الحكمة – متابعة: بدأت القوات العراقية، بدعم من الحشد الشعبي وأبناء العشائر، عملية عسكرية واسعة النطاق يوم 13 تموز 2015 لاستعادة مدن محافظة الأنبار من قبضة داعش. وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع وقيادة العمليات المشتركة، بدء عمليات تحرير الأنبار في بيان متلفز نقلته قناة العراقية شبه الرسمية. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض “جوش ارنست” أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيدعمون القوات العراقية الحكومية خلال عملياتها في الأنبار. وكان داعش قد فرض سيطرته على أجزاء من المحافظة خلال عام 2014، وعزز وجوده في الأنبار بالسيطرة على مدينة الرمادي خلال شهر آيار 2015، بعد خسارة سيطرته على محافظة صلاح الدين.
إنجازات ميدانية للقوات العراقية
أعلن وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، بعض ما أنجز من أهداف في اليوم الأول من معركة تحرير الانبار، وكانت كالتالي، “قيام لواء المشاة 50 بتطهير القرى على الطريق العام من ناظم الثرثار إلى ناظم التقسيم. أما على محور منطقة كريمش الغربية، فذكر العبيدي أن “لواء المشاة الآلي 41 قام بتطهير المحور المؤدي إلى منطقة كريمش الغربية.
وقيام اللواء المدرع 36 بتطهير قرية الطراح الشرقية مع مجموعة المخازن الموجودة هناك. وفي هذا السياق استقبلت بغداد الوجبة الأولى من طائرات أف 16 الأميركية التي تعاقد العراق على شراء 36 طائرة منها، والتي يتوقع العراقيون وصولها هذه الأيام بعد استكمال تهيئة القاعدة العراقية في مدينة “بلد” شمال بغداد لتكون قاعدة انطلاقها في عملياتها المقبلة ضمن جهود الجيش العراقي في مواجهة داعش.
إن وجود هذه الطائرات المقاتلة لدى العراق سيكون تطوراً نوعياً، يسهم بتغيير قدرات الجيش العراقي في مواجهة داعش. استطاعت القوات العراقية أن تتقدم بنحو كبير وتحرر منطقتين هما “البوشجل والشيحة” الواقعتين في جزيرة “الخالدية” بين ناحية “الصقلاوية” ومدينة الرمادي.
المراقبون العسكريون اوضحوا بأن استعادة المنطقتين بعد تطويق القوات الأمنية وقوات الحشد الشعبي الموالية لها، بات قريباً، وبالأخص مدينة الفلوجة التي تعد أبرز معاقل تنظيم داعش.
وفي تدوينة للخبير العراقي في الجماعات “الجهادية” هشام الهاشمي قال: أصدرت خلية الإعلام الحربي المعنية ببيانات المعارك الدائرة بين القوات الأمنية وبين داعش، بياناً جديداً يخص عمليات تحرير الأنبار. وأن أبطال مكافحة الإرهاب وصلوا إلى منطقة “طاش” الثانية، الواقعة على طريق كيلو 18 في الرمادي، وعبروا منها إلى بقية الأهداف المناطة بهم. وأن “القوات العراقية طهرت منطقة الملعب الأولمبي، غرب الرمادي. فيما أشارت الى نزوح عدد كبير من عائلات الفلوجة إلى منطقة “البوعلوان”، بعد أن فتحت القوات الأمنية ممرّا آمنا، على الرغم من محاولات داعش من منعهم بإطلاق النار عليهم.
تحدث محافظ الانبار صهيب الراوي، إلى قناة العربية حول عملية تحرير الفلوجة، خلالها أكد بأن العملية تسهم فيها جميع قوى الدفاع والأمن العراقية وبضمنها أبناء العشائر من أهالي الانبار. ويبدو أنه لا توجد خلافات على مشاركة الحشد الشعبي إلى جانب القوات العراقية وبالاشتراك مع الطيران الغربي. هذه المرة الطيران الغربي كانت مشاركته نوعية في ضرب الأهداف وتصعيد عدد طلعاته أكثر من السابق. واستبعد محافظ الأنبار المخاوف والهواجس من وجود خبراء غير عراقيين في الأنبار وهي إشارة إلى احتمال وجود خبراء إيرانيين إلى جانب قوات الحشد الشعبي بقوله إن أهالي الأنبار لا يوجد لديهم مشكلة بالحصول على الدعم من جميع الأطراف من أجل استعادة مدينتهم. القوات العراقية من المتوقع أن يكون بينها أيضا مستشارون أمريكان.
