برنامج تلفزيوني يثير لغطًا .. (أكبر كذاب) يهدم نصب الحرية

375

23-7-2013 08

    أثار (بروموشن) لأحد البرامج الكوميدية سخطًا في الوسط الثقافي والفني لأنه يتعرض لـ(نصب الحرية) ببغداد بالسخرية، واعتبره البعض رسالة مشفرة من أجل تهديم النصب في القريب العاجل.

   أكد عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والفني في العراق انهم ضد الطريقة التي تعامل معها برنامج تلفزيوني يحمل عنوان (اكبر جذاب/ كذاب) مع العديد من المعالم في مدينة بغداد، وخاصة انه يقوم على السخرية من هذه المعالم التي يرتبط المواطن بها بعلاقات عديدة منها نفسية، وأعربوا عن انزعاجهم مما شاهدوه من تهديم لنصب الحرية الشهير وسط بغداد وعدوا ذلك اشارة الى انه سيهدم في المستقبل خاصة ان النصب سبق ان تعرض لمطالبة بهدمه..

 فقد قال الكاتب والاعلامي محمد غازي الاخرس: هذا البرنامج لم يعجبني بالمرة، لقد أحسست أنه ممل ومكتوب بطريقة غير محترفة. الحوار مترامٍ ومفكك وغير طريف. أياد راضي، فنان كبير ولديه إمكانيات ممتازة، لكنه بدأ يكرر نفسه بحيث لم أعد أستمتع بأدائه. ثم لا أدري لماذا يصرخ زهير محمد رشيد بتشنج واضح. قضية الرموز من المهم الانتباه لها. تحطيم قدسيتها بالطريقة التي نراها سوف تكون مؤذية وأنا أعني هنا الجيل الجديد الذي قد يعتاد على مشهد تحظيم هذه الرموز حتى لو كان بطريقة ساخرة وتيرد إيصال رسائل للآخرين. أخدهم قال أن الأميركان أيضا يتعاملون، في الفن، مع رموزهم بالطريقة نفسها، وأنا أقول أن العراقي ليس كالأميركي، هم مجتمع راسخ الثقافة ومسألة احترام الرمز لديهم قد تم تجاوزها، أما نحن فوضعنا مختلف كثيرا. ما أدراك كيف يفكر العراقي المراهق ذو الأفكار الدينية المتطرفة وهو يرى مشهد تحطيم نصب الحرية حتى لو كان في برنامج ساخر!!.

 وأضاف: أنا ضد هذه الطريقة من التعامل جملة وتفصيلا وأظنها غير مفيدة على المدى البعيد، المصريون أمامنا، هل رأيناهم يوما يسخرون من الأهرامات مثلا حتى لو كان الأمر في عمل ساخر؟.

‏  أما الناقد التشكيلي والفنان صلاح عباس: مثل هذه الشفرات التي تنطلق من بعض الافواه ما هي إلا موجهات سبق ان خطط لها بغية الوصول الى النتيجة التي يروم الوصول اليها، اذا كان التشفير هدّ نصب الحرية او سواه من خلال التلميح فمن الممكن ان يكون حقيقة ماثلة على ارض الواقع، هذه تلميحات اولية تصلنا كشفرات نحن نستطيع ان نفككها وهذا جزء من بث يوصل الينا رسالة مفادها ان هناك احتمالا بتهديم نصب الحرية فأنا اتوقع في اي لحظة من اللحظات ان يتهدم نصب الحرية بمنتهى السهولة بوضع عبوة ناسفة تحته، لان نصب الحرية عمل خلاق ومتفعل ويشتغل بطاقة عراقية مذهلة، هذا النصب فيه امتدادات من سومر الى الان الى المستقبل..

 واضاف: اؤكد لك ان مثل هذا الاعلانات هي تشفيرات ورسائل يريد البعض ان يوصلها لنا ….

فيما قال الروائي خضير فليح الزيدي: اثيرت ضجة فعلا حول مقدمات برنامج (اكبر جذاب)، انا مع قضية ان من حق البرنامج ان يبيح لنفسه ما يفعله، لأن هذا جزء من ايماننا بالرمزيات وتقديس الرمز، نصب الحرية في لحظة معينة وعبر البرنامج يضرب ويهدم، انا لا اعتقد ان القضية فيها اساءة كبيرة، فلو نبحث في تفكيك الرمز لوجدنا ان الذي عمله هي حقبة العسكرتارية البغيضة في العراق، ان صح التعبير، بقي الرمز شاخصًا وكبيرًا في مكان استراتيجي في بغداد ولكن هذا الرمز من حق الدراما ان تقدم إثارة ومن هذه الاثارة ما شاهدناه في تهديم النصب، وأنا شاهدت بعض المسلسلات الأجنبية التي تعتمد على الخيال العلمي وفيها يتعرض تمثال الحرية في أميركا جعلته رجلا وليس امرأة ودعت ان يرتدي النصب ملابس رجل عصرية مثلي.

