الثلج يتصدر المبيعات في ظل إرتفاع درجات الحرارة

417

25-8-2015-S-05

      الحكمة – متابعة: لم يتوقع أبو ياسر مع دخول الثلاجة للبيت العراقي أن تستمر مهنته في بيع مادة الثلج بالبقاء طويلاً وأن تمتد في العمر الى هذا الوقت، لكنها كما يقول محدثنا تجاوزت جميع التوقعات في ظل الظروف التي يعيشها البلد، مشيرا الى أن السبب باستمرارها هو انقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي أصبح تقليدا سائدا ويوميا في العراق على الرغم من صرف مبالغ خرافية على الوزارة المعنية التي فشلت في تحقيق ما يصبو إليه المواطن كما يقول بائع الثلج ووكيل أحد معامل بيع الثلج في الكرخ، والذي يمتلك أحد المحال في شارع الرشيد ويزود العديد من المطاعم والبيوت بتلك المادة التي استعادت عافيتها وأصبحت امبراطور المبيعات مع ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة التي يمر بها البلد.

الحرارة وسبب ارتفاعها

ارتفاع درجات الحرارة الذي يتوقع استمراره للأسابيع المقبلة كما تقول الهيئة العامة للأنواء الجوية تتراوح ما بين 48 – 51 درجة مئوية في المنطقتين الوسطى والجنوبية، وبينت مديرة التنبؤ في الهيئة ساجدة علي حسن في بيان صحافي أن “الخرائط الطقسية تشير الى أن الكتلة الهوائية الحارة التي أثرت في مناطق العراق كافة منذ الأسبوع الماضي ستستمر خلال الأسبوع الجاري وبمعدل 48 – 51 درجة مئوية في المنطقتين الوسطى والجنوبية”.

واضافت انه “ليست هناك إشارة لتراجع شدة الأجواء الحارة للأيام المقبلة عدا بعض الانخفاضات القليلة في بعض المحافظات إلا أنها تستمر أعلى من معدلاتها العامة بدرجات عدة)”.

إلى ذلك أكد خبراء الأرصاد الجوية استمرار موجة الحر التي تضرب بلدانا في المنطقة العربية لأيام عدة, مشددين على أن التغيرات على سطح الشمس وراء هذه الموجة ومتوقعين أن تستمر الموجة كل صيف حتى العام2020.

وقال عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك عبد العزيز الشمري في تصريح سابق إن “هذه الموجة شديدة الحرارة جاءت بسبب تأثير الدورة الشمسية الرابعة والعشرين التي بدأت في العام 2008 وتنتهي في العام 2020″، واضاف أن “الموجات الحرارية الهائلة التي تضرب الأرض وتسببت بارتفاع درجات الحرارة جاءت نتيجة الدورات الشمسية والانفجارات الهائلة التي تحدث على سطح الشمس”.

أسعار الثلج في المحافظات

في الوقت الذي وصلت فيه أسعار الثلج الى أعلى مستوياتها في بعض المحافظات، لكنها في بغداد وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في درجات الحرارة لم تشهد ذلك الفارق الكبير الذي شهدته المحافظات التي شهدت انقطاعا ملحوظا في التيار الكهربائي، فمثلا بمحافظة نينوى وصل سعر قالب الثلج الى (13) ألف دينار وهو ما يعادل سعر كيلو لحم غنم عراقي، فيما حطمت أسعار الثلج في محافظة ذي قار أرقامها القياسية وسجلت ارتفاعا غير مسبوق حيث وصل سعر قالب الثلج الواحد إلى عشرة آلاف دينار عراقي، العديد من مواطني مدينة الناصرية أعربوا عن تذمرهم موضحين أن سبب الارتفاع هو الانقطاع التام للكهرباء منذ بداية الصيف، فضلا عن عدم وجود رقابة من مجلس المحافظة على معامل التصنيع.

