تحليل مركز التحليلات الستراتيجية الأمريكي (ستراتفور) للتفجيرات الرمضانية التي ضربت ثلاث قارات

390

تفجير مسجد الا
تفجير مسجد الإمام الصادق عليه السلام في دولة الكويت في يوم الجمعة

الحكمة – متابعة: أولًا؛ استهدف هجوم محطة للغاز الصناعي قرب ليون الفرنسية، قام منفذوه بقطع رأس أحد العاملين في المحطة، وحاولوا إشعال انفجار كبير.

ثانيًا؛ تلا ذلك تفجير انتحاري في مسجد شيعي بمدينة الكويت، أسفر عن استشهاد قرابة 25 شخصًا.

أخيرًا؛ ثم وقع الهجوم الأعنف يومها، وأسفر عن مقتل 28 شخصًا- معظمهم سياح- بعدما فتح مسلحون النار على منتجعين ساحليين في تونس.

الكويت

في هجوم الكويت، استطاع منفذ الهجوم- خالد الشمري 26 عامًا- الوصول بسهولة إلى صحن المسجد دون أن يعترضه أحد أو يفتشه. ووفقًا للصور التي سجلتها كاميرات المسجد كان يرتدي جلبابًا تقليديًا فضفاضًا؛ ما سمح له بإخفاء قنبلته.

وأعلنت ولاية نجد التابعة لجماعات داعش مسؤوليتها عن التفجير. ولا غروَ؛ فقد أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن هجومين سابقين استهدفا مسجدين شيعيين في المملكة العربية السعودية.

وكان المسجد الكويتي هدفًا سهلًا، مقارنة بالسعودية، حيث اتخذت الحكومة، والطائفة الشيعية بنفسها، إجراءات أمنية لحماية المساجد بعد هجمات مايو؛ ما جعل التسلل إلى المساجد السعودية أكثر صعوبة، وربما هذا هو الذي دفع المهاجمين صوب الكويت. ومثل هجمات 22 مايو و29 مايو في السعودية، كان الهجوم الذي استهدف مدينة الكويت غير معقد من الناحية التكتيكية.

وبهجومه على الشيعة، يستهدف داعش إشعال عنف طائفي يشبه ما شهدته العراق وسوريا. ذلك أن الاقتتال الطائفي حينما اندلع في هذين البلدين؛ أتاح للتنظيم مساحة للعمل. وتهدف “داعش” أيضًا إلى خلق مشكلات للأنظمة السنية، بما يشتت تركيز قواتها الأمنية بين ردود الفعل الشيعية العنيفة والعنف “الإرهابي”.

لكن حتى الآن، رفض الشيعة السعوديون ابتلاع طعم داعش. ورغم التوترات الطائفية المتأججة منذ فترة طويلة في المملكة، حث رجال الدين الشيعة مجتمعاتهم على التزام الهدوء. ومن المهم مراقبة ما إذا كان قادة الشيعة في الكويت سيحذون حذوهم. ذلك أن شيعة الكويت أكثر تكاملًا بشكل عام من نظرائهم السعوديين؛ لذلك يتوقع أن يحث قادة الشيعة هناك على الهدوء بدلًا من إذكاء الاضطرابات.

فرنسا

كان هجوم فرنسا بسيطًا نوعًا ما في طريقة تنفيذه، واستخدمت فيه سيارة وسكين فقط. هذا النوع من البساطة الذي لطالما دعا إليه تنظيم القاعدة عبر مجلة إنسباير، ثم حثَّ عليه داعش لاحقًا في الخريف الماضي. وفي حين أن قطع الرؤوس طريقة إرهابية سبقت تنظيم القاعدة، فإن هذا الهجوم هو أول عملية قطع رؤوس إرهابية كاملة تشهدها أوروبا الغربية (حاول الإرهابيون قطع رأس جندي بريطاني في لندن خلال شهر مايو 2013، لكنهم فشلوا).

بيد أن فرنسا تكافح التهديد الإرهابي منذ فترة طويلة، والتهديد الذي يواجهها لا يقتصر على داعش. فهجوم تشارلي ابدو المستوحى من تكتيكات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وشهدته باريس في يناير، لا يزال يتربع على رأس قائمة أعنف الهجمات الإرهابية في الغرب هذا العام. وإن كان هناك شيء يدعو للاستغراب، فهو أن فرنسا لم تشهد المزيد من الهجمات؛ بالنظر إلى وجود عدد من الإرهابيين المتطرفين على أراضيها، وسهولة تكرار هجمات كتلك التي نفذت مؤخرًا باستخدام سيارة وسكين.

وتشير التقارير إلى أن الرجل الذي اعتقل على خلفية الهجوم الأخير كان معروفًا للسلطات الفرنسية، وكان يخضع للمراقبة عام 2006، قبل وقف مراقبته عام 2008. هذا يعكس مدى صعوبة قيام الحكومة بعمليات المراقبة على عدد كبير من التهديدات المحتملة لفترات طويلة. وقد سبق أن ناقشنا هذه المشكلة داخل فرنسا على وجه الخصوص، في سياق تناولنا لقضية محمد مراح عام 2008.

تونس

في اليوم ذاته شهدت تونس أيضًا هجومًا بسيطًا، هو الثاني من نوعه، ضد السياح. ووقع الهجوم الأول في مارس، حينما هاجم مسلحون متحف باردو. ومثل الأول، نفذ الثاني بطريقة سهلة، استخدمت فيها أسلحة AK-47S ضد هدف سهل. وكان لواء عقبة بن نافع، الذي اتهمته الحكومة التونسية بتنفيذ هجوم باردو، قد تعهد بالولاء لداعش، مثلما فعل إرهابيون في تونس مؤخرًا معلنين تأسيس “ولاية إسلامية”، وربما يكون هذا الهجوم وسيلة لتعزيز مكانة الولاية الوليدة على الساحة العالمية.

ويعتمد الاقتصاد التونسي بشكل كبير على السياحة، وكان يعاني بالفعل من عواقب هجوم باردو، وهذه الحادثة ستفاقم الضرر، كما أنها تثير العديد من التساؤلات لدى كثيرين حول قدرة الحكومة على إبقاء البلاد في مأمن من الإرهابيين (وقد نشرنا سابقًا تقريرًا يرصد الأسباب التي تجعل الفنادق هدفًا جذابًا للإرهابيين).

تنسيق

وقعت الهجمات الثلاث في اليوم ذاته، واتسمت جميعًا بالبساطة من الناحية التكتيكية، ولم يظهر تنفيذها أي أدلة على- أو تتطلب- مساعدة من “داعش” الأم. لكن إذا كانت هناك أي صلة بين الهجمات فالتوقيت خير دليل عليها؛ حيث وقعت في رمضان. وقد كان داعش قد شجع أتباعه والمتعاطفين معه علنًا على تنفيذ هجمات خلال هذا الشهر. وأصدر الناطق باسم داعش أبو محمد العدناني بيانًا صوتيًا يوم 23 يونيو، حث فيه مستمعيه على “أن يحرصوا على الغزو في هذا الشهر الكريم وأن يتعرضوا للشهادة”، وأن يجعلوا الشهر “كارثة على الكفار… والشيعة والمسلمين المرتدين”.

وبناء عليه، يمكننا أن نتوقع المزيد من الهجمات البسيطة خلال شهر رمضان، في أي مكان يوجد فيه متعاطفون أو فروع إرهابية.

يذكر أن ستراتفور (بالإنجليزية: STRATFOR) هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أميركي، يعد أحد أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسّد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأميركية الحكومية.

المصدر : (الخليج الجديد – ويكيبيديا)

ك ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*