بل يشمل غيرهم من واجدي الشرائط. 4 ـ تقوم الجنسيّة الإسلامية على أساسٍ إرادي وإنساني، وهو قبول الإسلام أو العهد، دون ملاحظة العوامل الماديّة والحيوانيّة واللاإراديّة، كالموطن، والجنس، واللون، واللغة، والعرق، والقوميّة، والتاريخ وأمثال ذلك، وهذا هو الاختلاف الجوهري بين الجنسيّة الإسلاميّة والجنسيّة المعاصرة الوضعيّة. وبهذا يتّضح دور الفرد وطلبه التمتّع بالجنسيّة الإسلاميّة وحرمانه منها؛ خلافاً للجنسيّة المعاصرة التي يقلّ دور إرادة الفرد في التمتّع بها أو الحرمان منها، خصوصاً بالنسبة إلى الجنسيّة الأصلية([24]). وفي ختام هذا البحث نقوّي ونؤيّد نظريّة “وجود ظاهرة الجنسيّة وفكرتها” في الفقه الإسلامي، وابتنائها على الدين أو العهد بكلمات من علماء القانون الدولي المعاصر، من الباحثين حول الجنسيّة الإسلاميّة ـ ولو إجمالاً واستطرادًا ـ في مقابل نظريّة “إنكار الجنسيّة الإسلاميّة”. يقول الدكتور محمّد عبد المنعم رياض بك: “كان الإسلام عقيدة وجنسيّة في وقت واحد، واعتبر المسلمين أينما كانوا إخوانًا في العقيدة والجنسيّة، والعالم الإسلامي الذي يضمّهم وحدة دينيّة واجتماعيّة وسياسيّة، فهو وطن لكلّ مسلم تحت راية الإسلام”([25]). ويقول الدكتور أحمد مسلم: “أمّا في الشرق، فقد ظهر الإسلام بفتوحه الواسعة وأفكاره الأصيلة عن الأمّة الإسلاميّة وشمولها لجميع المسلمين على اختلاف ديارهم، وعن الدولة الإسلاميّة أو دار الإسلام، ورعايتها للمسلمين ولغير المسلمين المقيمين فيها إقامة دائمة، ممّا يجعل فكرة الجنسيّة في الإسلام تعبّر عن نوعين من الارتباط: الارتباط بالأمة الإسلاميّة، وحينئذ سيختلف مدلولها عن المدلول القانوني للجنسيّة بالمعنى الحديث، أو الارتباط بالدولة الإسلاميّة، وفي هذا يتّفق مدلولها مع الجنسيّة في القوانين الوضعيّة؛ إذ تشمل المسلمين وغير المسلمين كشعب دار الإسلام”([26]). ويقول الدكتور شمس الدين الوكيل: “يتبيّن ممّا تقدّم أنّ التفرقة الحديثة بين مواطن وأجنبي قد توافرت ذواتها في ظلّ الدولة الإسلاميّة؛ إذ قامت التفرقة بين الرعيّة الإسلاميّة، وهو إمّا يكون مواطناً إسلاميّاً أو ذمّياً من أهل الكتاب، وبين المستأمن وهو كلّ من يفد من دار الحرب إلى دار الإسلام فيتمتّع فيها بإقامة موقتة” ([27]). وقال قريبًا من هذه المضامين الدكتور محمّد جعفر جعفري لنكرودي في كتاب “تاريخ حقوق إيران” ([28])، كما صرّح به الدكتور محمّد حميد الله في مقدّمته على كتاب “أحكام أهل الذمّة” حيث قال: “لقد رجّح المسلمون أنّ الدّين أساس للوطنيّة”([29])، وكذلك الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه “آثار الحرب”([30]). أنواع الجنسيّة الإسلاميّة ـــــــ تتنوّع الجنسيّة الإسلاميّة إلى أنواع متعدّدة من جهات مختلفة: الأول: الجنسيّة التأسيسيّة أو الناشئة، والجنسيّة