المواطن علي فالح أوضح أنه مع انقطاع الكهرباء ترتفع أسعار الكثير من المواد ومن ضمنها مادة الثلج”، منتقدا عدم وجود رقابة من مجلس المحافظة.

أما المواطن جبار فليح فأكد أنه من المستغرب وغير المعقول أن يصل سعر قالب الثلج الى مبلغ عشرة آلاف دينار، ومبررات أصحاب المعامل هي في ارتفاع سعر الكاز الذي تعمل عليه المولدات في ظل غياب شبه تام للكهرباء الوطنية التي أصبحت معضلة القرن حتى للحكومة العراقية كما يقول فليح، مطالبا الحكومة المحلية بإيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمة التي تزامنت مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي شملت بغداد والعديد من المحافظات.

الاستغلال في مناطق الأطراف

25-8-2015-S-06

صاحب معمل الثلج حيدر حياوي أكد أن سعر بيع الثلج يختلف في الصيف عن سعره في الشتاء، وذلك لزيادة الطلب سواء من المواطن أو أصحاب المطاعم وحتى أصحاب المحال التي تبيع المواد الغذائية كالأسماك واللحوم، مبينا أن سعر القالب في الشتاء لا يتجاوز الـ(750) دينارا، فيما يبلغ سعره في فصل الصيف الضعف أي (1500) دينار واحيانا (1600) كسعر جملة لوكلائنا الخاصين، أما للمواطن فنبيعه بألفي دينار لكون الوكيل يبيعه بنفس المبلغ، وهذا السعر متفق عليه من جميع أصحاب المعامل على الرغم من الزيادة التي تشهدها أسعار الكاز الذي يعتمده في تشغيل المولدة الكبيرة التي تقوم بتشغيل المعمل أثناء انقطاع التيار الكهربائي، مبينا ان المبالغ المدفوعة للوقود تصل احيانا الى (700) الف دينار في اليوم الواحد، وذلك للطلب المتزايد على الثلج وسببه المعروف انقطاع التيار وارتفاع درجات الحرارة.

وأوضح حياوي ان بعض ضعاف النفوس استغلوا هذه الأزمة وبالغوا بسعر القالب إلى الحد الذي يربحهم 3 أضعاف سعر الشراء، وخاصة والكلام لحياوي في مناطق الأطراف الشعبية البعيدة عن عيون الرقابة، والتي يكون فيها انقطاع الكهرباء السمة البارزة للحياة، أما في المحافظات كما يقول حياوي فحدّث ولا حرج بالنسبة لارتفاع الأسعار.

الجهات الرقابية والمتابعة.

أربعون معملا لإنتاج هذه المادة تنتشر في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، كما يقول صاحب معمل الغدير في منطقة بغداد الجديدة محمد جاسم، وان السقف للإنتاج في المعمل الواحد يصل الى (5000) قالب باليوم في الصيف وذلك للإقبال الشديد من قبل المواطنين وكذلك أصحاب محال القصابة وبيع الأسماك والمطاعم السياحية وكذلك الشعبية بحسب قول جاسم، وهو أمر طبيعي لعدم قدرة أجهزة التبريد المنزلية كالثلاجات والمجمدات على العمل بامبيرات السحب من المولدات، وبالتالي تكون الحاجة للثلج المادة الرئيسة لأية عائلة، موضحا انه في السابق كانت تقتصر مبيعاتنا على الوحدات العسكرية التي تواظب حوانيتها على شراء تلك المادة التي يحتاجها الجندي، وكنا نتوقع مع نهاية الحرب ستكون بمثابة إعلان لنهاية هذه المهنة، لكنها مع غياب التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة انتعشت هذه المهنة واستعاد الثلج عافيته بين احتياجات المواطنين وقد يكون السلعة الأولى الأكثر استهلاكا في الأسواق بالوقت الحالي، وهذا ما يؤكده المواطن ابو عباس الذي يقول إن المبلغ الذي يستهلكه يوميا على الثلج يصل احيانا الى (4000) دينار، وهذا ما يثقل كاهل ميزانية العائلة ومصروفها اليومي، الذي يشمل المبالغ المدفوعة لأصحاب المولدات والمواد الغذائية التي يحتاجها كل بيت.

