مواكب العزاء الحسينية في النجف الأشرف باقية ما بقي الدهر على مر العصور والأجيال وهي تنادي (هيهات منا الذلة)
831
شارك
الحكمة (خاص) – تحقيق: عقيل غني جاحم
تعتبر المواكب الحسينية في محافظة النجف الأشرف من أولى المواكب في العالم والعراق التي اهتمت بإقامة الشعائر الحسينية ومنذ عقود مضت وهي تطبق قول الإمام الصادق (عليه السلام): ((أحيوا أمرنا رحِمَ أللهُ مَن أحيا أمرنا)) رغم ما مر به العراق من حكومات جائرة ومتسلطة منعت إقامة مثل هذه المظاهر, لأنها تهز عروشهم وتهدد وجودهم, لان ثورة الإمام الحسين (عيه السلام) جاءت للاستنهاض على الجور والانتقاض عليه وهذا ما جاء في خطبته عند نزوله في كربلاء (عليه السلام) «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدي رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم» ولهذا بقيت هذه المواكب تقيم هذه الشعائر وهي تستلهم القوة من مرقد الإمام علي بن أبي طالي (عليهما السلام) صاحب هذه المدينة وأميرها و كونها جزء من عقيدتهم بالإمام الحسين (عليه السلام) وهم يرفعون شعاره (عليه السلام) في واقعة الطف (هيهات منا الذلة), وهناك المئات من المواكب التي تقدم الغالي والنفيس لخدمة القضية الحسينية في المحافظة ولضيق الوقت سلطنا الضوء على أبرزها في المدينة وهي الاطراف الأربعة (الحويش, والبراق, المشراق, العمارة) إضافة إلى عدد من المساجد القريبة من الحرم الطاهر لأمير المؤمنين (عليه السلام) مثل مسجد الهندي ومسجد الجواهري.
موكب طرف الحويش
كانت البداية مع طرف الحويش أحد الاطراف الأربعة في المدينة القديمة في محافظة النجف الأشرف ورئيس موكب الشيخ حمودي الحداد ليحدثنا عن تاريخ تأسيس موكب الطرف.
وقال الحداد للحكمة ان: مكان الطرف هو في شارع الرسول (محمد) صلى الله عليه وآله وسلم محلة أو طرف الحويش ويضم (المشق والتطبير و اللطم) حيث ان أول عزاء تأسس بالعراق والنجف هو عزاء (الترك) بالحويش في جامع الشيخ الأنصاري (قدس الله سره) عام 1853م حيث كان أهالي طرف الحويش مع هذا العزاء وبعد فترة اقترحوا بتأسيس العزاء للطرف وفي عام 1928 م تم تأسس عزاء طرف الحويش من قبل السيد ناجي خشي السيد سلمان والسيد كاظم السيد سلمان والحاج كريم سعيد الحداد ومستقبلاً دخل في الطرف حجي مسلم روضة والسيد رشيد سيد سلمان وعبد الله السداوي وكاظم جودي الشمس وعلي معلة والحاج خضير تيوه والحاج مهدي الشكري في جامع السيد هاشم الحطاب الذي أعيد ترميمه أكثر من مرة.
وأضاف الحداد ان :الطرف لم تتوقف مسيرته في إقامة مجالس العزاء الحسيني ,منذ القدم عندما سدت أبواب الصحن الشريف لحرم الإمام علي(ع) أيام حكم ياسين الهاشمي لمنع العزاء لكن أبناء طرف الحويش لم يسكتوا على ذلك وانطلقوا من مقبرة وادي السلام في اتجاه الصحن الشرف وكانت لهم أهزوجة معروفة في عام 1936م وهي(شلون ترضه يا علي باب الصحن سدوه والعزيات منعوه) فعند اقتحامهم للصحن الشرف وفتح أبواب الحرم قالوا(حيدر فك الباب بهاي الساعة) ,بل على العكس يزداد إعداد الموكب بمرور الوقت.
وبين الحداد ان: الطرف جميع شريحة كبيرة من أبناء النجف حتى من باقي الاطراف كونه هيبة معروف بالتآخي والألفة ويقدم للهيئات وللمواكب الحسينة الستة التابعة له كل ما يحتاجونه من مستلزمات العزاء وكذلك وقدم الطرف العديد من الضحايا والشهداء أيام النظام السابق من ال جاحم من ال الحداد وال سيد سلمان.