القائمة للدولة الإسلاميّة ـ كسائر الدول ـ جنسيّات بحسب نشوء الدولة([31])، الجنسيّة الناشئة أو الجنسيّة التأسيسيّة، وهي التي تظهر عند نشوء الدولة، وهذه تبتني على أساسين، كما مضى: الأوّل: الإسلام، فلكلّ مسلم علاقتان في زمان واحد، علاقة دينيّة وعقائديّة بالأمّة الإسلاميّة وإن لم تنشأ دولة إسلاميّة في البين، وعلاقة سياسيّة بالدولة الإسلاميّة، وهذه هي الجنسيّة، والدولة الإسلاميّة عندما تنشأ تعدّ كلّ مسلم من أعضاء شعبها. الثاني: العهد، فإنّ كلّ كافر واجد الشرائط انعقدت له الذمّة يعدّ أيضاً من مواطني الدولة الإسلاميّة. الجنسيّة القائمة، وهي التي تتحقّق بعد إنشاء الدولة واستقرارها،وهي على ضربين، كما سيأتي. الثاني: الجنسيّة الأصيلة والجنسيّة الطارئة 1 ـ الجنسيّة الأصيلة، وهي التي تثبت للفرد حين انعقاد نطفته أو عند ميلاده على أحد الأساسين، من حقّ الدم أو حقّ الإقليم على حسب مواردها. 2 ـ الجنسيّة الطارئة، هي التي تثبت للفرد بعد ذلك الزمان، على أساس بعض الأصول في كسب الجنسيّة الإسلاميّة. وجدير بالذكر أنّه كما أنّ الجنسيّة الناشئة الإسلاميّة تبتني على أساس إرادي واختياري ـ وهو قبول الإسلام أو العهد ـ كذلك الجنسيّة القائمة بكلا فرعيها، وخاصّة الطارئة، ومن ذلك ثبت أنّ لإرادة الفرد الجنسيّةَ الإسلاميّة الدور الأكبر والباب الأوسع من الجنسيّة في النظام القانوني المعاصر. الثالث: الجنسيّة الدينيّة والجنسيّة العهديّة قلنا: إنّ الجنسيّة الإسلاميّة ـ سواء الناشئة أو القائمة بكلا فرعيها ـ تبتني على أساسين: قبول الإسلام أو قبول العهد؛ ومن ذلك يمكن تنويع الجنسيّة الإسلاميّة إلى نوعين، وتسميتهما بالجنسيّة الدينيّة ـ أو الجنسيّة الذاتيّة ـ والجنسيّة العهديّة؛ لأن جنسيّة المسلم للدولة الإسلاميّة فرع تديّنه بالإسلام ومن اللوازم الذاتية لقبوله، إذ ليس من الممكن لرجل آمن بالإسلام أو ولد مسلماً ـ وأقام في دار الإسلام ـ أن لا يتمتّع بالجنسيّة الإسلاميّة أو يمتنع عن قبولها، كما أنّه ـ ومن جانب آخر ـ غير المسلمين لا يعدّون من مواطني الدولة الإسلاميّة إلا بالعهد. الرابع: الجنسيّة العالية والجنسيّة العاديّة تنقسم الجنسيّة الإسلاميّة ـ كالجنسيّة المعاصرة ـ إلى نوعين، حسب مقدار تمتّع الفرد بالحقوق والمزايا والتكاليف: الجنسيّة العالية، وهي للمسلمين، والجنسيّة العاديّة، وهي لأهل الذمّة، وهذا ما يختلف عمّا هو عليه القانون المعاصر من جهة الأسس والضوابط؛ لأنّ النظام المعاصر يبني هذا التنويع على أسس غير اختيارية، منها كون الجنسيّة أصيلة، أو كون الفرد من قوميّة خاصّة، أمّا الفقه الإسلامي فكون الجنسيّة أصيلة أو طارئة ـ وكذلك سائر المبادئ اللا اختياريّة ـ لا تؤثر عنده في مقدار تمتّع الفرد بحقوقه، وبتبعها لا تأثير لها في تقسيم الجنسيّة من هذه الجهة، بل يقوم