تصريحات المتحدثين باسم وزارة الدفاع العراقية وكذلك إعلام الحشد الشعبي، تعكس أن التخطيط لهذه العملية الواسعة كان جيدا. المباغتة وعامل الوقت أعطيا دعما للعملية. تقوم خطة عمليات تحرير الفلوجة هذه المرة على مهاجمة معاقل التنظيم مباشرة، أكثر من مهاجمة الأطراف كما حصل في العمليات السابقة. ويكون دور الحشد الشعبي المناطقي من أهل الأنبار فضلا عن الشرطة المحلية بمسك الأرض. قوات مكافحة الأرهاب وفرقة الصقور مثلت رأس الحربة لمهاجمة مركز الفلوجة بدلا من القوات العراقية الأخرى.
خطة بغداد تركزت بمحاصرة مدينة الفلوجة وتطويقها من الجهات الأربع مع فتح ممرات آمنة للمدنيين، بالاتفاق مع طيران التحالف الدولي والقوات المحلية لمحافظة الأنبار. داعش حاول قبل انطلاق العملية تشتيت جهد القوات العراقية في الأنبار وذلك من خلال مهاجمته منطقة “الخالدية” شرق الأنبار وكذلك مهاجمة مدينتي “حديثة وهيت”، لكن القوات العراقية وبدعم طيران التحالف الغربي احتوت هذه الهجمات وفرضت سيطرتها أيضا على أجزاء أخرى من محافظة الأنبار أبرزها منطقة “الكرمة” جنوب الفلوجة التي تمتد إلى مدينة بغداد وتعد خاصرتها.
وأعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من أربعة آلاف عائلة نزحت في الأيام الأخيرة من الرمادي والمناطق المحيطة بها إثر الاشتباكات بين القوات العراقية وداعش وأعلنت الأمم المتحدة، أن عدد النازحين من مدينة الرمادي في محافظة الأنبار خلال سيطرة الجماعة على الأنبار في شهر آيار 2015 بلغ أكثر من 114 ألف نازح، وفيما أعربت عن قلقها إزاء الصعوبات التي يواجهها النازحون، أكدت أن عدد الذين تم تهجيرهم في العراق منذ بداية عام 2014 بلغ أكثر من 2.7 مليون نازح.
إن انطلاق عملية تحرير مدينة الانبار من داعش، جاءت هذه المرة وسط حلول سياسية ما بين جميع الكتل والأطراف السياسية الفاعلة في الحكومة والبرلمان ضمن إيجاد حل جذري حقيقي إلى أهالي الأنبار واستعادة الحكومة سيطرتها. العملية هذه شهدت إشراف وزير الدفاع وقادة آخرين على سير العمليات.
أهم ما يميز عملية الفلوجة الآن هو وجود غرفة قيادة سيطرة واحدة إلى جميع القوى التي تقاتل في الأنبار أبرزها الحشد الشعبي والجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب يقابلها تنسيق جيد مع طيران التحالف الدولي، وهذا يعني أن معركة الأنبار توافرت لها عوامل النجاح.
عمليات الفلوجة هذه سوف تضرب بتداعياتها على داعش، بات معروفاً أن خسارته في مدينة أو موقع، يدفع مقاتليه إلى فتح جبهات في مناطق أخرى وربما بعيدة عن معاقله وربما الاستيلاء على مدن جديدة لتعويض خسارته.
عملية الفلوجة هذه تعد الحل السريع لمشكلة الأنبار ونازحيها وربما تحد من قوة داعش في صحراء الأنبار التي باتت تمثل رمزية إلى التنظيم أكثر من كونها معقلا.