الاقتصاد الريعي.. ما هو؟ وما مدى قوته؟

360
الاقتصاد الريعي نظام اقتصادي استثنائي لا يدوم طويلًا؛ لأنه مع نفاذ الثروات الطبيعية تقف الدول أمام اقتصاد مشلول.
الاقتصاد الريعي نظام اقتصادي استثنائي لا يدوم طويلًا؛ لأنه مع نفاذ الثروات الطبيعية تقف الدول أمام اقتصاد مشلول.

الحكمة – متابعة: تردد إلى مسامعنا كثيرًا لفظ الاقتصاد الريعي أو اقتصاد الريع، وكعادة التعامل مع أي مصطلح، لابد من تعريفه، والتفرقة بينه وبين أنواع الاقتصاد الأخرى. فماذا يعني مصطلح “الاقتصاد الريعي”؟

في بداية الأمر لابد أن نعرف معنى الريع، وله العديد من التعريفات، حيث أن الريع لغة تعني: “النماء والزيادة.. ويقال أرض مريعة أي مخصبة، وريعان كل شيء، ومنه ريعان الشباب”، ويعني امتلاك قيمة اقتصادية توفر دخلا مضمونا لمدة من الزمن.

أما مفهوم الريع في النظرية الاقتصادية فيعني: “الدخل الناتج عن مورد طبيعي بسبب الخصائص الفنية لهذا المورد”، ويعرفه بعضهم بأنه: “كل دخل دوري غير ناتج عن العمل أو الدفعات المنتظمة (المال)”. وأفضل التعريفات هو التعريف الثاني. فكل “دخل” لم يتولد نتيجة “عمل” فهو دخل ريعي. والعمل هنا يعني تصنيع أو تجارة أو تقديم خدمة.

إن عوامل الإنتاج 4:

أولها:

الأرض وما تمنحه لنا، أي الموارد الطبيعية من معادن وبيئة جغرافية.

وثانيها:

القوة العاملة وما تقدمه من قيمة مضافة على كل ما تبذل فيه جهدا.

وثالثها:

رأس المال: وهو النقود التي نشتري بها أدوات إنتاج (المال الذي نشتري به سلعا استهلاكية لا يعتبر رأس مال).

ورابعها:

التنظيم، ويعني تدخل العقل البشري لتعظيم العائد من أي نشاط اقتصادي.

ويعتمد الاقتصاد الريعي بشكل أساسي على عنصر “الأرض” كما هي دون أن يستخدمه لإنتاج شيء آخر. وذلك على خلاف الاقتصاد الصناعي أو الزراعي.  فالزراعة والصناعة لا تعتبران اقتصادا ريعيا لأنهما يقدمان قيمة مضافة على المواد الخام أو السلع الوسيطة. فالزراعة تقدم قيمة مضافة محدودة بتحويل البذور إلى محاصيل – والصناعة تقدم قيمة مضافة بتحويل سلعة وسيطة إلى سلعة استهلاكية.. إلخ.

لهذا، تطور مفهوم الريع على مر الزمان حتى أصبح لدى الاقتصاديين الكلاسيك: “مقدار نصيب عامل الأرض من عوائد العمل الإنتاجي”، أما الاقتصاديين الطبيعيين فيرون أن الاعتماد على الأرض لا يعتبر الدخل المترتب عليه دخلًا ريعيًا.

وجاء في الموسوعة العربية أن مفهوم “الريع” ارتبط بالملكية العقارية، حيث أنه في مفهومه البدائي هو “الدخل الذي يحصل عليه مالك الأرض نتيجة وضع ملكيته بتصرف الآخرين مقابل عائد معين عينيًا كان أم نقديًا”.

ووفقًا لنظرية د. حسين مهداوي، فإن الدولة الريعية هي التي تستمد كل أو جزء كبير من إيراداتها الوطنية من بيع أو تأجير مواردها الأصلية للعملاء الخارجيين.

وفي الاقتصاد الريعي تحتكر السلطة الحاكمة أو الدولة هذا المصدر وتستحوذ على مشروعية امتلاكه وتوزيعه وبيعه.

أول من استخدم مصطلح الاقتصاد الريعي باعتباره شكلًا من أشكال المردود المالي، هو العالم الاقتصادي الإنجليزي “آدم سميث” في كتابه “ثروة الأمم”.

أقسام الاقتصاد الريعي

ينقسم الاقتصاد الريعي إلى نوعين، أولهما “مصادر خارجية” ويشمل ريع “النفط والغاز”. إذ أن هناك فارقًا كبيرًا بين تكلفة استخراجهما وسعر بيعهما، وريع “المعادن” الذي يشكل نتيجة تفوق سعر المعادن على تكلفة إنتاجها تفوقًا كبيرًا، وريع الممرات وخطوط النقل الاستراتيجية، وريع تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج، وريع المساعدات الخارجية.

أما النوع الآخر للريع، ويأتي من “المصادر الداخلية” وهي ريع السيادة، والخدمات التابعة لأنشطة الدولة، بالإضافة إلى ريع المضاربات المالية، إذ يسعى للربح دون مجهود.

في النهاية، يرى اقتصاديون أن الاقتصاد الريعي هو مجرد نظام اقتصادي استثنائي لا يدوم طويلًا؛ لأنه في حال نفاذ الثروات الطبيعية التي تعتمد عليها هذه الدول تقف السلطات أمام اقتصاد مشلول لا يتحرك، حيث أنه لا ينتج ولا يستثمر ولا يوجد به كوادر بشرية تستطيع التفكير والابتكار الذي يؤدي إلى التطور، فضلًا عن كونه نظامًا يؤدي إلى انتقاص رأس المال القومي.

(مصر العربية)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*