التقسيم على أساس إراديّ واختياري إنساني، وهو قبول الإسلام أو عدم قبوله، فتمام المسلمين ـ سواء كانت جنسيّتهم أصيلة أم طارئة ـ يتمتّعون بالحقوق الفرديّة والاجتماعيّة والسياسيّة كافّة على حدّ سواء، كما أنّ تمام أهل الذمّة محرومون من بعض الحقوق السياسيّة الهامّة والعامّة، وهم يتمتّعون بأقلّ من المسلمين على حدّ سواء فيما بينهم أنفسهم، لكن طريق التمتّع بالجنسيّة العالية لهم مفتوحة بقبول الإسلام، خلافاً للنظام القانوني المعاصر؛ لأنّ باب ذلك مغلق عندهم. الخامس: الجنسية الحكميّة والجنسية الحقيقية هذا التنويع وإن لم يعنون بهذا العنوان في النظام القانوني المعاصر للجنسيّة إلاّ أنه لازم في الجنسيّة الإسلاميّة؛ ذلك أنها ـ كما قلنا ـ قائمة على أحد الأساسين الإراديّين: قبول الإسلام أو قبول العهد، ومن الواضح أنّ من شروط اعتبار الإرادة والأعمال الإراديّة بلوغ الفرد، فعلى هذا؛ كلّ جنسيّة تتحقّق للفرد قبل بلوغه نسمّيها بالجنسيّة الحكميّة، كما أن كلّ جنسيّة تتحققّ له بعد البلوغ والكمال نسمّيها بالجنسية الحقيقيّة، سواء كانت إدامةً للجنسيّة الحكميّة، أم كانت جنسيّة حديثة مستأنفة؛ وهو ما تظهر بعض آثاره في مسألة زوال الجنسيّة. آثار الجنسيّة الإسلاميّة ـــــــ الأجانب الذين يقيمون في دار الإسلام إن كانوا يعيشون في الدولة الإسلاميّة بلا عهد ولا أمان فليس لهم حقّ، حتّى حقّ الإقامة، كما أنّه ليس على الدولة الإسلاميّة مسؤولية تجاههم، أمّا الأجانب الذين يعيشون في كنف الدولة الإسلامية بالعهد ويأخذون الأمان فلهم حقّ الإقامة مدّةً معينة([32])، وعلى الدولة الإسلاميّة الذبّ عنهم وعن أولادهم وأعراضهم وأموالهم في قبال المسلمين وأهل الذمّة، لا أهل الحرب؛ لأنّهم لا يجري عليهم أحكام المسلمين والقوانين العامّة للدولة الإسلاميّة، كما صرّح به الشيخ الطوسي (460هـ) في كتاب المبسوط؛ حيث قال ـ في مقام التمييز بين الهدنة والذمّة ـ ما هذا نصّه: “والهدنة عقد أمان لا تتضمّن جري الأحكام، فاقتضى أن يأمن من جهته من يجري عليه حكم الإمام دون غيره” ([33])، وقال قبل ذلك: “ولو عقد الهدنة لقوم منهم كان عليه أن يكفّ عنهم من تجري عليه أحكامنا من المسلمين وأهل الذمّة، وليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب، ولا بعضهم عن بعض” ([34]). أمّا المواطنون ـ أي المسلمون وأهل الذمّة ـ فلهم حقّ الإقامة الدائمة، كما تجري عليهم أحكام الإسلام، وعلى الدولة الإسلاميّة الذبّ عنهم ذبًّا كاملًا، ومن هذه الجهات يغدو المسلمون وأهل الذمّة سواء. قال الشيخ الطوسي في المبسوط: “وإذا عقد الذمّة للمشركين كان عليه أن يذبّ عنهم كلّ من لو قصد المسلمين لزمه أن يذبّ عنهم؛[ لأن] عقد الذمّة يقتضي أن تجري عليهم أحكامنا وكانوا كالمسلمين” ([35]). لكن الذمّيين محرومون من بعض الحقوق العامّة التي