زيارة الإمام الحسين (ع) في يوم عرفات بكربلاء حضور الموقف ووحدة المعنى
455
شارك
يوم عرفة من أيام الله الكبرى حيث تتجه القلوب والأفئدة إلى بارئها وهي تترنم بأنشودة الدعاء والتوسل طالبة التطهير وغسل النفوس من السيئات ويحدو بها الأمل بالعودة محفوفة بالبركة ومغفورة الذنوب.
وزيارة الامام الحسين (ع) في يوم عرفة عنوان من معاني ومعطيات لأوجه صلة عميقة وعظيمة بين عرفات مكة وعرفات كربلاء…
وعرفات مكة هو جبل تمتد حدوده من بطنة عرنه وثويه ونمره إلى ذي المجاز ومن المازنين إلى أقصى الموقف، حيث يؤمه الحجيج من كل بقاع الأرض في التاسع من ذي الحجة أي من صبيحة ذلك اليوم إلى أفول الشمس وظاهره للوقوف، ولكن يكره الوقوف عليه بل يستحب الوقوف عند السفح من ميسرة الجبل، ونية الوقوف بقصد القربى وهو من الواجبات ولا فرق بين أن يكون الحاج راكبا أو راجلا او ساكنا او متحركا، ومن المستحبات الأكيدة أن يكون الوقوف بعد الظهر بساعة واحدة.
وتؤكد الروايات على فضل ذلك اليوم أي يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفه، ويأتي بعده عيد الاضحى حيث يعد هذا اليوم من أعياد أربعة.
وربما نحن الآن أحوج ما نكون إلى رفع الستار عن حالة التقارب أو التواصل بين عرفات مكة وعرفات كربلاء وعن وسر ذلك التواصل الإيماني والوجداني بين الموقفين، فقد روي عن النبي الأكرم(ص) أن الحضور عند قبر الحسين(ع) للزيارة والدعاء في يوم عرفه أي يوم التاسع من ذي الحجة هو بمثابة الدعاء في عرفه لمن تعذر عليه ذلك.
وعن الإمام الصادق (ع) قال من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأت قبر الحسين(ع) وليعِرف عنده فذلك يجزي به عن حجة الإسلام. وورد عن يسار قال كنت جالسا بقرب الأمام الصادق(ع) وقلت له كم حجه تعادل وكم عمره زيارة الحسين(ع) يوم عرفه، قال: ومن يحصي ذلك، قلت مائة، قال ومن يحصي ذلك، قلت: إلف، قال: وأكثر ثم قال (بسم الله الرحمن الرحيم وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).
وعن رفاعة قال دخلت على أبي عبد الله (ع) قال يارفاعه هل حججت هذا العام قلت لا جعلت فداك ما عندي ما أحج به ولكن عرفته عند قبر الحسين (ع)، فقال يارفاعه ما قصرت عن ما أهل منى فيه لولا أني أكره أن يدع الناس الحج لحدثتك بحديث لا تدع به زيارة قبر الحسين(ع) أبدا.
وعن الأمام الصادق(ع) قال يتجلى الله تعالى لزوار قبر الحسين(ع) قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم ويغفر ذنوبهم ويشفعهم في مسائلهم. ومن ثم يأتي أهل عرفات فيفعل بهم ذلك .
وورد عن الأمام الصادق(ع) أن فضل زيارة الحسين (ع) يوم عرفه حيث يكتب للزائر مائة ألف حسنه، ويغفر له مائة ألف سيئة، ويرفع له مائة ألف درجه ويقضى له مائة ألف حاجه أقلها أن يزحزح عن النار ويكتب مع الذين استشهدوا مع الإمام الحسين(ع).
كما روي عن الرسول الكريم(ص)أن قراءة التسبيحات والدعاء عند قبر الحسين(ع) في يوم عرفه حيث يقول: ما من عبد آو أمه دعا الله بهذا الدعاء .فلا يطلب من الله شيئا إلا ما أعطاه إلا قطع الرحم أو الإثم.
