ممثل المرجعية العليا: إصلاح الجهاز القضائي يشكل ركنًا مهمًا في استكمال حُزم الإصلاح
391
شارك
كربلاء المقدسة – الحكمة: اعتبرت المرجعية الدينية العليا إن إصلاح الجهاز القضائي بالعراق من أهم متطلبات العملية الاصلاحية بالبلاد, كما جددت المرجعية دعوتها إلى ضرورة الاسراع في اصلاح المؤسسات الأمنية والاستخبارية لتكون قادرة على أداء دورها المنشود، معلنة عن مواساتها وتضامنها مع العوائل المفجوعة بأبنائها نتيجة تفجير إرهابي في علوة جميلة ببغداد.
وقال ممثل المرجع السيد السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية في 28/شوال/1436هـ الموافق 14/8/2015م وفقًا لما ورد عن (العتبة الحسينية المقدسة) ما نصه “لقد أقدم الإرهابيون المتوحشون يوم أمس على تفجير سيارة مفخخة في علوة الجميلة ببغداد مما أسفر عن سقوط المئات من المواطنين الابرياء بين قتيل وجريح، وقد اُعلن عن تبني.. داعش الارهابي لهذه الجريمة الطائفية النكراء وتبجحه بها، وهو انما يقوم بأمثال هذه الجرائم الوحشية انتقاماً من الشعب العراقي الكريم الذي وقف أبناؤه الميامين في القوات المسلحة والمتطوعون الأبطال وأبناء العشائر الغيارى سداً منيعاً دون تحقق أهدافه المشؤومة، وإننا إذ نعبر عن مواساتنا وتضامننا مع العوائل المفجوعة ونترحم على الأحبة الذين قضوا في هذا الاعتداء الآثم وندعو للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل فإننا نؤكد على إن هذه الجرائم الوحشية لن تكسر إرادة الشعب العراقي أبداً بل تزيده إصراراً على مواصلة القتال حتى تحقيق النصر النهائي وتخليص البلد من رجس الإرهابيين الظلاميين بعون الله تعالى”.
ودعا الكربلائي مرة أخرى الجهات الحكومية المسؤولة إلى ضرورة الاسراع في اصلاح المؤسسات الأمنية والاستخبارية لتكون قادرة على أداء دورها المنشود في توفير الأمن والاستقرار والكشف عن العمليات الإرهابية قبل وقوعها.
واعتبر الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبته من الصحن الحسيني الشريف أن مكافحة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية كانت من أهم هواجس المرجعية الدينية العليا منذ السنوات الأولى من تغيير النظام.
وقد أكدت(المرجعية) مراراً وتكراراً في السنوات العشر الماضية في البيانات الصادرة من مكتبها في النجف الأشرف وفي خطب الجمعة على أهمية القيام بخطوات جادة في مكافحة الفساد المالي والإداري وإنه لا أمن ولا تنمية ولا تقدم من دون ذلك.
وقرأ الكربلائي مقاطع من البيانات التي صدرت من مكتب المرجعية بهذا الخصوص في السنوات الماضية: ففي نيسان عام 2006 أي قبل ما يقرب من عشرة أعوام وبعد انتخابات الدورة الأولى لمجلس النواب وقُبيل تشكيل الحكومة أصدر المكتب بياناً ورد فيه (إن من المهام الاخرى للحكومة المقبلة التي تحظى بأهمية بالغة مكافحة الفساد الإداري المستشري في معظم مؤسسات الدولة بدرجة تنذر بخطر جسيم، فلا بد من وضع آليات عملية للقضاء على هذا الداء العُضال وملاحقة المفسدين قضائياً أياً كانوا).
وفي أيلول عام 2006م وبعد تشكيل الحكومة أصدر المكتب بياناً ورد فيه التأكيد مرة أخرى (على ضرورة مكافحة الفساد وسوء استغلال السلطة الذي يتسبب في ضياع جملة من موارد الدولة العراقية وشدد على لزوم تمكين القضاء من ممارسة دوره في محاسبة الفاسدين ومعاقبتهم في أسرع وقت).
