لوس أنجليس تايمز: معظم مقاتلي داعش الأجانب مراهقون مضللون

332
مراهق داعشي (أرشيف)
مراهق داعشي (أرشيف)

الحكمة – متابعة: رأت صحيفة لوس أنجليس تايمز الأمريكية، في افتتاحيتها الأخيرة، أن العالم لم يعد يصدم عندما يسمع بأن فتياناً وفتيات نشؤوا في الغرب، قد استبدلوا سبل الراحة التي أمنتها لهم أسرهم، بحياة الفوضى والجريمة وسط إرهابيي داعش.

واعتبرت الصحيفة أنه “ما زلنا غير قادرين على فهم أسباب إقدام أولئك الفتية على تلك الخطوة الجنونية، ولا كيف يمكن ثنيهم عن اتخاذها”، وتلفت إلى أن بعضهم نشأ في ضواحي فقيرة، وبعضهم جاء من أسرة متوسطة الحال، وهناك من اعتنقوا الإسلام، وآخرون ولدوا لأسر مسلمة، كما جاء بعض أولئك المقاتلين من أسر مفككة، ونشأ آخرون في ظل أسر متماسكة، وعانى بعضهم من العزلة في المدرسة، فيما حقق آخرون إنجازات علمية واجتماعية، وفيما تحول بعضهم إلى متشددين بأثر التواصل عبر الإنترنت، تأثر آخرون بأشخاص التقوهم شخصياً، كما حاول بعض أولئك الفتية الهروب من مشاكلهم، فيما غالباً ما هربت فتيات من قيود فرضتها أسر محافظة.

عامل مشترك

وبرأي لوس أنجليس تايمز هناك عامل مشترك يجمع بين جميع أولئك المجندين الأجانب، وهو أنهم صغار السن، فقد أشار تقرير استخباراتي دنماركي إلى أن السن النموذجية للأجانب المنضمين للقتال في سوريا تبدأ من ١٦ إلى ٢٥ عاماً، وذلك يجعلهم أصغر سناً من مقاتلين أجانب التحقوا بمجموعات جهادية سابقة، وقاتلوا في أفغانستان، والعراق والبوسنة، ممن كانت أعمارهم تتراوح ما بين ٢٥ إلى ٣٠ عاماً، فقد بات معروفاً أن من يزرعون الأفكار المتطرفة يستهدفون فئة الشباب في سن مبكرة، من أعمار ١٢ إلى ١٦ عاماً.

حيرة

وتقول الصحيفة “نحن نتحدث عن مقاتلين أجانب مخيفين، وهم أطفال، إلى حد بعيد، وتشعر أسرهم بالحيرة إزاءهم، كما هو حال الجميع”.

والتقت الصحيفة بست نساء ينتمين لخمس دول غربية ممن التحق أبناؤهن بداعش، من هؤلاء، كريستين بودرو من منطقة كالغاري في كندا، وتذكرت أن ابنها، داميان، لم يكن يقدمها لأصدقائه..، وكان يتحدث عن “القتل المبرر”، لكنها لم تدرك حينها ما وراء ذلك، فقد ظنت، حسب تعبيرها “إنه مراهق ويمر بمرحلة أخرى من حياته”.

إثارة وحماس

وعبرت جميع أمهات أولئك المقاتلين الشباب عن نفس الفكرة، بحيث ظنن أن مرحلة التطرف، وربما الغضب، لم تكن سوى مرحلة من المراهقة، لكن لا داميان، ولو سواه من الأطفال سنحت لهم الفرصة للخروج من تلك المرحلة، فقد ماتوا جميعاً في سوريا, وتنتظر والدتا مراهقين آخرين، مازالا على قيد الحياة، سماع الأنباء السيئة، في أي وقت.

وبحسب لوس أنجلوس تايمز، يعتقد عدد من الخبراء أن داعش يجتذب مجموعة أصغر من المقاتلين الذين جذبتهم القاعدة، لأنه يركز على الإثارة والحماس، ويقول خبير فرنسي إيراني في الإرهاب فرهد خوسرخوفار “يرسم داعش لنفسه صورة بطولية، على خلاف استراتيجية القاعدة المثيرة للملل، والتي لا تخرج عن إطار خطب يلقيها أئمة، فإن داعش لا يتبع تلك الاستراتيجية، فهو يعرض صوراً لفتيان وفتيات يحاربون، ويعيشون حياة مليئة بالمغامرات”.