تستدعي علوّهم على المسلمين، الأمر المنهيّ عنه صريحًا في الكتاب المبين؛ لقوله تعالى: < لَن يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً> (النساء: 141)، والنبويّ الشريف: “الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه” ([36])، كما أنه ليس لهم الإقامة في الحجاز، إلى غير ذلك من الترجيحات الأخر بين المسلمين وأهل الذمّة، والمذكورة في سائر أبواب الفقه، كالقصاص والديات، وفي مقابل هذا الحرمان لم يكلّفوا بالدفاع عن الإسلام وداره، بل يجب ذلك على المسلمين فقط([37]). الجنسيّة الإسلاميّة والمبادئ المثاليّة المعاصرة ـــــــ تظهر ـ في ضوء ما قدّمناه ـ العلاقة بين الجنسيّة الإسلاميّة والمبادئ الثلاثة المثاليّة؛ إذ من الواضح أنّ الإسلام يعترف بمبدأ ضرورة الجنسية أكثر من نظام القانون الدولي الخاصّ المعاصر؛ لأنّ الجنسية الإسلاميّة في نوعها الغالب تبتني على أساس الدين، فإسلام الفرد وجنسيّته للدولة الإسلامية مقترنان، وليس من الممكن افتراض إسلامه دون جنسيته في الدولة الإسلاميّة. ويظهر من الإسلام الاعتراف بمبدأ وحدة الجنسية، بل يرى الفقه الإسلامي أنّ تعدّد الجنسية في نوعه الغالب من المستحيل؛ لأنّ التديّن بالأديان المختلفة في زمان واحد غير ممكن، فما دام الفرد مسلماً فهو عضو من أعضاء المجتمع السياسي الإسلامي. أمّا المبدأ الثالث، وهو “إمكان تغيير الجنسيّة” وعدم لزوم دوامها، فتختلف نظريّة الفقه الإسلامي عن القانون المعاصر اختلافاً ما؛ فالإسلام لا يعترف بهذا التغيير كما اعترف به القانون المعاصر؛ لأنّ الجنسيّة الدينيّة للمسلمين على أساس إيمان الفرد بالإسلام، وهذا الإيمان أمر ثابت لا يجوز تغييره، وهذا التغيير وإن وقع في الخارج إلا أنّ الإسلام لا يقرّه، ولهذا لا يعدّ من خرج عن الإسلام كافراً أصليًّا، بل يسمّى مرتدًّا، ولكلّ منهما أحكام خاصّة به، والارتداد لا يوجب تغيير الجنسيّة، وإن استوجب حرمان المرتدّ من أكثر الحقوق، بل أحياناً حقّ الحياة نفسه. أمّا الجنسيّة العهديّة لأهل الذمّة، فهي قابلة للتغيير على تفصيل. * * * الهوامش
________________________________________ (*) باحث متخصص في الفقه الإسلامي، [1] ــــ إسلام وحقوق بين الملل، دكتر محمّد رضا ضيايي بيكدلي: 77. [2] ــــ مثلاً: برنارد لوئيس ومجيد خدّوري؛ أنظر: فقه سياسي، عميد زنجاني 3: 337. [3] ــــ مؤتمر القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام؛ وانظر: تحقيق در دو نظام حقوق بشر از ديدكاه إسلام وغرب، علاّمه محمّد تقي جعفري: 459. [4] ــــ القانون الدولي العامّ، دراسة ومقارنة، الدكتور نعمة عبدالله عبدالباقي: 168؛ الدولة والسيادة، فتحي عبدالكريم: 131. [5] ــــ سيرة ابن هشام 1: 503. [6] ــــ التوبة 29: >قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالله وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ<. [7] ــــ القانون الدولي الخاصّ، الدكتور أحمد مسلم: 82. [8] ــــ وهو ما يسمّى بالخلافة الراشدة والأمويّة والعبّاسية. [9] ــــ خلافة الأموي في المغرب، والفاطمي في مصر، والعبّاسي في الشرق. انظر: معالم الخلافة، محمود خالدي: 10. [10] ــــ حقوق بين الملل إسلامي، دكتر سيّد خليل خليليان: 139. [11] ــــ تاريخ حقوق إيران، دكتر محمّد جعفر جعفري لنكرودي: 346. [12] ــــ حقوق بين الملل خصوصي، دكتر محمّد نصيري: 47. [13] ــــ القانون الدولي الخاص، الدكتور أحمد مسلم: 141. [14] ــــ مجموعة قوانين اساسي ومدني، غلام رضا حجّتي اشرفي، الهامش لمواد: 976 ـ 998. [15] ــــ آثار الحرب، الدكتور وهبة الزحيلي: 166؛ الكتب الفقهيّة، مبحث الجهاد. [16] ــــ حقوق روابط بين الملل دار إسلام، محمّد حميدالله، ترجمة: دكتر سيّد مصطفى محقّق داماد: 162. [17] ــــ البقرة: 30؛ أيضاً قانون أساسي جمهوري إسلامي ايران، (الدستور الإيراني) المادّة: 56؛ وأيضاً: حقوق أساسي ونهادهاي سياسي، دكتور أبو الفضل قاضي شريعت پنهاهي: 146. [18] ــــ قانون اساسي جمهوري إسلامي إيران، المادة الرابعة. [19] ــــ اعتبار شرط الإسلام والعدالة لتصدّي مناصب الدولة. [20] ــــ القرآن الكريم: >وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ / الظَّالِمُونَ / الْفَاسِقُونَ<. المائدة: 44، 45، 47. [21] ــــ مبادئ القانون الدولي الخاص، الدكتور عبدالمنعم رياض بك: 77، 209. [22] ــــ إسلام وحقوق بشر، مارسل بوازار، محسن مؤيّدي: 100، 106؛ القانون الدولي الخاص، الدكتور أحمد مسلم: 332. [23] ــــ آثار الحرب، الدكتور وهبة الزحيلي: 12؛ القانون الدولي الخاصّ، الدكتور أحمد مسلم: 177. [24] ــــ أحكام أهل الذمّة، ابن القيّم 1: 86؛ مقدمة في علم السير، الدكتور محمّد حميد الله، حقوق روابط بين الملل دار إسلام، محمّد حميد الله: 204. [25] ــــ مبادئ القانون الدولي الخاص، الدكتور عبدالمنعم رياض بك: 77. [26] ــــ القانون الدولي الخاص، الدكتور أحمد مسلم: 82. [27] ــــ الجنسيّة ومركز الأجانب، الدكتور شمس الدين الوكيل: 168. [28] ــــ تاريخ حقوق ايران: 345 ـ 350. [29] ــــ أحكام أهل الذمّة، المقدّمة: 89. [30] ــــ آثار الحرب، الدكتور وهبة الزحيلي: 178. [31] ــــ المصدر نفسه. [32] ــــ قال الشيخ الطوسي في المبسوط 2: 37: bفالهدنة عقد أمان إلى مدّةv؛ وقال أيضاً في صفحة 42: bفأمّا المستأمن والمعاهد فهما عبارتان عن معنى واحد، وهو من دخل إلينا بأمان لا للبقاء والتأبيدv. [33] ــــ الطوسي، المبسوط 2: 59. [34] ــــ المصدر نفسه. [35] ــــ المصدر نفسه. [36] ــــ بحار الأنوار، العلاّمة محمّد باقر المجلسي 39: 47، حديث 15. [37] ــــ النساء: 141. المصدر : نصوص معاصرة