كما تشتمل تلك الليلة أي ليلة التاسع من ذي الحجة على كرامات متعددة وأحداث ففي تلك الليلة استشهد مسلم بن عقيل (ع) وهاني بن عروه في سنة (60) للهجرة كما ذكر الإمام الصادق (ع) بأن ليلة التاسع من ذي الحجة هي نفس الليلة التي ولد فيها نبي الله عيسى بن مريم(ع) كما ذكر في كتاب مسار الشيعة، وفي نفس الليلة ولد نبي الله إبراهيم الخليل(ع)، كما جاء في كتاب الكفعمي وفي نفس تلك الليلة أمر الله الرسول الكريم(ص) بسد أبواب المسجد إلا باب فاطمة وعلي من خلال ما جاء في الآية الشريفة(وطهر مسجدك).
من هنا حاولت (شبكة النبأ) أن تستطلع آراء الزائرين إلى كربلاء يوم عرفه الذين اكتظت بهم المدينة والوقوف عندهم لما تمثله تلك الزيارة من معطيات متعددة.
يقول أحد الزوار السيد(يحيى الموسوي) إن كربلاء تمثل مهد البطولة والفداء من أجل إعلاء كلمة لا الله إلا الله وما قبر الحسين(ع) إلا صورة واضحة وجلية لذا يتوجه الزوار الذين لم يتسن لهم حج بيت الله الحرام إلى رحاب كربلاء ليعرف عندها وهذا يستند على الأحاديث المروية عن الرسول وعن ألائمه الأطهار الذين يحثون على التوجه إلى كربلاء يوم عرفه.
الشيخ (كاظم ساهي) حاول أن يربط ما جاء في أحداث واقعة الطف وما جرى من أحداث على هاجر وإسماعيل. حيث يؤكد على أن التاريخ قد أعاد نفسه في كربلاء. لذا هو يحرص على الوقوف في كربلاء عندما يتعذر عليه الذهاب إلى مكة لأنه يستحضر الموقف ذاته.
أما الشيخ (نجاح الحسناوي) فإنه يؤكد من خلال ما جاء عن الروايات الواردة عن الرسول وأهل بيته الأطهار على التوجه يوم عرفه إلى كربلاء وزيارة قبر الإمام الحسين(ع) والدعاء عنده كمن ذهب إلى مكة لمن تعذر له ذلك فإنها بمثابة الدعاء في عرفه أو أكثر لذا هو يحرص على الوقوف عند الحسين(ع) في ذلك اليوم.
الشيخ (زهير موحان) ينظر إلى زيارة الحسين(ع) في يوم عرفه من جانب آخر حيوي لما لهذه المدينة من موقف جهادي في سبيل إعلاء كلمة الإسلام ففي كربلاء وقف الحسين (ع) بكل صبر وشجاعة وقد قدم الغالي والنفيس مبتدئا بنفسه وعياله وأصحابه من أجل أن تبقى جذوة الإسلام ملتهبة .ثم استدرك قائلا أي موقف أفضل من هذا. أفلا يستحق الحسين(ع) الوقوف عنده في عرفات وهل عرفات أكثر شأنا من موقف الحسين(ع) لذا فالعقل يأمرني والأحاديث الواردة عن الرسول وعن الأئمة كلها تؤكد على ذلك.
أما الشيخ (علي عبد الحسين) فقد حدثنا قائلا: لا أستطيع أن أقول زيارة الحسين (ع) أفضل من التوجه إلى بيت الله الحرام ولكن زيارة الحسين(ع) تمثل وجها أخر لمن تعذر له زيارة مكة.. ففي كربلاء قبر ابن بنت الرسول الأعظم(ص) وأي بقعه أفضل من تلك البقعة يؤمها الناس للتبرك والدعاء فيها .
لقد أضحت كربلاء مصدر إشعاع فكري وإيماني لكل المؤمنين وهذا ما أعطى زخما ودعما معنويا للذين يتوجهون إلى كربلاء في يوم عرفه لأداء مراسيم الزيارة عند قبر الحسين(ع) للتوسل والدعاء في تلك البقعة التي تشرفت بجسد سبط النبي الأكرم وصحبه الأطهار الذين وضعوا للدنيا منهاج البطولة والتضحية والفداء من أجل أن يبقى نهج الرسالة مصباحا مضيئا ونبراسا يلهم الأحرار.