ويرى أبو عباس انه من الضروري على وزارة الصحة والجهات الرقابية متابعة المعامل المنتجة وصلاحية الثلج المستخدم لأن هناك معامل تجد قوالبها صدئة وقديمة وقد تحمل الأمراض للمستهلك في ظل زيادة الطلب على مادة الثلج.

استخدامه كمادة حافظة

حسام ناصر صاحب كشك لبيع الثلج في منطقة البتاويين يقول: إن مبيعاته في اليوم الواحد تصل الى (150) قالبا في فصل الصيف، أما في الشتاء فتهبط الى (100) قالب وأغلب مبيعاته كما يقول لمحال القصابة والمطاعم وبائعي السمك وكذلك المواطنين الذين لا يستخدمون الثلج للشرب فقط، وإنما ايضا لحفظ بعض المواد التي يتلفها ارتفاع درجات الحرارة”.

مبينا ان الحاجة للثلج ستبقى مستمرة في حالة بقاء الكهرباء على وضعها الحالي، لكن ستنتفي الحاجة له في حالة واحدة وهي استمرار التيار الكهربائي بتزويد البيوت بـ(24) ساعة من الطاقة وهذا أمر صعب في الوقت الحالي كما يرى ناصر، الذي يؤكد أن بعض المعامل تنتج الثلج الأسمر والفارغ الذي يذوب بسرعة وبأسعار مخفضة لبعض أصحاب الأكشاك التي تعتمد في بيعها على أصحاب حافلات النقل الخارجي وخاصة للمحافظات الجنوبية، مطالبا الجهات المختصة بمحاسبة تلك المعامل لكونها تسهم مساهمة فعالة بانتشار الأمراض كالتيفوئيد وغيرها.

25-8-2015-S-07

تاريخ صناعة الثلج

في العام 1834 صنع مهندس أميركي يدعي (جاكوب بركنز) أول آلة لإنتاج الثلج صناعيا لاقت نجاحا لا بأس به في حفظ اللحوم المثلجة، وخلال الثلاثين عاما التي تلت صناعة هذه الآلة اهتم كثير من المخترعين والعلماء بصناعة الآلات التى تنتج الثلج صناعيا, فمثلا قام أحد الأميركيين ويدعى (توننج) من بلدة نيوهافن بصناعة آلة لعمل الثلج في العام 1855 ولقد انتجت هذه الآلة كميات لا بأس بها من الثلج الصناعي لمدينة كليفلاند بمقاطعة اوهايو. وخلال العام 1858 اخترع العالم (فرديناند كارية) آلة لصناعة الثلج بطريقة الامتصاص، وحتى العام 1880 ظهر في الولايات المتحدة وحدها 3000 تسجيل للآلات التي تصنع الثلج صناعيا، وفي العام 1885 أنتجت ألمانيا أول آلة لصناعة الثلج بطريقة الامتصاص التي أكتشفها أول الأمر العالم الكبير فاراداي.

الانعطافة الكبرى للصناعة حصلت في شتاء 1890 حيث كان هذا الفصل دافئا على غير عادته في الأعوام السابقة بدرجة لم يتكون معها ثلج طبيعي في الجهات الشمالية، ولقد تسببت هذه الحالة في انتشار نوع من أنواع الحميات المختلفة بين الناس نتيجة لتناولهم أطعمة أفسدها الجو الحار, مما اضطر الأطباء لوصف الثلج الصناعي لتخفيف هذه الحميات, وللظروف القاهرة استعمل الناس هذا النوع من الثلج ولكنهم بعد ذلك وجدوه يفوق الثلج الطبيعي في كثير من النواحي وبدؤوا يفكرون في الطرق التي بها يحصلون عليه بانتظام وبالطرق السهلة والأسعار المعقولة.

(الصباح)

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*