المرجع السيستاني يدعو إلى ملاحقة رؤوس الفساد الكبيرة واسترجاع أموال العراق المنهوبة
كربلاء – الحكمة – وكالات: دعت المرجعية الدينية العليا، الجمعة، القضاء وهيئة النزاهة إلى البدء بملاحقة “الرؤوس الكبيرة” من الفاسدين واسترجاع الأموال التي “استحوذوا” عليها، فيما أكدت عدم كفاية التناغم مع الإصلاحات “خطابياً” و “إعلامياً”. كما دعت المرجعية الدينية العليا إلى ضرورة أن يهتم المسؤولون بتنشيط القطاعين الزراعي والصناعي بالبلد
وقال ممثل المرجعية في كربلاء السيد أحمد الصافي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة اليوم بما نصه “إن الحاجة الملحّة والضرورية أن الاصلاح في مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها أمر يدركه الجميع ويُقر به الجميع أيضاً فالكل يعلم ويُقر بأن المشاكل الكثيرة التي يعاني منها شعبنا وبلدنا هي في الجانب الأساس منها نتيجة تفاقم الفساد خلال أزيد من عقد من الزمن ولا يمكن تجاوز هذه المشاكل ورفع معاناة المواطنين إلا من خلال إصلاح حقيقي وواسع في كافة المجالات وبهذا الصدد نشير إلى عدة أمور ومنها.
الأمر الأول: أنه لا يكفي أن يتناغم المسؤولون مع دعواتنا للإصلاح ويؤيدوها خطابياً وإعلامياً بل لابد من أن يعملوا بجد ويساهموا بصورة فاعلة في تحقق الإصلاح على أرض الواقع كل من مكانه وموقعه، ومن المؤكد أن أي مسؤول مهما كان موقعه وصلاحياته القانونية لا يتمكن بمفرده من أن يحقق الإصلاحات المطلوبة بل لابد أن يتعاون معه الآخرون في مختلف السلطات، داعيا إلى ضرورة أن يتكاتف الجميع لإنجاز هذه المهمة الكبيرة وليعلموا أن المسؤولية بشأنها إنما هي مسؤولية تضامنية يتحملها جميع من هم في المواقع الأساسية للسلطة.
أما بالأمر الثاني فبين ممثل المرجع السيستاني بقوله: إن من أهم مظاهر الفساد في البلد هو تكاثر الذين أثروا على حساب الشعب واستحوذوا على المال العام بأساليب ملتوية وطرق غير مشروعة مستغلين مواقعهم أو مستفيدين من مواقع معارفهم لتحقيق مآربهم، مشيرا أن أهم الخطوات الأساسية للإصلاح هو البدء بملاحقة ومحاسبة الرؤوس الكبيرة من هؤلاء الفاسدين وأن تسترجع منهم الأموال المنهوبة وهذه في الدرجة الأساس مسؤولية هيئة النزاهة والسلطة القضائية، والكثيرون يتساءلون هل هما على قدر هذه المسؤولية وهل سيقومان بهذه المهمة من دون مزيد من التأخير والتسويف ؟!
وبين السيد الصافي خلال خطبته من الصحن الحسيني الشريف وحضرته وكالة نون أن الشعب العراقي الكريم الذي عانى طويلاً من الفساد وازدادت معاناتهُ سنة بعد أخرى يترقب أن تتسارع الخطوات الإصلاحية وأن تكون حقيقية تمسّ الجوهر وأن تكون شاملة تعم مختلف مؤسسات الدولة وتطهرها من هذا البلاء الماحق.
وفي الأمر الثالث فقال السيد أحمد الصافي: إن ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم وضع استراتيجية متكاملة لتوفير موارد مالية للبلد غير أثمان النفط وجه من أوجه الفساد، مبينا أن العراق يعاني من عدم استثمار موارده وإمكاناته الكثيرة ما عدا النفط بصورة صحيحة فبدلاً من تنشيط القطاعين الزراعي والصناعي وتوفير فرص العمل للشباب في هذين الحقلين المهمين نجد زيادة مستمرة في أعداد الموظفين في الدوائر الحكومية من غير حاجة حقيقية إلى الكثير منهم.
وأضاف السيد الصافي إلى ضرورة أن يهتم المسؤولون بتنشيط القطاع الزراعي لأهميته في تحقق الأمن الغذائي من جانب وتوفير فرص العمل من جانب آخر, فلابد من أن يوفرّوا له كل السبل التي من شأنها أن تنهض وترتقي به. مبينا أن الترويج للزراعة والاهتمام بالمزارع والفلاح وتذليل العقبات التي يواجهانها أمر لابد منه لو أرادت الحكومة علاج جانب من المشاكل الاقتصادية للبلد.. وكذلك القطاع الصناعي فإنه يعاني من الإهمال إلى حدّ كبير وهناك المئات من المصانع الحكومية المعطلّة يستتبعها عشرات الآلاف من العمال العاطلين الذين يطالبون برواتبهم فلابد من وضع خطط مناسبة لفرز ما يصلح أن يُعاد العمل فيه من تلك المصانع ويسعى إلى تطويرها وإقامة مصانع جديدة وإنعاش القطاع الصناعي بشكل عام وحماية المنتوج الوطني من التنافس مع المنتوج الخارجي والاعتماد على الصناعات المحلية وتحصينها وقطع دابر الفساد فيها.
وتابع ممثل المرجعية بحديثه “لقد قلنا فيما مضى ونكرر اليوم مرة أخرى أن القضاء على الفساد يحتاج إلى صبر وأناة.. ولكن لابد من الاسراع في اتخاذ خطوات حقيقية في هذا المجال تكون هذه الخطوات مقنعة للشعب ومطمئنة له بأن المسؤولين جادون في الإصلاح ويسعون للقيام بما هو ضروري في سبيل تحقيق هذا الإصلاح.
وختم بقوله نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل بلدنا بلداً آمناً وأن يطهرهُ من الإرهابيين والدواعش والظالمين والفاسدين والمفسدين وسُرّاق المال العام.
س ف