8 آلاف مشعوذ في العراق يحضرون السحر بين 8 دولارات و 9 آلاف دولار
أيسر جبار..
يجلس فاضل وصديقه علي على ضفاف نهر دجلة من جهة منطقة العطيفية وسط العاصمة بغداد، منذ ساعات الصباح الأولى، لاسيما يومي الخميس والجمعة. هما لا يمتهنان صيد السمك، وإنما يراقبان النسوة والرجال الذين يرمون أكياساً صغيرة في النهر. ويقول فاضل، ‘أنا وصديقي علي لدينا قارب صغير نستخدمه لملاحقة تلك الأكياس، لنلتقطها قبل أن تغرق في المياه، نبحث عن محتواها، وعادة ما نجد فيها نقوداً تراوح بين دولار و20 دولاراً. وفي مرات عديدة نجد أموراً غريبة: أقفالاً ومفاتيح وعظاماً وأحجاراً مختلفة ودبابيس، كقرابين عن أعمال السحر والشعوذة’…
حكايتي مع مشعوذ
يسرد أثير الغانمي، حكاية صديقه حازم مع أحد السحرة ويقول ‘بعد حب دام خمس سنوات بين حازم وإحدى زميلاته في الجامعة، رفض أهلها تزويجها إياه، فلجأ إلى أحد السحرة. ودفع حازم لهذا الساحر نحو تسعة آلاف دولار’. ويتابع ‘بعد ذلك، أعطى الساحر لحازم حبيبات زرقاء، وامره بأن يضعها في خزان المياه عند بيت حبيبته. وبعد نحو يومين تعرضت أخت الفتاة إلى طفح جلدي، وأخبرهم أحد أصدقاء حازم بأنه ‘معمول لها عمل’ ولا يذهب إلا بزواج حازم من ابنتكم. وبالفعل تم ذلك، ولكن لم يذهب الطفح إلا بعد أشهر من العلاجات الطبية’.
ننتقل إلى منزل أبو عصام، الذي يمارس أعمال الشعوذة، ويقول ‘في السابق كنت أستخدم تعويذات بسيطة من الخشب والورق حيث أكتب آيات قرآنية لدفع الشر والحسد وطلب الرزق والولد. لكن اليوم الطلب اختلف، فهنالك من يبحث عن منافع كبيرة لذا لا يمكن حلها بتلك التعويذات، لذا لجأت الى استخدام أساليب أخرى منها استخدام ’الجن’ الذي يخدمني ويظهر لي المخفي ويساعدني في تحقيق تلك المنافع، كما أستخدم أحجاراً كريمة ترسل لي من اليمن ومصر وروسيا’.
أسعار الطالع
ويشير أبو عصام إلى أن كلفة ‘الخدمات’ التي يقدمها تختلف من عمل إلى آخر. ‘حيث تبدأ بكشف الطالع بقيمة ثمانية دولارات، وصولاً الى طلب حوالي 500 دولار من الراغبين في الحصول على منصب كبير أو الدخول في مشروع وزيادة دخله، أو معاقبة شخص قام بإيذاء طرف آخر’. ويرفض أبو عصام أن تُسمى تلك الأعمال بالشعوذة ‘لأنها تساعد الآخرين على حل مشاكلهم’.
ويقول مصدر مسؤول في مديرية الجريمة الأقتصادية في وزارة الداخلية لـ’العربي الجديد’، إن ‘الكثير من التقارير تأتينا عبر فروعنا المنتشرة في عموم العراق عن قيام بعض الأشخاص باستغلال المواطنين عبر أعمال السحر والشعوذة، لكن لا يوجد قانون يمنع هؤلاء’.
ويلفت إلى أن ‘التقارير تشير الى وجود أكثر من 8 آلاف شخص يتعاملون بالسحر والشعوذة في عموم العراق، قسم كبير منهم يمتلك ثروات طائلة جراء تلك الأعمال، ومقدار ما يتحصلون عليه من أعمالهم لا يقل عن 3 آلاف دولار شهرياً’.
ويذهب أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة بغداد عقيل محسن ليشرح حجم الأضرار الاقتصادية وراء أعمال السحر والشعوذة، فيقول ‘لا شك أنه يوجد مستفيدون كثر جراء أعمال السحرة والمشعوذين، فأغلب طلباتهم تكون عبر استخدام المواد الموجودة عند سوق العطارين، وهي مواد نادراً ما تُستخدم في البيوت العراقية، وبذلك يتم تحريك هذه السوق’. إلا أنه في المقابل يؤكد محسن أن ‘هذه الأموال غير شرعية ويتم تحصيلها في السوق السوداء غير الخاضعة لأي ضريبة، ويتم توظيفها في المصارف، وتستفيد من الخدمات والفوائد من دون أن تعم الفائدة الاقتصاد الإجمالي’.