ثمة “فراغ” بصري بينّ، يشعر به كثير من المتابعين للشأن الثقافي العراقي، ولاسيما المعماريين منهم، يتمثل في غياب شبه تام لوثائق تسرد طبيعة وشواهد البيئة المبنية للمدن العراقية وشخوصها، إبان العقود الماضية، وتحديدًا قبل وبعيد تأسيس الدولة الحديثة في بداية العشرينات من القرن الماضي. ولئن احتفظت ذاكرة المدن العربية والإقليمية الأخرى بخزين وافر من تلك الوثائق المتنوعة (المصورة منها على وجه الخصوص)، فإن بغداد، ومدن العراق عامة، لم تحظ بمثل هذا الاهتمام، ما جعل من “تصور” خصائص وخصوصية البيئة المبنية المحلية أمرًا عسيرًا، يلفه كثير من الغموض والضبابية.
واجد شخصيًّا: كمتابع للشأن المعماري الحداثي العراقي، على سبيل المثال، فجوة معرفية واسعة تنشأ من جراء هذا الغياب، تعيق الوصول إلى استنتاجات موضوعية لما تحقق معماريًا، في فترات لاحقة على تكون ونشوء العمارة العراقية الحديثة.
ورغم أن الصورة الفوتوغرافية، ما انفكت تمثل الوثيقة الأكثر صدقية والأشمل سردًا لطبيعة المشهد المديني المسجل فيها، فإن بعض صور مشاهد بغداد الملتقطة، (الصور المحددة والشحيحة)، العائدة إلى فترات ما قبل تأسيس الدولة، والتي يتم تداولها بشكل واسع بين المعنيين؛ أمست لا تثير انتباهنا، مثلما لا يضيف مضمونها المعلوم والمعروف شيئًا جديداً أو طازجاً إلى ذاكرتنا، وبالتالي فهي قد “استنزفت” أهمية جديد مفردات محتوياتها. نحن، إذن، أمام عائق كبير يحول دون الإلمام بمعرفة شاملة وموضوعية، لما تحقق معمارياً، من جراء ندرة الوثائق المصورة المسجلة لنواحي الحياة وطبيعة البيئة المبنية ، بيد أن افتراض وجود وثائق مكتوبة أو مصورة هنا وهناك مجترحة من قبل مثقفي تلك الفترة الزمنية، وإمكانية الكشف عنها مستقبلًا، يمكن له أن يزيل أو يحد من التأثيرات السلبية لتلك الحالة. ولا بد، في ظني، أن تكون صور فوتوغرافية موجودة في أمكنة أخرى، لكنها غير متداولة على نطاق واسع. وأفترض أن أرشيف الدولة العثمانية المحفوظ في تركيا؛ وكذلك الصور المنشورة في كتب المستشرقين؛ والصور المخزونة لدى مجموعات خاصة، بالإضافة إلى ما يحفظ أرشيف المؤسسات الأجنبية التي عملت بالعراق (شركة نفط العراق IPC في الخصوص) وأرشيف الدولة البريطانية وغير ذلك من المصادر الأخرى، سيسعف الباحثين، من دون شك، بثروة من الوثائق المصورة، التي بمقدورها أن “تكشف” لنا جوانب عديدة عن طبيعة المنتج المعماري للمدن العراقية، ولاسيما الخاص بالعاصمة بغداد. في هذا الصدد، يبرز العمل الجاد، والمهم، والمفيد الذي يقوم به الدكتور سعد الفتّال ،خريج كلية الطب من جامعة بغداد (1972)، وحاصل على شهادة الزمالة في الجراحة من كلية الجراحيين في لندن وكلاسكو (1981)، وشهادة الماجستير من ليفربول (1983( ، في إعداد صور فوتوغرافية قديمة تعود إلى تلك الحقب الزمنية، يستقيها من مصادره الخاصة المتنوعة، وينشرها على الشبكة العنكبوتية. إنها صور، في معظمها، نادرة، وغير معروفة للكثيرين، أغنت ذاكرتنا البصرية بنماذج فريدة، واستثنائية في أهميتها المعرفية.