واضاف: انا لا اعتقد ان لقطات تهديم النصب سوف تؤثر على نفسية المواطن او الاطفال الذين لا يعرفون معناه، اعتقد ان الموضوع اخذ مدى واسعا وكبيرا وهو لا يستحق، وربما لولا هذه الاثارة لما كان البرنامج يشاهد من اعداد كبيرة من الناس، وانا مع البرنامج في ان يستبيح رمزيات او اساطير، فنحن لدينا دائما مشكلة مع الرمز، ثم من يهتم له، فأنا امر منه يوميا وهناك بلاطات في فضاء النصب ساقطة ولا احد ينتبه اليها ولم يجر اي ترميم له، صحيح ان النصب فيه رمزية عالية ولكن من حق الدراما ان تجترح هذه الرمزيات بطريقة او بأخرى.

أما الكاتب خضير ميري فقال : بالتأكيد ان هذه حالة معيبة ومزرية، اذ ان شعوب العالم كله،سواء العربي او الغربي، يعتز برموزه ونصبه وتماثيله ومعالمه، وحتى الاعلام الغربي على تطرفه وتعدده الديمقراطي وانفلاته اعتقد انه لم يمس هذه الرموز، فلا احد يسخر من برج ايفل ولا شاهدنا تمثال فرساي في صورة سخيفة او تمثال الحرية في نيويروك، ولكن العراق فيه ميزة هي حقيقة تحتاج الى تفكيك، انه يكره نفسه، البلد الوحيد الذي يكره جذوره ويسخر من نفسه، هو بلد ساخر وغير جاد في التعامل، وبالتالي في ظل هذا الانفلات الاعلامي والارهاب الاعلامي ايضا، ليس غريبا على قناة فضائية، بالسخرية من هذا النصب لاسباب معينة، ولا توجد قناة بريئة الا ما ندر، وبالتالي هذا المساس بهذه الرموز هي مساهمة في تفكيك العراق، انا قرأت كتابا لمجموعة باحثين اميركان اسمه (محو العراق/ محاولة ازالة العراق وزرع اخر) ربما هذا مشروع قديم الى حد ما ويقع في نظرية المؤامرة ولكن العراق لم تسخر ان تفككه قناة فضائية وبقي البلد صامدا على الرغم من ان ما مر به لم يمر به احد من قبل.

    من جانبه قال الاعلامي والفنان التشكيلي الدكتور مجيد السامرائي: هذه فنطازيا كل شيء فيها ممكن لم اسمع مبالغة عند شعب كما سمعتها من العراقيين: هذا يطير (فياله/ افيال)، الفنطازيا ضد الرموز، ماعندنا غير النصب متفق عليه يتفق عليه الجميع دون ان يفهمونه، محمد غني قال لي ان الناس كانوا يسمونه، بعد ان ساعد جواد سليم في تركيب اجزائه العائدة من مصاهر فلورنسا، كانوا يسمون النصب (العكركة) لان الجزء الذي نصب اولا يشبه الضفدعه؟، في مصر ايضا فنطازيا الدراما تبيح لهم السخريه من برج القاهرة حتى المنتحرين دراميا يرمون بانفسهم منه.

  أضاف: زمان ياخوي كان هناك عراف قزم يعيش في الكسرة كان الاولاد يقذفونه ان مر بالحجاره قرر ان ينتقم فصار عرافا مشهورا  اتدري ماذا قال؟ قال:لابد من نسف نصب الحرية حتى يزول النحس عن بغداد هذه فنطازيا، لقد سرق العتاكه تمثال السعدون ولولا الصدفة وحدها لكانوا سرقوا نصب الحريه ، لقد شلعوا نصب التأمين على الحياة قرب وزارة التجاره لإسماعيل فتاح ولا احد شعر بغضب في حينها.

وتابع: السوريالية بعد موجة السوداوية التي انتابت الناس بعد الحرب العالميه الثانية حطمت المثل والأيقونات والرموز وسخرت منها الفنطازيا تسعى لإحداث صدمه، انا غير مصدوم. لمّا شفت الاعلان ضحكت،الهدف ان نتلقى كل شيء ببلادة، انا كتبت فقط: النصب. كل العمليه كذب ونصب، لو افاق اهل بغداد ووجدوا النصب منهارا ماذا سيفعلون؟ الله يستر، بس لاتتحقق أمزوحة هذا الكذاب الاكبر.

 واستطرد: هذه موجة تحشيش عبثية. هناك فيلم يتحطم فيه برج إيفل. لو تحققت الفكرة لمات الفرنسيون بالسكتة الدماغية. النصب باق لأنه لارمز فيه يختلف عليها الناس، هناك حنين الى ايام الزعيم وربما عودة الملكية، وقطعا لا اعتبر تهديمه أمرًا عاديًّا، لا يا معود الله يستر انها القيامة.

المصدر: إيلاف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*