في العراق: شراب “النومي بصرة” و”الخوشاب” عند الفطور وفي السحور
الحكمة – متابعة: لرمضان نكهته لدى المسلمين في كل الديار العربية والإسلامية، ولهذا الشهر الفضيل في العراق طعم مميز آخر، لا تجده في غيره من الشهور الأخرى، وأهل العراق لهم عاداتهم في استقباله قبل مجيئه أولا، وصيام أيامه حين يطل ببركته عليهم، وعادات في توديعه حين يشد الرحال في الأيام الأخيرة، وهذه العادات بعضها مكتسب من الشعوب الأخرى، وبعضها طبائع تجذرت في نفوس العراقيين خلال عقود طويلة.
فمن تلك العادات التي تربينا عليها نحن وقد حفرت في ذاكرتنا أطفالا، ونمت معنا كبارا:
مدفع رمضان أو “الطوب”، حيث كان يستخدم هذا المدفع لتنبيه أهل بغداد بموعد الإفطار، وذلك بإطلاق إطلاقة صوتية في الهواء، وكان السبب في استخدام المدفع هو انعدام الإذاعات ووسائل الإعلام آنذاك، وبقي هذا المدفع إلى يومنا هذا تقليدا تحرص وسائل الإعلام العراقية الرسمية وغيرها على التمسك به، إلا أن مدفع اليوم هو رسم ثلاثي الأبعاد مصمم بـ “الكمبيوتر”، وينتظره الأطفال خاصة بشغف منقطع النظير قبل أذان المغرب مباشرة.
ومن عادات أهل العراق في رمضان كثرة التزاور فيما بينهم في رمضان، وإقامة الولائم العائلية، وكذلك يتميز العراقيون بإخراج الطعام قبل الإفطار إلى الجيران، فيحصل تبادل رائع في أطباق الطعام المختلفة، حتى يجد صاحب الدار الواحدة أنه ليس في سفرة طعامه مما صنعه هو إلا القليل، أما الباقي فهو أطباق منوعة جاءت من هنا وهناك.
ومن عادات العراقيين أيضا الإفطار على أسطح المنازل في نوع من تغيير الجو الداخلي للمنزل، ولكن هذه العادة اندثرت بعد الغزو الأميركي الغاشم وتحليق مروحياته ليل نهار في سماء العراق، وكذلك الإطلاقات النارية الطائشة، التي عكرت هذه الأحداث صفو الأيام الخوالي.
أما المساجد والحسينيات، فتعيش أجواء مميزة في رمضان بطبيعة الحال، فتراها تعج بالجلسات القرأنية والمجالس الرمضانية ومواليد أهل البيت وتمتلئ بالمصلين, وتشتغل المساجد قبل رمضان بصيانة دورية مكثفة للإنارة وأجهزة التبريد، وخصوصا إن جاء رمضان صيفا وفي العراق كما أن المساجد تنشط في مسابقات فكرية توزع خلالها جوائز ومصاحف وكتب للفائزين في جو إيماني وتنافسي ماتع.
وتقام موائد إفطار الصائمين في المساجد والحسينيات والعتبات المقدسة، بعضها من نفقات المسجد، وبعضها مما يحمله المحسنون، وأشهى موائد الإفطار عند العراقيين هو التمر العراقي، وأشهره هو “الخستاوي” واللبن، كما تشتهر موائد العراقيين في رمضان بشراب “النومي بصرة”، وهو شراب مميز يحتسيه العراقيون عند السحور والإفطار، ويقولون عنه “إنه دواء للصداع”.
كما يفضل الكثير من العراقيين شراب التمر الهندي أو ما يسمى بـ”الخوشاب” والذي يتميز بمنح الصائم ارتواء يمنع عنه العطش خلال فترة النهار الحار وكذلك تميز هذا الشراب بطعمه اللذيذ.
(صحيفة الوسط البحرينية)
س ف