قد لا يكون هدف “فنان” تلك الصور الفوتوغرافية الحصول على توثيق متقصد للمشهد المعماري الملتقط. لكننا، باستطاعتنا أن نوظف ما “جادت” به عدسته الذكية، للتعرف إلى طبيعة تلك المشاهد ومفرداتها. وانأ هنا، استلُّ بعض من تلك الصور التي يرسلها د. الفتال، عبر بريده الإلكتروني، إلى أصدقائه ومعارفه، واجدًا فيها سردًا واقعيًّا وحقيقيًّا لبعض المعالم البنائية المهتم بها مهنيًّا. إني في الوقت الذي أقدر عاليًا نشاطه العلمي المميز، فإني أتعاطف مع حرصه التذكير بحقه المعنوي في ملكية تلك الصور، مثمنًّا إجازته لي بنشرها مع هذا المقال . تظهر أطراف بيوت بغداد المكتظة والمتراصة في “الأفق” العلوي لصورة مسجد السهروردي، الملتقطة سنة 1918؛ (الصورة رقم 1). إنها تؤشر حدود المدينة في ذلك الحين. ويبدو ضريح الشيخ السهروردي، وهو أحد متصوفة بغداد المشهورين المتوفى سنة 1144م، وأحد تلامذة الشيخ عبد القادر الكيلاني، يبدو بقبته المخروطية ذات الطابع المعماري المميز، الذي شاع بناؤه إبان الحقبة السلجوقية. إن المسجد والمقبرة الملحقة به، بعيدان نوعا ما عن نسيج البيوت السكنية المزدحمة. وتدلل الصورة الملتقطة من الجو، عن قيمتها التاريخية بتحديدها تخوم المدينة آنذاك، المدينة التي ستصبح لاحقًا عاصمة للعراق الجديد.
لطالما اعتبرت نهر دجلة، بمثابة “جادة” بغداد الرئيسية. إنه “إفينيو” المدينة الأكثر شهرة، والأوسع شارعًا، في مدينة تغدو طرقها من خلال طبيعة النسيج البنائي المكتظ والمتلاصق فيها ” دروبًا ” ضيقة، تتعرج وتتلوى مخترقة ذلك النسيج المتضام، هو الذي لا يترك مجالًا لتكوّن ساحة أو ميدان، ناهيك عن تكوّن “بارك” أو حديقة، يمكن لسكنة بغداد “التنفس” فيه بحرية. فمسرة التنفس والاستنشاق بعمق، ورؤية الأفق البعيد، ولذاذة التمتع “بحضرة” المكان المفتوح، يمكن له أن يتحقق فقط عند دجلة: (دجلة الخير) (بحسب كلمات الجواهري)، النهر الذي يوفر متعة بصرية للناس، كما يحقق، أيضًا، بيئة مفضلة.. للحيوان!. في صورة رقم (2)، يبدو “جاموس” بغداد (“المعمل” الأشهر للألبان وقتذاك)، مستمتعاً بما توفره له مياه دجلة الجارية من برودة واسترخاء. وتظهر بيوت المدينة المتناثرة في الأفق البعيد، وكأنها وسط بساتين نخيل مكتظة. لكن ما يرى في الحقيقة، هو لمواقع خارج أسوار بغداد. فالمدينة، كما هي في السابق، مافتئت تفتقر إلى مثل هذه النسب العالية من الخضرة. ومآل “غابات” النخيل التي تظهر في الصورة، والتي نخمن بأنها منطقة كرادة مريم، سيكون الزوال في ما بعد، إذ “ستلتهمها” حركة البناء الواسعة والسريعة التي جرت في عقود لاحقة، عن تاريخ الصورة الذي يعود إلى سنة 1917.
يبدو شارع الرشيد (صورة رقم 3)، الشارع الأهم بالعاصمة العراقية (وأحبها على قلوب البغداديين!)، وهو “مزدحم” بالعربات التي تجرها الخيول، التي كانت واسطة النقل الأولى إبان زمن الصورة، التي نفترض أنها نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات. وهذا التحديد الزمني الافتراضي يرجع إلى أسلوب “العمارة” الظاهرة فيها. في تلك الحقبة، “انبهر” البغداديون في طراز ” الآر نوفو”؛ الذي كانت نماذجه المبنية تصلهم عبر “كاتالوغات” مصورة، صادرة من بعض بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. ومنها، من تلك البيانات المصورة، دأب البناة البغداديون المهرة الاقتباس منها واستلهام بعض عناصرها التكوينية والزخرفية. وتحفظ مباني “الرشيد” في مناطق عديدة منه، على خيرة النماذج المبنية للآر نوفو (و”الآر ديكو” أيضًا) ليس فقط في منتج العمارة المحلية، وإنما حتى في مشهد عمارة كثر من العواصم الإقليمية المجأورة. والأمر المؤسف، الذي يثير الحزن أيضًا؛ بأن تلك النماذج الرائعة، قد تم تشويهها وحتى إتلافها في حقب زمنية لاحقة؛ وخصوصًا في السنين الأخيرة. ذلك لأن كثراً ،الآن، لا يقدروا (بل وربما حتى لا يعرفوا!!) أهمية ما يحتويه هذا الشارع