“التصحر وقلة المراعي” يهددان تربية “سفينة الصحراء” في واسط ومربو الإبل ينتظرون شمولهم بالمبادرة الزراعية
يبدو أن مشكلتي “التصحر وقلة المراعي” بدأتا تهددان جدياً تربية الإبل (سفينة الصحراء) في محافظة واسط (180 كم جنوب العاصمة بغداد) بشكل برز للعيان في الآونة الأخيرة من حيث قلة الإنتاج لعدم القدرة على توفير الغذاء لها.
مربو الإبل دعوا الحكومة الى تمليكهم أراض زراعية للرعي وزيادة كمية الأعلاف المجهزة لهم من قبل دائرة الزراعة، لكي يكون بإمكانهم تحسين اوضاعهم وزيادة قطعان الإبل التي يبلغ أعدادها نحو 5000 رأس.
وقال أحد مربي الإبل سالم عليوي المسعودي في حديث إلى (المدى برس)، إن “البداوة حياة توارثناها منذ مئات السنين، و(البعير) مصدر عيشنا ونجد متعة جميلة بخاصة في موسم كثرة العشب والماء”، مبيناً أن “هذه المتعة لم تعد لها قيمة الآن وأصبحنا نفكر بترك حياة البداوة بسبب إجراءات معقدة”.
وأضاف المسعودي أن “هذه المشاكل والتعقيدات الحياتية باتت تهدد البداوة أولها التصحر الشديد الذي فتك حتى بغذاء البعير البسيط (العشب) ما دفع الكثير من المربين الى بيع إبلهم والبحث عن مهن أخرى مثل العمل بالسيارات”، لافتاً إلى أن “حياتنا أصبحت اليوم محكومة بالكثير من الممنوعات والتعقيدات حتى وصل الأمر إلى حصول الموافقات الأمنية على ترحالنا من هذه البقعة إلى تلك وهو أمر لم نألفه في السابق”.
وأشار المسعودي إلى أن “الفوارق كثيرة بين البداوة في الوقت الحاضر وسابقاً، حيث كان البدوي يرحل مع إبله في الفيافي باحثاً عن العشب من دون أن يعترضه أحد أو يمنعه من المكوث في هذه البقعة أو تلك على العكس من المضايقات التي يتعرض لها في الوقت الحاضر”.
من جهته قال المربي خليل عبد علي نوام في حديث إلى (المدى برس)، إن “الصعوبات التي تواجه البدوي أصبحت كثيرة، ولاتتمثل بنقص العشب والضرورات الأمنية فقط، بل عدم وجود أرض تعود ملكيتها للبدوي نفسه، الأمر الذي يجعله مهدداً بالرحيل من أية منطقة يقطن فيها ولو لبضعة أيام”.
وأكد نوام أن “هذه الأسباب وغيرها اضطرتني إلى بيع غالبية الإبل التي كانت تزيد على 300 بعير في أواخر القرن الماضي وما بقي عندي الآن سوى 41 منها ربما سأكون مضطراً لبيعها في الأشهر المقبلة والجأ إلى السكن في المدينة والبحث عن مصدر عيش آخر غير الإبل”.
وأشار نوام إلى أن “المدعين بملكية الأراضي المتروكة أصبحوا يمنعوننا من السكن والرعي فيها رغم أنها أراض جرداء خالية حتى من الشوك والعاقول”، مطالباً “بشمولهم بالقروض الزراعية والأعلاف من أجل استمرار هذه المهنة التي توارثناها أباً عن جد”.
ودعا نوام الحكومة المركزية إلى “تمليك بعض المقاطعات الزراعية المتروكة والتي تعود ملكيتها الى الدولة كي تكون مستقراً لنا وأن يتم تزويدنا بكميات كبيرة من الأعلاف وقروض المبادرة الزراعية”، متابعاً أن “كميات الأعلاف التي نتسلمها قليلة وغير كافية بالمرة في ظل تراجع ظاهرة الرعي نتيجة إلى منع أصحاب الأراضي من السماح بالرعي فيها”.
زراعة واسط من جانبها أكدت أن شمول مربي الإبل بالمبادرة الزراعية يحتاج الى قرار من الحكومة العراقية وليس من وزارة الزراعة، موكدة أن أعداد الإبل في واسط تبلغ 5000 رأس تقريباً.
من جهته قال مدير الاعلام الزراعي في واسط حسن الحبيب في حديث إلى (المدى برس)، إن “أعداد الإبل في محافظة واسط بحدود خمسة آلاف بعير تقريباً وهي مشمولة بالأعلاف حيث نقوم بتجهيز أصحابها بالنخالة وبمقدار 240 كغم حصة سنوية للرأس الواحد والشعير 150 كغم وبأسعار مدعومة”.
وأوضح الحبيب أن “أصحاب الإبل الذين إبلهم في البصرة أو السماوة أو ميسان أو الديوانية ولديهم بطاقة سكن في واسط يتم تجهيزهم بالأعلاف من قبلنا بعد أن يردنا محضر كشف من مديرية الزراعة في المحافظة لأغراض الرعي”، لافتاً إلى أن “مربي الإبل لم يشملوا بقروض المبادرة الزراعية حتى وإن تم إقرار مثل هذا الأمر فشأنه خاص بالحكومة الاتحادية ولكنها مشمولة بعملية ترقيم الثروة الحيوانية التي أطلقتها وزارة الزراعية”.
وكانت وزارة الزراعة أعلنت، في (7 حزيران 2012)، عن إطلاق حملة لترقيم الثروة الحيوانية بكلفة تبلغ عشرة مليارات دينار، وفي الوقت الذي أشارت فيه إلى عدم امتلاكها لإحصائية دقيقة للثروة الحيوانية في العراق.
وأظهرت احصائية نشرتها المنظمة العربية لتنمية الثروة الحيوانية في العام 2005، وجود تناقص في أعداد الثروة الحيوانية في العراق وصلت نسبته إلى 33% مقارنة بعام 1998، فيما كشفت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو) في إحصائية لها ،عام 2004، إن نسبة 40% من الثروة الحيوانية في العراق قد تم تهريبها بعد حرب عام 2003 إلى الدول المجاورة.
يذكر أن تقريراً صدر عن مديرية الزراعة في محافظة واسط عام 2010 اظهر أن أعداد الثروة الحيوانية في محافظة واسط هي مليون و229 ألفاً و820 رأساً من الغنم، و221 ألفاً و967 رأساً من الأبقار، و193 ألفاً و450 رأساً من الماعز، و12605 رؤوس من الجاموس، إضافة إلى 2606 رؤوس من الإبل.
المصدر”المدى”