الحكمة – متابعة: السوريون لا يعيشون أجواء شهر رمضان. استنتاج طبيعي في بلد تمزّقه الحرب من سنوات، خصوصاً مع غياب التنوّع الغذائي والموائد الرمضانية السخية، حيث لا يتيح ارتفاع الأسعار الكبير بفعل الحرب أي إمكانية لممارسة ما كان يعتبر أحد أشهر طقوس شهر الصوم لدى المواطنين. لا بل إن بعض الأسر افتقد الغذاء بحد ذاته. فمن المفارقات الحزينة أن يترافق حلول شهر رمضان على السوريين مع تحذيرات الأمم المتحدة بإيقاف المساعدات الغذائية المقدمة لملايين اللاجئين والنازحين، بسبب نقص التمويل… فكم تبلغ قيمة المائدة الرمضانية في سورية اليوم؟
تقول سهى، التي تقيم في دمشق، لموقع العربي الجديد, “ارتفعت أسعار الخضار والفواكه والمواد الغذائية مع بداية شهر رمضان، وعادت للاعتدال بعد مرور بضعة أيام، لكنها بقيت مرتفعة قياساً بدخلنا”، وتشير إلى أن عائلتها اعتادت أن تدفع نحو 15 ألف ليرة سورية تكاليف المواد الغذائية في شهر رمضان قبل موجة ارتفاع الأسعار في الأعوام الماضية، لكنها اليوم تدفع نحو 60 ألف ليرة سورية.
أما شادي، الموظف في القطاع الخاص في دمشق، فيقول “أسعار كل المنتجات والخدمات باتت كالنار، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً، وهذا يحرمنا أجواء رمضان المعتادة”. ويضيف “بات سعر كعكة المعروك، وهي كعكة مصنوعة من الطحين والحليب ويضاف إليها اليانسون والمطيبات، وتعد من الأكلات الشهيرة في رمضان، بات سعرها بين 100 إلى 150 ليرة سورية، ولا أصدق أننا كنا نشتريها بـ15 ليرة فقط قبل ثلاث سنوات، ارتفع سعرها نحو عشرة أضعاف فيما ارتفع دخلي أقل من الضعف!”.
إلى ذلك، ارتفعت أسعار وجبات الإفطار في المطاعم في دمشق القديمة، ففي حين كان سعر الوجبة للشخص الواحد يراوح بين 300 ـ 1000 ليرة حسب المطعم، فهي تسجل اليوم بين 1200 ـ 4000 ليرة سورية للشخص.
وتشير دراسة حديثة صادرة عن مركز “تشاتام هاوس” البريطاني عن الاقتصاد السوري، إلى أن معدل التضخم السنوي قد سجل ارتفاعات متتالية بدءاً من 4.2% عام 2011، مروراً بـ37% عام 2012، و88% عام 2013، ونحو 37% عام 2014. فيما انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 80% منذ اندلاع الاضطرابات، بحسب المركز.
لكن تقارير أخرى سجلت انخفاضاً أكبر في قيمة العملة المحلية، إذ يشير أحد تقارير منظمة الإسكوا إلى أن العملة السورية انخفضت بما يعادل 240% مقارنة بقيمتها في العام 2011. كما يشير تقرير المركز السوري لبحوث السياسات إلى ارتفاع أسعار المستهلك بمعدل 178% منذ 2011 وحتى مطلع 2014، وخصوصاً أسعار السلع الأساسية، كالألبان والأجبان والبيض، التي ارتفعت بمعدل 360%، كما ارتفعت أسعار مجمل السلع الغذائية بمعدل 275 %. ورغم حاجة السوريين الماسة لهذه النوعية من المنتجات في شهر رمضان، لكن ارتفاعها بالمعدلات المذكورة يجعلهم عاجزين تماماً عن متابعة نمط حياتهم السابق.