وأوضح الحداد ان :الطرف يخرج يوم السابع والثامن والتاسع مساءاُ ويوم العاشر صباحا ً من شهر محرم الحرام ,وكذلك يقيم مجلس العزاء ويقدم الطعام من يوم احد إلى يم الثلاث عشر من محرم.
موكب طرف البراق
محطتنا الثانية كانت عن موكب طرف البراق في شارع الإمام الصادق (عليه السلام) والتقينا مسؤول الموكب حسين علاوي شايع أبو الزرازير ليحدثنا تاريخ الموكب.
وقال أبو الزرازير للحكمة ان: موكب طرف البراق تأسس 1816 م (المشق والتطبير) في شارع الإمام الصادق (عليه السلام) كعد بيت شايع وكان فيه خدمة الحسين (عليه السلام) الحاج علاوي شايع أبو الزرازير والحاج سعيد جاحم وحسان حيديو والسادة ال جريو والحاج ناجي بر أبو الزرازير.
وأضاف أبو الزرازير ان: الموكب واجه العديد من التحديات والصعوبات والاعتقالات من اجل بقاء الشعائر الحسينية حيث تم منعنا في عام 1974 م وخرجنا موكب تطبير في بيت المرحوم صالح الركابي وانطلق شعلة الانتفاضة في صفر 1977م من الطرف وفي عام 1991 م شارك موكب طرف البراق في إسقاط النظام الصدامي الكافر و اعتقلوا العديد من أبناء الطرف ومنهم إنا المتكلم تم اعتقالي في عام 1971م و 1977م و 1991م.
وبين أبو الزرازير: في كل عام يتجدد موكب طرف البراق بفضل ابناه من خدمة الحسين (عليه السلام) يبذلوه الغالي والنفيس من اجل بقاه وأقامه الشعائر الحسينة التي يحاول البعض تشويهها والنيل منها ولكن (هيهات منا الذلة).
وتابع أبو الزرازير ان: الطرف يخرج بمشق يوم السابع والثامن والتاسع ويوم العاشر صباحا يكون موكب تطبير.
موكب طرف المشراق
ولطرف المشراق الدور الكبير أيضا في الخدمة الحسينة كونه من الاطراف الأربعة في المدينة والتي تعتبر أصل محافظة النجف الأشرف, مسؤول موكب الطرف الشيخ وليد حاتم سعد راضي بين لنا متى أسس هذا الموكب وماذا يقدم للمسيرة الحسينية.
سعد راضي: تأسس موكب طرف المشراق سنة 1814 م في جامع شيخ الطائفة الطوسي(قدس الله سره) ويقيم مجلس العزاء للإمام الحسين (عليه السلام) خلال العشرة الأولى من شهر محرم الحرام وكذلك مجالس العزاء مستمرة طوال السنة وفي وفايات أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك لديه حسينية لخدمة زوار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في طريق نجف _كربلاء .
وأضاف سعد راضي ان: للموكب العديد من المؤسسين ولكن كانت رئاسة الطرف إلى ال حجي سعد راضي من يكفل الطرف ويقوم بخدمة إضافة إلى هناك عاملين كثر من خدمة الحسين(ع) حيث كانت أعداد الخدمة في بداية تأسيس الطرف ليس بهذه الإعداد الكبيرة اليوم, حيث ان الموكب في أيام النظام المقبور تم محاربة في شتى الوسائل كون الشعائر الحسينية كانت ثورة على الطغاة ولكنها لم تتوقف ,مبيناً ان : موكب الطرف يضم مجلس عزاء ولطم وتطبير.
موكب طرف العمارة
واختتمنا لقاءنا بالأطراف بطرف عرف بالنضال والجهاد في وجه الطغاة من اجل بقاء الشعائر الحسينية وعرف أيضا بصبغة خاصة في إقامة للشعائر وهي (المشاعل ) التقينا مسؤول موكب طرف العمار الحاج كامل حاتم جاسم أبو كلل حدثنا عن تاريخ الطرف في خدمة الإمام الحسين (عليه السلام).
