عراقيون يغادرون مناطقهم هربًا من تكفير “الجهاديين”

225

  6-12-2014-3-d

يغادر الكثير من العراقيين منازلهم ومناطقهم إلى مخيمات النازحين، حيث الظروف المعيشية السيئة، هربًا من تكفير الجهاديين لهم وارغامهم على التقيّد بقواعد يفرضونها بأنفسهم.

 فوق قطعة أرض ترابية قرب طريق سريع شمال العراق، يراقب فيصل ابنه البالغ من العمر ثلاثة اسابيع، وهو يبكي في خيمة اصبحت منزلاً لعائلته.
وبينما ترتفع درجات الحرارة مع مرور ساعات النهار، لتتخطى الاربعين درجة مئوية، لا يملك فيصل سوى أن ينتظر تحت الشمس الحارقة وصول المساعدات اليه: مروحة وفراش.
ووصل فيصل مع عائلته الى مخيم كلك،  قبل ايام، هربًا من المعارك الضارية في قضاء تلعفر الاستراتيجي قرب مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد)، التي يسيطر عليها مسلحون متطرفون منذ نحو اسبوعين.
ويقول وقد غطت الوحول قدميه، “غادرنا بعدما وصلوا. انا سني، لكنني كنت ادرك أنه سيكون هناك قتال وقتل ولم اكن اريد أن أتورط بأي من الامرين”.

غادر
وبالقرب من فيصل، يقف محمد (25 عامًا) الذي غادر منزله في الموصل، ويقول: “لقد اتوا اليّ وقالوا لي رغم أني مسلم، إنه يتوجب عليّ أن اعلن ولائي لهم وأن اتوجه الى المسجد كي اعلن التوبة”.
ويتابع: “لقد اعتبروني كافرًا”، مشيراً الى اكثر من وشم على يديه يعتبرها الجهاديون مخالفة لتعاليم الاسلام.
لكن محمد رفض ذلك، وقرر أن يغادر فورًا برفقة زوجته غجر وابنته مريم التي تبلغ من العمر عشرة اشهر.
ويقع المخيم حيث يتواجد فيصل ومحمد على الحدود بين محافظة نينوى واقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، والذي تُفرض على الراغبين بدخوله حيازة تصريح خاص.
ويجري اصدار تلك التصاريح للعديد من النازحين الفارين من هجمات المسلحين، وخصوصًا اولئك الذين ينتمون الى الاقليتين المسيحية والازيدية.
غير أن السنة والشيعة يحتاجون الى كفيل داخل اراضي الاقليم الكردي لدخوله، الا أن كثيرين مثل فيصل ومحمد لا يملكون هذا الامتياز.

ظروف صعبة
ويعبر الرجلان عن سعادتهما لكون عائلتيهما بخير، الا أنهما يشتكيان من الظروف المعيشية الصعبة في المخيم، الذي غالبًا ما تعصف به رياح ترابية، وتنتشر فيه أكياس القمامة بشكل عشوائي.
ويقول فيصل “نحن هنا منذ يومين ونتطلع الى شخص ليقوم بتسجيلنا في القوائم كي نحصل على المساعدة”، ثم يتوجه مع آخرين نحو حشد ينتظر تلقي مساعدات تقدمها المنظمة الدولية للهجرة ومؤسسة خيرية كردية.
وتشرف المؤسسة الكردية “مؤسسة بارزاني الخيرية” على المخيم بالتنسيق مع السلطات الكردية ومنظمات دولية.
وفي المخيم، تتمشى بيان يوسف (19 عاماً) التي تطوعت لمساعدة النازحين بين صفوف الخيم، وتقوم بتسجيل النازحين واعطائهم بطاقة تسمح لهم باستلام المساعدات.
وتحيط ببيان، قرب إحدى الخيم، مجموعة من الرجال يعاتبونها بصوت عالٍ على بطء عملية التسجيل، لترد عليهم بالقول: “أقوم بكل ما بوسعي، انظروا الى القائمة، أحاول أن أقوم بعملي”.
وتقول بيان: “انا ايضا نازحة. فانا سورية كردية أتيت الى هنا من القامشلي التي غادرتها بسبب القتال في سوريا، لذا استطيع أن اضع نفسي مكان هؤلاء وأشعر بما يشعرون به”.
 
حماية كردستان
وعند الحدود مع مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان، تتجمع عشرات السيارات عند نقطة تفتيش تسيطر عليها قوات البشمركة الكردية.
ويقول نيجيرفان جازا، وهو يدقق في اوراق سائق، “نحن نحمي المناطق الكردية، ونبحث عن العرب. لا يمكن أن يدخلوا من دون اقامة وكفيل يتولى أمرهم في كردستان”.
وبالقرب من الحاجز يقف مئات الرجال النازحين في صفوف ينتظرون دورهم لتقديم طلب دخول الى الاقليم، وقد أتى بعضهم من الموصل، وبعضهم الآخر من المخيم أو من مناطق قريبة في نينوى.
ويروي كثيرون كيفية تمكنهم من الهروب من المسلحين، الا أن آخرين يتحدثون عن فرحة اعترتهم لدى رؤيتهم هؤلاء المقاتلين، وهم يدخلون مناطقهم.
وتقول ام عبد الله إن “المسلحين في الموصل أناس شرفاء ويعاملون السكان بطريقة جيدة. لم نغادر بسبب هؤلاء، بل بسبب الحكومة التي تقوم بعمليات قصف، وقد قطعت الكهرباء والمياه في الموصل”.
وتضيف المرأة التي ترتدي نقابًا، وقد غطت وجهها بالكامل، “في الواقع انا سعيدة لأنهم سيطروا على الموصل. اعتبرهم متمردين وليسوا مسلحين، وأظن أنهم سيجعلون المدينة افضل”.

أ.ف.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*