“داعش” يهدد التنوع الثقافي في العراق

358

E90B5E51-DDDF-4499-9869-116B4B2DE05B_w640_r1_cx0_cy2_cw0_s

الحكمة – متابعة: يحتفل العالم في 21 آيار من كل عام بـ”اليوم العالمي للتنوع من أجل الحوار والتنمية” لتشجيع الأفراد والمنظمات من كل بقاع الأرض على القيام بأعمال حاسمة لدعم التنوع من خلال رفع الوعي بأهمية التنوع والشمول والحوار بين الثقافات.

ويقول مراقبون أن العراق ربما يعد من أكثر البلدان ثراء بالتنوع الثقافي بالأديان والطوائف والقوميات المختلفة، وان التنوع فيه ساعد عبر التاريخ في بناء حضارة إنسانية أغنت البشرية بالعلم والثقافة. ولكن هذا التنوع اليوم يتعرض لأعمال وحشية يرتكبها مسلحو تنظيم “داعش” الذين دمّروا آثاراً ومعابد قديمة وحطموا كنائس وأضرحة تاريخية تعود لأنبياء ورجال دين وتمثل ثقافات متنوعة تعكس تنوع المجتمع العراقي.

يقول الموسوعي علي النشمي إن العراق ظهرت فيه الحضارة الأولى، والبدايات الأولى لمختلف أنشطة الحياة، وعلى مر التاريخ وفدت إليه قوميات وإثنيات عديدة تحمل بعضاً من ارثها وتراثها الحضاري.

وكشف النشمي عن أن العراق ساهم بـ 60% في الحضارة الإنسانية، مؤكداً أن العراق لوحده شهد سبع إمبراطوريات لم تشهد مثله دولة في العالم ما ساهم في تنوعه، وأشار إلى أن جميع الذين دمّروا تاريخ العراق في حقب تاريخية مختلفة لم يكونوا عراقيين، وان معاول التدمير كانت دائما تأتي من الخارج.

تصحر بالتنوع

وتعرض العراق بعد عام 2003 إلى هزات عنيفة استهدفت التنوع، بسبب العنف وتوافد الفكر المتطرف الذي استهدف الأقليات بالدرجة الأساس في محاولة لإفراغ البلاد منهم، وتجلى ذلك في التفجيرات التي استهدفت مناطق سكناهم وحالات الخطف والقتل ما أدى إلى هجرة أعداد كبيرة منهم إلى الخارج، لتأتي بعدها الضربة الموجعة من قبل مسلحي “داعش” بعد سيطرتهم على الموصل وقيامهم بسبي وخطف وقتل وتشريد مئات الآلاف من الأقليات التي تستقر في نينوى، وتحطيم تراثهم وإحراق معابدهم وكنائسهم، وتدمير إرثهم الحضاري.

يقول رئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان وليم وردة إن العراق يسير باتجاه التصحر الديموغرافي وتصحر التنوع، مطالباً بتشريع قوانين وتطبيق إجراءات جادة من قبل الدولة للحفاظ على ما تبقى من الأقليات وتراثهم الثقافي، وإذا ما عجزت الدولة عن توفير الحماية فعليها طلب المساعدة من المجتمع الدولي.

يونامي ويونسكو

أصدر الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش ومدير مكتب اليونسكو اكسل بلات بيانا مشتركا بمناسبة حلول اليوم العالمي للتوع الثقافي حمل عنوان “حماية التنوع الثقافي هو الطريق الى التصالح في العراق”، أشارا فيه إلى وقوف المنظمتين الدوليتين ضد الذين يريدون تدمير هذا التنوع من خلال الاستمرار في مهاجمة التراث الجماعي العراقي واضطهاد الأقلية. وأبديا استعدادهما للتعاون “من اجل حماية التراث الثقافي العراقي من الأعمال الوحشية التي ترتكبها جماعة داعش الإرهابية ونتحد لنقدم للعراق الدعم الفعال لحماية التراث الثقافي”. وأكدا أنهما اليوم يروجان “الحوار والتعدد الفكري الذي يفتح باب السلام والتنمية واستدامة النسيج الثقافي العراقي”.

وحذّر الناشط وليم وردة من المخاطر التي تحدق بالتنوع في العراق، مبينا انه إذا ما استمرت هذه التهديدات فان التنوع سينتهي ربما بعد سنوات، مشيرا إلى جرائم “داعش” بحق الأقليات وارثهم الثقافي والديني.

وتثار تساؤلات عديدة فيما لو يمكن لملمة شتات الأقليات التي تشتتت بعد هجمة “داعش” عليها، ويجيب وردة إن الأمر ليس بالمستحيل لكنه يتطلب دعم الدولة والحكومة للحفاظ على أقليات العراق. كما أشار وردة إلى دور منظمات المجتمع المدني والجامعات العراقي في التصدي للهجمة التي استهدفت الأقليات وتراثهم الحضاري.

تقصير حكومي

ويرى عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي أن الإرث الحضاري والتاريخي والديني لمختلف الطوائف والحفاظ عليها يعد من حقوق الإنسان الأساسية، مشيراً إلى أن ذلك مثبت في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وأوضح أن ما هو موجود في العراق من تنوع حضاري وثقافي مهم يتطلب من الدولة الحفاظ عليه عبر التعاون مع المنظمات الدولية.

وأكد الغراوي أن المفوضية قدمت مقترحا إلى مجلس النواب للانضمام إلى البروتوكولات الدولية التي توفر الحماية اللازمة للإرث الحضاري في العراق بعدّه إرثا للبشرية جمعاء. كما كشف الغراوي عن دور الحكومة الضعيف في مجال حماية الإرث الحضاري وعدم الاستفادة مما متوفر في العالم من تقنيات ووسائل لحماية هذا الإرث، بعد الهجمة الوحشية لعصابات داعش على حضارة وإرث العراق.

(العراق الحر)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*