في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

698
في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

نستذكر في هذه الأيام ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام . وكان لابد لنا ونحن نعيش أجواء هذه الشهادة الطاهرة أن نستذكرها و نستلهم من وحيها القيم والمعاني والدلالات التي أصبحت نبراسًا ونورًا تهتدي به الأجيال على مر العصور.

لقد اجتمعت في الزهراء (عليها السلام) صفات لم ولن توجد في غيرها على مدى التاريخ، فأصبحت بحق سيدة نساء العالمين وحاملة لواء المرأة المسلمة الصالحة الحقيقية إلى جنان الخلد ورضا الباري سبحانه وتعالى.

ونتيجة لهذه الصفات المميزة تربعت في قلب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصبحت قطب الرحى في حياته حيث قال ” فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أغضبها فقد أغضبني ” . فكانت بحق أغلى وأثمن هدية وهبها الخالق العظيم لهذا الرسول الكريم.

لقد شعرت الزهراء البتول (عليها السلام) بأنها مسؤولة على أن تكون ذات أهمية كبيرة في حياة أبيها لتعوضه عن الأم والزوجة والبنت والخلف الصالح لذلك قيل إنها أم أبيها . فقد رافقت المصاعب التي واجهت الدعوة الإسلامية ، فأصبحت مع زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) خير سند ومعين لحامل الرسالة السماوية . حيث كان الرسول الأعظم (ص) لا يشعر بالراحة والسعادة والاطمئنان إلا معهما ووهبت له ابنيه سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهما السلام).

لم يمنعها صغر سنها من مشاركتها لأبيها معظم مشكلاته وهمومه وآلامه في سبيل نشر الدعوة الإسلامية ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف مهما كبرت تلك المشكلات وتعددت الآلام العظيمة نتيجة ذلك . حيث لم تهن وتضعف أو تتراجع أو تشعر بلحظة تردد واحدة باتجاه قيادة المرأة المسلمة المؤمنة الرسالية الحقيقية نحو طريق الهداية ورضا الله عز وجل.

إن الزهراء (عليها السلام) كانت ابنة أعظم رجل عرفه التاريخ على مر العصور وأحب الناس إليه وقد اندمجت بأفكار الإسلام وتعاليمه ومبادئه روحيًّا وفكريًّا حتى باتت هي والإسلام سواء.

لقد كانت سيدة نساء العالمين (عليها السلام) مثال المرأة المسلمة المؤمنة الزاهدة في الحياة والمترفعة عن الأمور الدنيوية الضيقة والمتجهة بروحها إلى أفق الكمال والعصمة وسماء الفضيلة.

لقد مثلت فاطمة وأبيها وبعلها وبنوها خماسيًّا ملائكيًّا نورانيًّا روحانيًّا استند عليه الإسلام والمسلمون الحقيقيون أصحاب المبادئ والقيم التي لا تغيرها الأطماع الدنيوية ومغريات السلاطين والأمراء ، وأصبحوا شعلة وهاجة في طريق الإسلام والمسلمين.

وجاء اقتران فاطمة البتول بسيف الإسلام عليٍّ لتكون سندًا لجهاده ومؤازرة له في معظم الأهوال التي تعرض لها . وامتدت هذه المؤازرة من خلال إنجابها لسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهما السلام) لتستمر مسيرة الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف بوجه الطغاة والمتكبرين ومحرفي الإسلام عن طريقه الصحيح ، ليكون الحسين رمزًا لكل الثائرين على مدى العصور وصرخة مدوية مستمرة في وجه الطغاة والجبابرة.

لقد أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الدين الذي بدأ برجل واحد هو الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي استند على مؤازرة أم فاطمة خديجة الكبرى وبشجاعة زوج فاطمة المجاهد الكبير علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نشر الإسلام في أصقاع الجزيرة العربية وبقاع العالم الأخرى ، أن يستمر بوجود الحسن والحسين(عليهما السلام) الذي استطاع الإبقاء من خلال ثورته الكبرى ونهضته العظيمة على مبادئ هذا الدين الحقيقية إلى أن يظهر حفيد الزهراء الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليملأ الأرض عدلا ونورًا بعد أن تملأ ظلمًا وجورًا.

إننا عندما نستذكر شهادة الزهراء البتول (عليها السلام) نأمل أن تكون هذه المناسبة وقفة تأمل لنسائنا وفتياتنا العزيزات لكي يستلهمن المعاني والعبر والدروس الكثيرة من حياة هذه المرأة المجاهدة الكبيرة ، نريدهن أن يتخلقن بأخلاق الزهراء وصفاتها ، وأن يلتزمن بأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه ، وأن يبتعدن عن كل ما يسيء إلى سمعة المرأة المسلمة المؤمنة الرسالية الحقيقية ، نريدهن دعاة عاملات حقيقيات لمبادئ الزهراء (عليها السلام) ، وأن يربين أبنائهن التربية الإسلامية الصالحة التي تجعلهم عناصر نافعة مؤمنة في هذا المجتمع كما كانت الزهراء تغرس مبادئ الإيمان والهداية لدى الحسن والحسين (عليهما السلام) ، عليهن أن يتسمن بالحياء والحشمة والوقار ، وأن يبتعدن عن المظاهر الزائفة التي أراد أعداء الإسلام تصديرها إلينا لنبقى بعيدًا عن مسايرة التطور العلمي والتكنولوجي الذي ينفع البشرية ويعود عليها بالرخاء.

إننا نريد الحضارة الحقيقية والتطور العلمي النافع للبشرية ولنا ، وليس المظاهر والقشور الزائفة . فالإسلام دين وحياة وليس دين مظاهر وشعارات . ولتكن فتياتنا مثل فاطمة الزهراء (عليها السلام) مؤمنات عفيفات صابرات مجاهدات لإحياء أخلاقيات البتول ومبادئها.

فسلام على الزهراء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية في جنان الخلد مع أبيها وبعلها وبنيها عليهم السلام.

اللهم اجعل الزهراء شفيعتنا في الدنيا والآخرة إنك سميع مجيب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*