وقال أبو كلل للحكمة ان: العمارة سابقا تسمى المسيل كونها كانت مدفن لأهالي النجف (صحن فاطمة حالياً) عندما كان التعداد السكاني للمحافظة لا يتجاوز 2000 نسمه ,وبدأ السكن فيها بعد ذلك ,وعلى بساطتهم كانوا يعظمون شعائر الله في إقامة المجالس الحسينية التي قال عنها الله تعالى في محكم كتابه الكريم ﴿ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ﴾ وحدث عنها أهل البيت (عليهم السلام ) حينما يقول الإمام الصادق (ع) ( أحيوا أمرنا رحِمَ أللهُ مَن أحيا أمرنا ) ,فالكل يخدم الحسين (عليه السلام بطريقته) فمنه من ينظر إليه دمعة ومنهم من يجده الحرية والأخر ينظر العدالة ومنهم من ينظر إلى أبي الأحرار لطم أو طبره
وأوضح أبو كلل ان: اليوم الموضوع أصبح فيه حداثة وتطور وتمدن حيث أخذت الشعائر طابع وشكل أخر وهي امتداد حي للرسول الأكرم محمد(ص) عندما بكى على الإمام الحسين(عليه السلام) والإمام علي (عليه السلام) وقبله ادم ونوح و124 ألف نبي (عليهم السلام) وان المواكب الحسينية محاربة من زمن واقعة السقيفة ولهذا اليوم من قبل الوهابية والداعشية.
وبين أبو كلل ان: موكب طرف العمارة تأسس عام 1817م من قبل الحاج عبد أبو حجي عطية أبو كلل و أو محمد أبو كلل أو يوسف أبو كلل والعديد من خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) حيث كانت قديماً المجالس تقام في السراديب لأنها ممنوعة من قبل الأنظمة الحاكمة انا ذاك واعتقل من الطرف الكثير واستشهدوا أيضا الكثير من اجل بقائها وقد منعت الدولة العثمانية الشعائر الحسينية كونها ترمز إلى الحق والى دحر الباطل ونصرة المظلوم وبعدها ذهب ابن شفيع إلى تركيا بعد إقامة حركة المشروطة والمستبدة والديمقراطية وأصبح فيها انفتاح ,واحضر الأمر بإقامة المجالس الحسينية في البيوت ,حيث كان أو مأتم أقيم بشكل إعلاني في طرف العمارة في بيت إلى إل نصار العبساويين ,وهذا قبل حوالي مائتين سنة .
وأضاف أبو كلل: لدينا عدة مواكب في الطرف لكن المركز بالدرعية والذي يقام فيه مجلس العزاء واللطم ونقدم فيه طعام العشاء ولأحد عشر يوماً ,وقد تشرف العديد من الرواديد بالقراءة في موكب الطرف ومنهم (محسن علي بيج ,سيد نزار,وطن النجفي ,العكراوي ,هادي مريطي).
وعن ما يميز الطرف المشاعل أكد أبو كلل: عندما تركز في المشاعل تجدها على شكل خيمة مع ركيزتها وهي تذكر الناس بظلم بني أمية عندما حرقوا خيام الإمام الحسين (عيه السلام)حيث ان او مشعل خرج عام 1817م وقد كانت خمسة مشاعل وبعدها أصبحت سبعة مشاعل وبعدها وصلت إلى عشرين مشعل وازدادت بزيادة العشائر الموجودة في طرف العمارة ولكن جميعهم مركزهم طرف العمارة.
وللمساجد والجوامع القريبة من الحرم الطاهر لأمير المؤمنين حصة في إقامة الشعائر الحسينية منذ وقت ليس بالقليل ,كونها أماكن مخصصة للعبادة وإقامة شعائر الله ,ليس في شهر محرم وصفر وإنما على مدار السنة,حيث يرومها كل طبقات المجتمع ,ومن هذه الجوامع ,جامع شيخ الطائفة الطوسي وجامع الجواهري وجامع ال كاشف الغطاء ومسجد الهندي والعديد منها لا يسع الوقت لذكرها.
مسجد الهندي
يقول المتولي على مسجد الهندي الحاج حسين الجزائري للحكمة ان: تأسس هذا المسجد الجامع كان في حدود عام 1800 م والذي يقع في محلة الحويش وقد ذكر العلامة المؤرخ الشيخ جعفر محبوبة في موسوعته ماضي النجف وحاضرها ,ان أحد السادة من آل الصافي أقام هذا المسجد وهو ليس بهذه التوسعة ألان ومن ثم شاده أحد التجار الهنود بعد توسعة إضافية إليه ومن بعدها قام بتوسعة باحته المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (قدس الله سره).
وأضاف الجزائري ان: منذ تأسيس المسجد بدأت المجالس الحسينية كونه من المساجد المعروفة في النجف والقريبة من الصحن الشريف لحرم أمير المؤمنين (عليه السلام) ويطلق عليه العامة الصحن الصغير,حيث كانت المواكب الحسينية تتواكب منذ نشوءه في شهر محرم الحرام وصفر وفي كل عشرة أيام يكون هناك موكب يقم مجلس عزاء بأسم أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم البنائين والتكنجية والعطارين وغيرهم الكثير,إضافة إلى ان المجالس الحسينية تقام يوميا في المسجد.
وبيّن الجزائري ان: بعد سقوط الصنم عام 2003م أقام مجلس العزاء فيه بذكرى عاشورا مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) في العشرة الأولى من شهر محرم الحرام, كون السيد محسن الحكيم (قدس الله سره) كان يقم صلاة الجماعة في المسجد أيام الشتاء وفي أيام الصيف في الصحن الشريف.
وأوضح الجزائري: لم تكن تقام مجالس العزاء في زمن النظام كونها كانت محاربة بل هناك مضايقات للمصلين في المسجد ورغم كل هذا كانوا أهالي النجف يقيمون المجالس في البيوت ومنهم بيت القاموسي بيت شيخ محمد الخاقاني وسيد مهدي الخرسان وبيت بحر العلوم وبيت الحكيم وبيت ال محي الدين ,وبالرغم من عدم إعطائهم الموافقة.
جامع الجواهري/موكب النجف الأشرف
مسؤول موكب النجف الأشرف الحاج حيدر شعبان حدثنا عن تاريخ تأسيس الموكب وما يقدمه للخدمة الحسينية قائلاً: تأسس موكب النجف الأشرف سنة 1991م بعد الانتفاضة الشعبانية وأسسها مجموعة من أبناء النجف الأشرف في جامع آل الجواهري في محلة العمارة وكان النظام يحمل عداوة لكل من يريد خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) حيث كان الموكب أخذ على عاتقه إقامة الشعائر الحسينية في اغلب مراقد الأئمة في سامراء بذكرى استشهاد الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام) والكاظمية بذكرى استشهاد الإمام الكاظم والجواد (عليهما السلام) وكذلك خارج العراق في ذكرى وفاة السيدة زينب (عيها السلام ) في سوريا,وكذلك في ايران ,مشهد المقدسة إقامة عزاء ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وبين شعبان للحكمة: الموكب كان الوحيد الذي يقيم مجلس العزاء في جامع الجواهري في أيام النظام السابق بشهر محرم الحرام وفي شهر رمضان المبارك حيث كان يتصرف بعقلية وحكمه في التعامل مع أزلام النظام البائد وبكل الطرق من اجل بقاء عزاء الإمام الحسين (ع), وهو يضم بين جنباته كل طبقات المجتمع من الدكتور والمهندس والمعلم والعامل والكاسب وغير تابع إلى أي شخص لكل بناء المدينة المقدسة.
وأضاف شعبان ان: من الخطباء والرواديد الذي تشرفوا بالقراءة في الموكب (الشيخ المرحوم صالح الدجيلي ,والشيخ جعفر الإبراهيمي والرادود علي المعمار و سمير المسلماوي وماهر الشبلي) والعديد من الخطباء والرواديد والشعراء من داخل العراق وخارجه ,مبينا أننا :لدينا موكب تطبير صباح يوم العاشر من محرم الحرام يتوجه إلى الحرم الشريف.
احسنتم على هذا التقرير العظيم الذي افرحني عنده قراءته نتمنا على المزيد من الشعائر الحسينية انه حرارة حب الحسين في القلب لا تبرد