من هو أول إمام معصوم وُلد من نسل إمامَين معصومَين لأبوَين علويَّين؟

857

20-9-2015-S-10

     الحكمة – متابعة: هو الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط بن علي بن أبي طالب(عليهم الصلاة والسلام)، وهذا نسبه من جهة الأب.

أمّا من جهة الأم، فأمّه هي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم الصلاة والسلام) وتُكنّى “أمّ عبدالله”، وكانت من سيّدات نساء بني هاشم، وكان الإمام زين العابدين(عليه السلام) يسمّيها الصدّيقة ويقول فيها الإمام أبو عبدالله الصادق(عليه السلام): (كانت صدّيقةً لم تدركْ في آل الحسن مثلها)، وحسبها سموّاً أنّها بضعةٌ من ريحانة رسول الله، وأنّها نشأت في بيوت أذن الله أن تُرفعَ ويذكرَ فيها اسمه، ففي حجرها الطاهر تربى الإمام الباقر(عليه السلام).

 عُرِف عهدُ الإمام الباقر (عليه السلام) بكثرة المناظرات والمحاججات والحوارات المفتوحة لأنّ دولة بني أميّة فتحت المجال أمام أهل البدع والمذاهب المنحرفة والاتّجاهات الضالّة والآراء الفاسدة الكاسدة، فقام الإمام الباقر(عليه السلام) باذلاً كلّ جهده بالتصدّي لهذه التيارات المنحرفة عبر وعظهم وإرشادهم وتصحيح أفكارهم وهدايتهم إلى الصراط المستقيم.

العلم الواسع هو ما تميّز به سلام الله عليه، فقد برز علمه هذا في فترة انتشار الفلسفة اليونانية وتوسّع الناس في المناظرات الكلامية وتعدّد المذاهب الفقهية والمدارس العقائدية، ما استدعى بروز شخصيّاتٍ علمية هامة تحمل على عاتقها مهمة ترسيخ دعائم الفكر الإسلامي الأصيل وتقوية دعائم الفقه الشيعي في مقابل المذاهب المختلفة. فكان تأسيس جامعة أهل البيت التي حوت عدداً كبيراً من العلماء الذين كانوا يأتون إلى المدينة المنورة من مختلف الأقطار الإسلامية لينهلوا من فكر الإمام الباقر (عليه السلام) علومهم ومعارفهم، وقد قال عطاء بن واصل وهو أحد كبار علماء العامّة يصف الإمام الباقر(عليه السلام): “ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم في مجلس أبي جعفر الباقر، لقد رأيت الحَكَمَ بن عُيَيْنة كأنّه عصفورٌ مغلوبٌ لا يملك من أمره شيئاً”. ومن ميزاته أيضاً صلابته في مواجهة الحكّام الأمويّين، حيث لم يرضخ لضغوطهم فأكمل مهمّته الإلهية على أكمل وجه. هذا فضلاً عن العبادة والورع والتقوى التي كان يتحلى بها أئمة أهل البيت(سلام الله عليهم) كافة.

وكان الصبرُ والحلمُ من أبرز صفات الإمام أبي جعفر(عليه السلام)، فقد أجمع المؤرّخون على أنّه لم يُسئْ لمن ظلمه واعتدى عليه قطّ، وإنّما كان يقابله بالبرّ والمعروف، ويعامله بالصفح والإحسان، وقد رووا صوراً كثيرةً عن عظيم حلمه، كان منها:

إنّ رجلاً كتابياً هاجم الإمام(عليه السلام) واعتدى عليه، وخاطبه بمرّ القول: (أنت بقر!) فلطف به الإمام وقابله ببسماتٍ طافحة بالمروءة قائلاً: (لا.. أنا باقر)، وراح الرجلُ الكتابيّ يُهاجم الإمام قائلاً: (أنت ابن الطبّاخة!)، فتبسّم الإمام ولم يثره هذا الاعتداء بل قال له: (تلك حرفتها). ولم ينتهِ الكتابيّ عن غيّه إنّما راح يهاجم الإمام قائلاً: (أنت ابن السوداء الزنجية البذيّة!)، فلم يغضب الإمام(عليه السلام) وإنّما قابله باللّطف قائلاً: (إنْ كنتَ صدقتَ غفرَ اللهُ لها، وإنْ كنتَ كذبتَ غفرَ اللهُ لك). فبُهِتَ الكتابيّ، وانبَهَر من أخلاق الإمام(عليه السلام) التي ضارعت أخلاق الأنبياء. فأعلن إسلامه واختار طريق الحقّ.

وقد نصّ على إمامته وخلافته الإمامُ زين العابدين(عليه السلام) في كثيرٍ من المناسبات ومنها قوله: (ألا وإنّه الإمام أبو الأئمّة معدن العلم، يبقره بَقْراً، والله لهو أشبه الناس برسول الله(صلى الله عليه وآله)).

فكان الإمام الباقر(عليه السلام) بحراً في العلم وكان في المعرفة الذروة التي لا يبلغها بالغ، ولذا كان لقب (باقر العلم) منطبقاً عليه تمام الانطباق، وكان أيضاً يهابه سلاطينُ بني أمية وخاصتهم بسبب مكانته العظمى بين العلماء وبين الناس، فما كانوا يجدون سبباً يتّخذونه ذريعةً للبطش بالإمام(عليه السلام)، إلى أن اضطرّوا إلى قتله بالسمّ سراً.

ويروى عن الإمامُ الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر (عليه السلام) في ليلة وفاته أنّه قال: (هذه الليلة سوف أرحل من هذه الدنيا، فقد رأيت والدي –يعني الإمام السجاد(عليه السلام)- وهو يحمل إليّ شراباً عذباً فتناولته، فبشّرني بدار الخلود ولقاء الحقّ).

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيًا.

(شبكة الكفيل العالمية)

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*