الجليل من روائع معمارية. ومثلما خَزَن شارع الرشيد “عينة” من طرز معمارية عالمية متنوعة، فإنه يحفظ أيضًا أمثلة مميزة من نماذج العمارة التراثية والتقليدية، ومنها جامع الحيدرخانة الشهير، (الذي يعود تاريخ بدء بنائه إلى سنة 1819م)، والذي تطل قبته اللازوردية المكسية بالخزف ذي البريق المعدني على فضاء الشارع، مضفية لوناً وجمالًا واختلافاً إلى بيئة الشارع المبنية. ومع أن الصورة المنشورة في الجزء الأيسر من (صورة رقم 4)، يعود تاريخها إلى 1918، فقد قمت، شخصيًّا بالتقاط صورة آخري للجامع ذاته، من ركن شارع المتنبي، (جزء الصورة الايمن) أثناء زيارتي الأخيرة إلى بغداد (2012). ويتساءل المرء، وهو يشاهد الصورتين معًا، هل من ثمة “اختلاف” جوهري طرأ فعلاً على بيئتي الصورتين اللتين يفصلهما حوالي … قرن من الزمان؟!. تسجل عدسة مصور مجهول “باب كلواذا” (باب البصلية سابقا) ،ً(الجزء الاعلى من صورة رقم 5). والباب، كما هو معروف، هو من أربعة أبواب كانت موجودة في سور بغداد؛ الذي شرع المستظهر بالله في بنائه، وأتمه المسترشد بالله سنة 1118م. واستمر السور قائمًا لفترة طويلة، قبل أن يهدمه مدحت باشا، ليقيم من آجره مبنى القشلة ومدرسة الصنائع في القلعة. بيد أن بواباته الأربع ظلت سليمة بعد زوال السور، تؤشر بمواقعها حدود المدينة القديمة. لكنها أزيلت لاحقًا، واحدة بعد أخرى، (عدا باب الظفرية ، وهو الباب الوسطاني( ببواعث مختلفة، آخرها كانت بوابة كلواذا إياها، التي تمت إزالتها في منتصف الثلاثينيات من قبل أمانة العاصمة.
جدير بالذكر أن حيز “باب كلواذا” استخدم ككنيسة للجنود البريطانيين أثناء احتلالهم لبغداد سنة 1917، باسم كنيسة “سان جورج”؛ واستمرت بعملها لحين قرار إزالة الباب، والشروع بتشييد كنيسة بنفس الاسم بالصالحية عام 1936. والتي قام بتصميم مبناها المعمار “جيمس موليسون ويلسون”، أحد المؤسسين الأساسيين لعمارة الحداثة بالعراق. هو الذي صمم أو شارك في تصميم مبان ذات حضور مميز في المشهد المعماري الحداثي العراقي منها: جامعة آل البيت بالأعظمية، والبلاط الملكي في الكسرة، ومستشفى مود التذكاري بالبصرة، ومطار المثنى في الكرخ، ومطار البصرة، ومبنى الموانئ بالبصرة، والمحطة العالمية للقطارات في بغداد، ومحطة قطار الموصل، ومبنى شركة نفط العراق في كركوك، وغيرها من الأبنية المهمة.
واعتبر شخصيًّا عمارة كنيسة سان جورج (التي تظهر في أسفل الصورة، والتي صورت مبناها مؤخرًا، بترخيص كريم من راعي الكنيسة)، من روائع مباني العقد الثلاثيني، وأرصنها تصميميًّا. إنها مشيدة بالكامل من الآجر البغدادي: مادةً وانشاءً. وجماليتها الآسرة تستمدها من خاصية “التكتونك”العالي المهنية؛ كما تستمدها أيضًا، من تقاليد حركة “الفنون والحرف” Arts & Crafts الإنكليزية المعروفة، المغرم بها معمارنا القدير.
يذكرّنا “لو كوربوزيه”، بان “الراحة” – هي إحدى الوظائف الأساسية للمدينة، التي يتعين تخطيطها الحديث، وفقًا لنظر المعمار والمخطط العالمي الشهير، أن يستجيب إلى متطلباتها، مثلما يستجيب إلى متطلبات أخرى كالسكن والعمل وغيرهما. في الجزء الأسفل من الصورة رقم 6، يظهر مفهوم “الراحة” البغدادية زمن قبيل تأسيس الدولة، من خلال استرخاء كسول للزبائن الجالسين في مقهى شعبي، كما يتضح تأثيرها، أيضًا، في الجزء الأعلى منها، حيث السقا” يطفئ” عطش البغداديين الذين يصادفهم في الطرقات التي يمر بها.
يمكن للمرء أن يلحظ أمرين في مفردات الصورة، أولهما: الارتفاع غير العادي، الذي يفصل الأرض عن مستوى سطح “أرضية” التخوت التي يجلس عليها البغادّة وقتذاك. ولقد عد تحقيق مثل هذا الارتفاع أمرًا هامًّا ومطلوبًا، حتى ولو استخدمت “كسر” الطابوق لهذا الغرض. ومرد ذلك، في ظني، هو تحاشي “دبيب” الحشرات ولسعاتها الغاصة بها شقوق الارض ،التي تنهض عليها تخوت المقهى. والأمر الآخر، ظاهرة “التعددية” الواضحة في أشكال غطاء روