خرج آلاف من الأشخاص أول أمس الاثنين للتظاهر في مدن ألمانية ضد “الأسلمة” في ألمانيا، وهي المسيرة الخامسة على التوالي لما يسمى بتحالف “أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب”. فمن يقف وراء هذا التحالف، ومن يشارك في مظاهراته؟.
يحيل اسم حركة” أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب” (Pediga)على مخاوف أنصارها، الذين يتظاهرون منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كل مساء اثنين في مدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا، ضد كل ما يعتبرونه “إسلاماً متطرفاً أو استغلالا للوضع كلاجىء”، إضافة إلى ما يعتبرونه “تهديدا للثقافة الألمانية”. ولا يعبر هؤلاء المتظاهرون علناً عن همومهم تلك بشعارات عنصرية بل يلجأون إلى رفع لافتات كتب عليها “تضامن سلمي ضد الجهاد على الأراضي الألمانية”. كما يُمنع المحتجون من قبل المنظمين من التحدث مع الصحافة. وتمكنت المظاهرات الكبيرة لأنصار الحركة من إثارة الانتباه إليها في عموم التراب الألماني. وفي أوائل شهر ديسمبر/ كانون الأول وصل عدد المشاركين في إحدى التظاهرات إلى 7500 مشارك، حسب إحصاءات صادرة عن الشرطة الألمانية.
هل اليمين المتطرف هو من يقف وراء مظاهرات مضادة للحد من انتشار الحركة
وتم اليوم (الاثنين 8 ديسمبر/ كانون الأول) التخطيط لمظاهرات إضافية في مدن كاسل، وفورتسبورغ ومدن أخرى. غير أنه تم تشكيل تحالفات في كل مكان لتنظيم مظاهرات مضادة لحركة “”Pegida”. ففي مدينة دوسلدورف مثلاً تحالفت بعض الأحزاب السياسية والكنائس والنقابات ونظمت مسيرة حاشدة تحت شعار “تسامح سكان منطقة الراين ضد الإقصاء والهستيريا”. أما في مدينة دريسدن فتمت لأول مرة تعبئة واسعة لمسيرة ضد الحركة، ما دفع أنصار الحركة إلى التخلي عن مسيرتها التي خطط لها في مركز مدينة درسدن، واقتصر أعضاؤها على التظاهر فقط. وقبل أسبوع من الآن، باءت أولى المحاولات بنشر رقعة المظاهرات بفشل ذريع. ففي مدينة كاسل خرج حوالي 70 شخصاً من الحركة للتظاهر، بينما في فورتسبورغ خرج 25 شخصا. وتم وقف تلك المظاهرات الاحتجاجية بمسيرات مضادة.
الحركة؟
على ما يبدو فإن المتطرفين اليمينيين ليسوا هم من يقف وراء الحركة. فمكتب الثقافة لولاية سكسونيا، والذي يراقب تحركات وأنشطة النازيين الجدد في الولاية، لاحظ أن المتطرفين اليمينيين لم يشاركوا في تنظيم مظاهرات الحركة. كما لاحظ المكتب سالف الذكر، أن مواطنين كانوا في السابق ينشطون سياسياً في صوف الحزب الليبرالي، هم من بدأوا التظاهر باسم الحركة. والأكثر من هذا فمنظمو تلك المظاهرات ينأون بأنفسهم وبصراحة عن التطرف اليميني. غير أن اليمينيين المتطرفين بدأوا أيضاً في المشاركة في تلك المظاهرات. ولم يعبر لوتسه باخمان صاحب صاحب فكرة الحركة، في حوار مع “صحيفة ساكسونيا”، عما إذا كان حضور النازيين الجديد يزعج الحركة أم لا. وبدلا من ذلك، أشار باخمان إلى أن القوانين، لا تمنع أي شخص من المشاركة في التظاهر.
من ينظم المظاهرات؟
ووفقا لمصادر شخصية فإن فريقاً يتكون من اثني عشر عضواً هو الذي يحدد مضمون وتوجه الحركة. وتعرف الأعضاء على بعضهم البعض عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، كما أنهم يخططون الآن لتسجيل الحركة في سجل الجمعيات. ويبقى لوتسه باخمان العضو الوحيد داخل الحركة الذي يظهر حتى الآن كمتحدث داخل المظاهرات. ويرفض لوتسه باخمان إجراء مقابلات صحفية، كما أنه لم يرد على طلب حوار من الدويتشه فيله. ويعمل باخمان مديرا لـ”وكالة للخدمات العامة”، متخصصة في الصور الشخصية وتصوير الأعراس. وخلصت أبحاث لصحيفة “ساكسونيا” إلى أن باخمان الذي لا يحمل ذرة تسامح تجاه المهاجرين ، كان بنفسه تحت الحراسة بسبب قضية الاتجار في المخدرات. ومن بين الجرائم الأخرى التي اقترفها في الماضي، وفقا لتقرير الصحيفة المذكورة، جنايات أخرى كالسطو والسرقة وأقوال كاذبة، والقيادة في حالة سكر والاعتداء، وغيرها من الجنايات.
من يشارك في المظاهرات؟
وعلى الرغم من أن الحضور الجلي للنازيين الجدد وجماعات مثيري الشغب في ملاعب كرة القدم أو محبي موسيقى الروك في مسيرات الحركة، إلا أن الجزء الأكبر من المشاركين فيها يتكونون من مواطنين لا يلفتون الأنظار “كمواطنين من الطبقة المتوسطة الدنيا، ورجال الأعمال، والبرجوازية الصغيرة، والكثير من عشاق كرة القدم”، على حد قول دانيلو أفيني من المكتب الثقافي لولاية سكسونيا. ويرى البعض الناس أنه يتم إنشاء مجموعات في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك تتخذ من الحركة نموذجا لها، وهو من شأنه أن يؤدي إلى التوجه إلى الفكر اليميني المتطرف. ووفقا لنتائج بعض الدراسات فإن ما يصل الى ربع سكان ألمانيا هم عرضة للأفكار اليمينية الشعبوية، وهي نسبة أكبر مما عليه الحال في بريطانيا وفرنسا.