وفي شباط عام 2011م أصدر المكتب بياناً ورد فيه (إن المرجعية الدينية العليا تدعو مجلس النواب والحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة في سبيل تحسين الخدمات العامة ولا سيما الطاقة الكهربائية ومفردات البطاقة التموينية وتوفير العمل للعاطلين ومكافحة الفساد المستشري في مختلف دوائر الدولة، وقبل هذا وذاك اتخاذ قرارات حاسمة بإلغاء الامتيازات غير المقبولة التي مُنحت للأعضاء الحاليين والسابقين في مجلس النواب ومجالس المحافظات ولكبار المسؤولين في الحكومة من الوزراء وذوي الدرجات الخاصة وغيرهم، والامتناع عن استحداث مناصب حكومية غير ضرورية تكلف سنوياً مبالغ طائلة من أموال هذا الشعب المظلوم وإلغاء ما يوجد منها حالياً).
هذه نماذج من دعوات المرجعية الدينية العليا وتأكيداتها المستمرة على ضرورة مكافحة الفساد في دوائر الدولة التي لم نجد مع الاسف آذاناً صاغية لها في السنوات الماضية.
واعتبر ممثل المرجع السيستاني أن اصلاح الجهاز القضائي، يشكل ركناً مهماً في استكمال حُزم الإصلاح، ولا يمكن أن يتم الإصلاح الحقيقي من دونه بقوله “لقد أُعلن في الأيام الأخيرة عن اتخاذ عدة قرارات في سبيل إصلاح المؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد فيها وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية. ونحن اذ نقدّر ذلك ونأمل أن تجد تلك القرارات طريقها إلى التنفيذ في وقت قريب نود الإشارة إلى إن من أهم متطلبات العملية الاصلاحية:
اولًا: إصلاح الجهاز القضائي، فانه يشكل ركناً مهماً في استكمال حُزم الإصلاح، ولا يمكن أن يتم الإصلاح الحقيقي من دونه. موضحا إن الفساد وإن استشرى حتى في القضاء إلا أن من المؤكد وجود عدد غير قليل من القضاة الشرفاء الذين لم تلوث أيديهم بالرشوة ولا تأخذهم في الحق لومة لائم، فلابد من الاعتماد على هؤلاء في إصلاح الجهاز القضائي ليكون المرتكز الأساس لإصلاح بقية مؤسسات الدولة.
ثانياً: إن هنالك العديد من القوانين والقرارات التي صدرت في الأعوام الماضية مما فتحت آفاقاً واسعة لممارسة الفساد بأشكال متنوعة، فلابد للحكومة ومجلس النواب ان يعيدا النظر في تلك القوانين والقرارات ويعملا على تعديلها او إلغائها حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
وفي المقابل فإن هنالك حاجة ماسة إلى تشريع قوانين وإصدار قرارات لا يتم الإصلاح بدونها، ومن أهم القوانين الإصلاحية هو القانون الخاص بسلم الرواتب لموظفي الدولة بحيث تراعى فيه العدالة الاجتماعية، إذ ليس من المقبول أن يحظى بعض كبار المسؤولين برواتب تبلغ عشرات الملايين شهرياً في حين لا تبلغ الرواتب الشهرية لكثير من الموظفين ثلاثمائة ألف دينار.
وأضاف الشيخ عبد المهدي الكربلائي إننا نأمل أن تقوم الحكومة ومجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى باجراء الإصلاحات المطلوبة بصورة مدروسة ولكن من غير تلكؤ وتأخير. لا وليعلموا إن الشعب الكريم يراقب عملهم ويتابع أداءهم وسيكون له الموقف المناسب ممن يعرقل او يماطل في القيام بالإصلاحات ومكافحة الفساد.
وبين ممثل المرجع السيستاني ان من المنطقي ان يُمنح المسؤولون فرصة ً معقولة ً لإثبات حُسن نواياهم في السير بالعملية الإصلاحية إلى أمام من دون أن يُخشى مِن زج البلد في الفوضى وتعطيل مصالح الناس والدخول في المهاترات التي لا جدوى منها.
وختم الكربلائي خطبته بقوله “نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع إلى ما فيه خير العراقيين وصلاحهم وأمنهم واستقرارهم.