أخلاق النبلاء

376

Kaaba      كان المنصور العباسي بمكة في سنة من السنين ، فعرضت عليه جواهر كانت عند هشام بن عبد الملك ، فقال : بلغني أن عند محمد بن هشام جواهر غير هذه ، وكان محمد بن هشام حاجا في تلك السنة ، فانتظر المنصور ، حتى اجتمع الناس في الكعبة ، فأمر وزيره الربيع أن يغلق جميع الأبواب ، ويوكل بها من يطمئن إليه ، ويبقي بابا واحدا ، يقف عليه الربيع ، ولا يدع أحدا يخرج إلا من يعرفه حق المعرفة ، إما شخصيا ، أو بشهود .

وفعل الربيع ذلك ، وكان ابن هشام في الكعبة ، فعرف أنه هو المطلوب ، فذعر وخاف ، واضطرب أيما اضطراب ، فرآه محمد بن زيد بن علي بن الحسين على تلك الحالة ، وهو لا يعرفه ، فسأله عن شأنه ، فقال الأموي : ألي الأمان إن أخبرتك ؟ قال السيد العلوي : نعم ، وأنت في ذمتي ، حتى أخلصك . فقال الأموي : أنا محمد بن هشام بن عبد الملك ، فمن أنت ؟ قال العلوي : أنا محمد بن زيد بن علي بن الحسين .

فازداد خوف الأموي ، وقال : عند الله أحتسب نفسي . قال السيد العلوي : لا بأس عليك ، وسأعمل لخلاصك ، على أن تعذرني في مكروه أتناولك به . قال الأموي : أنت وذاك . فنزع السيد العلوي رداءه ، وطرحه على رأس الأموي ووجهه ، وأخذ يجره من خلفه ، حتى إذا وصل إلى الباب ، جعل العلوي يضرب رأس الأموي ، ويقول للربيع : يا أبا الفضل إن هذا الخبيث جمال من أهل الكوفة ، أكراني جماله ذهابا وإيابا ، ولكنه هرب مني ، وأكرى جماله لغيري ، فأعطني رجلين يحرسانه ، حتى يؤدي إلي حقي .

فأعطاه الربيع شرطيين ، فمضيا معه ، فلما بعد عن المسجد ، قال له العلوي : يا خبيث تؤدي إلي حقي ؟ قال الأموي : نعم يا ابن رسول الله . فقال للحارسين : انطلقا عنه . ثم أطلقه ، فقبل الأموي رأس العلوي ، وقال : بأبي أنت وأمي ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، ثم أخرج جواهر ودفعها إليه ، وقال : أرجو أن تشرفني بقبولها . قال : نحن أهل بيت لا نقبل على المعروف ثمنا ، وقد تركت لك أعظم من هذا : وهو دم أبي زيد الذي قتله أبوك هشام ، فانصرف ووار شخصك .

ولا بدع إذا عفا حفيد أمير المؤمنين عن ابن قاتل أبيه ، فجده من قبل صفح عن ألد أعدائه ابن العاص ، وابن أرطأة ، وابن الحكم ، وصاحبة الجمل ، وأوصى بقاتله خيرا .

المصدر: الشيعة في الميزان – محمد جواد مغنية – ص 136 – 137

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*