سكان العشوائيات .. هل سيحتفلون باليوم العالمي للموئل
زاهر الزبيدي..
في أول يوم أثنين من شهر تشرين الأول من كل عام تحتفل المنظمة الدولية باليوم العالمي للموئل، وفي هذا العام سيكون شعار الاحتفالية ” أصداء من الاحياء الفقيرة “؟ رغبة منها في التعرّف على الحياة في الأحياء الفقيرة وسماع أصوات هؤلاء الذين يعيشون في تلك الأحياء لتحسين أوضاع المعيشة هناك، المقصود هنا بالموئل هي المساكن حيث تشير الامم المتحدة الى أن مساكن الفقراء وأولئك من سكان العشوائيات على محيط العالم أجمع لهم صوت علينا سماعه أو لنحاول ذلك.
الفقر تلك العلامة المميزة لسكن الاحياء الفقيرة التي لاتتوفر فيها أبسط درجات الحياة الكريمة يتناهبهم الحرمان والجوع يحاولون بشق الانفس المحافظة على ملاجئهم البسيطة وسط انعدام تام للخدمات بل حتى لابسطها. عجز تام عن توفير مساكن تليق بأبناء شعبنا من الفقراء حيث تشير الاحصائيات الى أننا بحاجة الى ملايين الوحدات السكنية لتغطية حاجة شعبنا من المساكن بخطط طموحة كانت قد بدأت بها الحكومة السابقة بحاجة الى دعم كبير وتوفير البيئة المناسبة لإكمال مشروع بسماية الذي على الرغم من كونه من المشاريع الكبيرة والواعدة في هذا المجال إلا أن فترة التنفيذ التي تمتد لسنين طويلة ولارتفاع سعر الوحدات السكنية فيه يجعل منه بعيد المنال عن أغلب سكان العشوائيات من فقراء الوطن.
ولأول مرة أطلق الجهاز المركزي للإحصاء نتائج المسح الشامل للعشوائيات في العراق في أواخر عام 2013، بين أن عدد المساكن العشوائية في العراق بإستثناء الإقليم بلغ مايقارب 350 ألف مسكناً بنسبة 7.3% من مجموع المساكن في البلد، سجلت بغداد 33.4% من العشوائيات وتوزعت النسب المتبقية في المحافظات الأخرى، فيما يقدر عدد سكان العشوائيات بحوالي مليونين وأربعمئة الف نسمة يشكلون حوالي 6.9% من مجموع السكان في حين سجلت بغداد النسبة الاعلى في عدد سكان العشوائيات بلغت 31.1%
العشوائيات، مشكلة عالمية في تطور مستمر حيث تشير الإحصائيات الدولية الى أن سكان العشوائيات في العالم يقدرون الآن بحوالي مليار نسمة ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى مليار ونصف البليون عام 2020 وإلى ملياري نسمة عام 2030، وأن يصل عدد المناطق العشوائية إلى أكثر من مائة مليون عشوائية عام 2020 مما يجعل من العسير جدا إيجاد حلول فعالة ومؤثرة للتغلب على المشكلة، لدرجة أن هناك الآن من الباحثين من يعتبر وجود العشوائيات أحد الملامح الأساسية المميزة للمجتمع الحضري.
بل أن الكثير يحذر من ظاهرة عالمية تفرض نفسها بقوة وتنذر بقيام ما يمكن أن تسميه بظاهرة (الفقر الحضري)، حيث يعيش ملايين البشر في تجمعات (حضرية) لا تخضع تمامًا لسلطة قوانين الدولة ويمارسون أعمالاً وأنشطة اقتصادية كثيرًا ما يصعب توصيفها أو تصنيفها بل وقد يمثل بعضها ثورة على الأوضاع المألوفة والسائدة في بقية أنحاء المجتمع وكثيرًا ما يكون فيها خروج صارخ على القانون.
في عام 2004 نشرت مجلة Culture مقالاً بعنوان The Free World… Of Slums)) يصف فيه الكاتب سكان المناطق العشوائية بأنهم يمثلون (طبقة ثورية) جديدة تضطرهم ظروفهم الخاصة القاسية إلى ابتداع وابتكار أساليب غير نمطية للعمل وتلك الأساليب قد تعمل بالضد من توجهات الحكومات التنموية وتلك ظاهر يتطلب علاجها بشكل جذري لتفويت الفرصة على ذوي العقول المريضة من إستغلال سكان العشوائيات بظروفهم الصعبة القاسية وتجنيدهم لتحقيق مآرب قد تصل الى المساس بأمن الدول فتلك (الطبقة الثورية) قد يشكل الحقد الكامن في دواخلها السلاح الأقوى لمواجهة الحكومات.
إن العمل على الخلاص من العشوائيات قد أصبح اليوم لدينا في العراق أحد أهم وسائل مكافحة الإرهاب من خلال قطع التمويل البشري الذي تنتجه تلك العشوائيات والظروف الخدمية العامة الصعبة التي تعيشها في زيادة زخم المجاميع الإرهابية مع توفير فرص العمل المناسبة لسكانها وعلى أقل تقدير تحسين واقعها البيئي والخدمي بما يجعلها مناسبة للحياة الكريمة.
من الضروري جداً إنتهاج الحكومة اليوم لسياسة سكانية وإسكانية تتناسب وحجم التحدي المطروح أمامها فيما يخص سكان العشوائيات وهناك أكثر من طريقة ستراتيجية في ذلك مع توفر الإمكانيات المادية لخلق عالم حضري في العراق من دون عشوائيات وقد يطول الوقت على ذلك ولكنه في طريقه الى التحقق فبناء مساكن واطئة الكلفة وتوفير الخدمات في بلد يمتلك تلك الثروات الطائلة أمر يسير إذا ما قورن ببلدان العالم الثالث في أفريقيا ممن لا تمتلك جزءاً من جزء من ثروات العراق، نحن لا نحتاج إلا لذوي الخبرة من الأوفياء لوطنهم ومبادئهم لا الى بطونهم وأحزابهم من مسوخ الفساد !
” أصداء من الأحياء الفقيرة ” شعار هذا العام.. فأصداء وأصوات إستغاثات قوية يجب أن تجد آذان لتسمعها تطلقها صيحات الطبقات الفقيرة (الطبقات الثورية!) في العشوائيات التي تنتشر في الوطن تنشرها يومياً عشرات الفضائيات العراقية التي تتعايش معهم في تلك المناطق التي تفتقر الى أبسط مقومات الحياة وقد تصبح يوما بؤرة لأمراض وأوبئة وملاذاً للمدمنين وبيئة تنتج المخربين في الوطن..
نأمل أن يكون هناك من يسمع تلك الأصداء القوية والإشارات النابضة بالألم من سكان عشوائياتنا.. حفظ الله العراق.