مرحلة هامة

وبرأي عضو رئاسة شبكة التعريف بالتطرف ماجنوس رانستروب، فإن داعش يوحي للمجندين بانطباع أنهم يقاتلون في مرحلة محددة هامة، وهو أشبه ما يكون بمنحهم “فرصة اللعب في فرق عالمية”.

ويضيف رانستروب “إن استراتيجية داعش المعقدة لا تعني بأنه يفترض بنا الشعور بالشفقة تجاه المجندين الشباب الذين يلبون نداءه، بل يتحتم علينا تطوير برامجنا لمكافحة الإرهاب، وتطبيق استراتيجية وقائية، حتى ونحن نحاول إيجاد تفسير واضح لأسباب التحاق غربيين بالجماعة الإرهابية”.

مساعدة الأسر

وتقول الكاتبة المشاركة في تأليف كتاب “داعش: دولة الإرهاب” جيسيكا ستيرن، بأن معظم الحكومات الغربية تركز حالياً على العقاب، فقد حكم في أغسطس (آب) على مراهق من ولاية فيرجينيا بالسجن لمدة ١١ عاماً لأنه دون تغريدة على تويتر بشأن استخدام داعش لعملته، ولمساعدته صديقاً له على السفر إلى سوريا، كما يواجه من يعودون من الميدان أحكاماً قضائية.

وتتابع ستيرن “لا تقدم الحكومات المساعدة والدعم اللازمين، أو حتى المشورة، لأول المتأثرين بهذه الأزمة، وهم أسر المراهقين المضللين، ويعود ذلك لعدم وجود نموذج ناجح للتدخل الفعال، فإن هذه الظاهرة جديدة، وبتنا لا نعرف كيف نتعامل معها”.

تقصير ولوم

ورغم ذلك، تعتقد بعض الأمهات أنه كان بوسعهن التحرك لمنع أبنائهن وبناتهن من السفر، إذ قالت أم هولندية بأنه كان يفترض بها أن تلعب دوراً أكثر فعالية عندما اعتنق ابنها الإسلام، وأن تتحرك لمنعه من التردد على مسجد يخطب فيه إمام متشدد، وكم تمنت لو أنها ساعدت ابنها على جمع المساعدات للاجئين السوريين من خلال تواجده في بيتهم في كوبنهاغن، بحيث لم يكن مضطراً للتوجه إلى سوريا.

تدخل فعال

ووفقاً للخبير في قضايا الإرهاب دانييل كوهلر فإن التدخل الفعال ضروري، ويعتقد أن الالتحاق بداعش لا يختلف البتة عن الانضمام لعصابة أو جماعة تقدس زعيمها وما شابهه، أو في الوقوع في مستنقع الإدمان على المخدرات.

ويقول كوهلر “تعلمنا كمجتمعات كيفية التعامل مع العصابات وقضايا الإدمان، ولكننا ما زلنا نقف حائرين في كيفية مواجهة التطرف الديني”.

وتشير لوس أنجلوس تايمز إلى أنه في النرويج، حققت هيئة اجتماعية نجاحاً بإعادة فتيان متشددين، وإخراجهم من هاوية التطرف، فقد وجد عاملون في تلك الهيئة أن بعض أنصار بروفيتيز أوماها، التنظيم الراديكالي الرئيسي في النرويج، أعضاء في عصابات سابقة، ومن ثم وجد أن نفس الاستراتيجيات التي أفلحت في التعامل مع أفراد العصابات تنجح أيضاً عند التعامل مع الراديكاليين، فإن الخروج الآمن والشعور بالانتماء إلى المجتمع والعثور على فرصة عمل هو كل ما يحتاج إليه فتيان وفتيات من أجل إعادة الاندماج بالمجتمع.

(24 – إعداد: ميسون جحا)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*