نازحات المناطق الساخنة يروين من النجف الأشرف قصص إجرام داعش

361

19-8-2014-S-08

النجف الأشرف – الحكمة (خاص): آلاء الشمري

      قصص وحكايات مؤلمة وحزينة ترويها النازحات من المدن الساخنة من تلعفر وآمرلي وكركوك وطوزخرماتو وغيرها الى محافظة النجف الأشرف التي استقبلت عشرات الآلاف من العوائل المهجرة قسرا من مساكنها بعد سيطرة العصابات الإرهابية على مدنهم وقراهم على وجه الخصوص، واستباحوا فيها حرمة البيوت وأوجاع المرضى وعجز النساء المسنات، ولوثوا براءة الأطفال بجرائمهم وتهديدهم بالقتل الجماعي من دون سابق انذار.

 النازحات المتواجدات في المواكب والحسينيات المنتشرة على طريق يا حسين الرابط بين النجف الأشرف وكربلاء المقدسة واللائي تمكنّ من الهرب من قبضة (الدواعش) خشية البطش بهن .. رويّن بألم حكايات خلاصهن وقصص هروبهن وبدموع حارة على فقد العديد من أشقائهن وأقربائهن الذين قتلوا بطريقة بشعة بعيدة عن الإنسانية.

تروي أم حسن التي فقدت ابنها الوحيد وأربعة وخمسين فردا من عشيرتها جراء الهجمة الشرسة، لها من الصغيرات خمس .. قروية تمتلك وعائلتها غنما ومواشي ومزارع تعيش على ما تهبه لها وهم من العائلات المعروفة والميسورة هناك، أيامهم وساعاتهم هادئة وبسيطة يتبادلون الخيرات والحب فيما بينهم.

تقول هذه المراة: “كنا نحيا بسلام وأمان وفي غفلة هجم علينا المسلحون وأحاطوا قريتنا من كل الاتجاهات، فلم يكن بمقدورنا الهرب .. أعلنوا من خلال مكبرات الصوت ان نخلي بيوتنا ونترك كل ممتلكاتنا وحلالنا ونخرج بملابسنا التي نرتديها .. استولوا على كل شيء بسرعة .. وحينما تجمعنا في مكان واحد عزلوا الشباب واقتادوهم الى مسجد القرية، وهناك أقفلوا الباب وفجروا المسجد بمن فيه، أما الفتيات فقد اختاروا منهن ما يحلو لهم وقاموا بتزويج النساء قسرا لأفرادهم، وأمرونا بمغادرة القرية بلا رحمة على أطفالنا الذين تعرضوا للمرض أثناء سيرنا لمسافات طويلة، وآخرون لم يتمكنوا من مقاومة حرارة الشمس القوية والعطش من اكمال مشوار الذهاب الى المجهول !! نحن الآن في ضيافة العتبة العلوية المقدسة التي كانت لنا خير عون .. فقد وفرت لنا ولأطفالنا كل شيء، حليب الأطفال والحفاظات والملابس والأغذية واللقاحات والأغطية وهذا نلمسه كل يوم منهم، نتمنى ان نعود الى ديارنا وثقتنا عالية بجيشنا الذي سيطهر مناطقنا ويدعونا الى العودة”.

أما الحاجة سعدية محمد من قرية شبك فبالكاد تمكنت من الحديث معها، اذ لم يمنحها الحزن على فقد أبنائها الاستراحة أو النوم أو الكلام مع أي كائن بشري لقد اقتاد الإرهابيون ولديها وقتلوهما أمام عينيها .. تبكي بحرارة وتتحدث بصوت خافت قائلة: “كنت لا أروم المجيء مع أبناء قريتي أردت الموت معهما هناك في قريتنا”.

مضيفة: “لم أعد أملك شيئا في هذه الحياة بشاعة (داعش) وجبنهم من شجاعة شبابنا دفعتهم الى التخلص منهم، أدعو الله ان يرمي بأسه عليهم ويجعلهم هباءا منثورا”.

قصص النازحين من الموصل وأعجوبة نجاتهم من أيدي القتلة الظالمين كانت زاخرة بالأحداث والمواقف الإنسانية التي تدل على اللحمة بين أبناء المدينة والقرية في أوقات المحن والأزمات .. تروي احدى النساء انها رافقت ابنة خالتها التي كانت حاملا بشهرها التاسع بعد ان تركت والديها المسنين مع أحد اقربائها في مسيرة النزوح .. حدث ان جاءها المخاض في الطريق ولم تكن تمتلك أيا من أدوات التوليد أو الخبرة، استعانت بامرأة مسنة وأخرى قريبة لها لمساعدتها في الولادة .. وبعد معاناة ومخاطر صحية ولدت صبيا، الا ان الأم توفيت بعد ساعات من الأمر، فلم تتحمل شدة الألم والمسير، والقصة ذاتها سمعتها من امرأة أخرى تحدثت عن بعض النساء اللواتي ولدن في الطريق وتسببت أوجاع الولادة وفقدان الماء وغيرها مما تحتاجه اي امرأة في هذه اللحظة الى هذه الكارثة الانسانية.

الحاجة ام ماجد التي بدت متألمة من هول الصدمة ومن معاناته من مرض السكر تتحدث بحسرة: “تهجرنا قسرا وبقوة السلاح والتهديد غادرنا حياتنا وبيوتنا على عجل كي نستر على بناتنا ونسائنا”.

مسترسلة: “أرغمونا على تسليم أبنائنا لهم وهم عزل لا يحملون السلاح بالكاد تمكنت من اخراج ولدي من الهجمة الشرسة كي أحافظ عليه من بطشهم أما الآخر فلا أعرف مصيره حتى الآن”.

وتابعت ام ماجد: “القرية كلها عائلة واحدة تعمل بحب وانسجام، لم نكن نتوقع ان نصل الى هذا الحال، فنحن الآن لا نعرف مصيرنا، لجأنا الى النجف الأشرف، الى العتبة العلوية المقدسة التي استقبلتنا ووفرت لنا كل الاحتياجات اللازمة من مسكن مبرّد وملابس وطعام وأدوية ومصروفات مادية وخدمة كبيرة الا اننا مع ذلك، نشتاق الى ديارنا ومزارعنا التي أحرقوها بخبث وبشاعة”.

تكاد مدينة الزائرين في النجف الأشرف التابعة الى العتبة العلوية المقدسة تغص بالنازحين من المناطق الشمالية وهم يحملون قصصا مؤلمة، كل شيء هادئ وصامت الا من حركة الأطفال أثناء لعبهم وركضهم السريع في المكان، تقول شاهه علي من تلعفر: “أغلبنا مرضى من القهر والمرارة نتيجة فقداننا لعوائلنا وجيراننا وشباب قريتنا، حينما سيطرت المجاميع المسلحة على قريتنا وأرغمونا على النزوح بملابسنا، لم يكن لدينا خيار آخر سوى الصمت فالمقاومة تعني القتل من دون رحمة، لذا خرجنا مجاميع لاندرك مصيرنا الى أين، وأنا بقدرة القادر تمكنت من الافلات منهم والالتحاق بأهلي، لا نعلم كم من الوقت سنبقى مهجرين رغم اننا نحظى بمساعدات كبيرة من لدن العتبة العلوية المقدسة، استقبلتنا باحترام ووفرت لنا كل الاحتياجات الضرورية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*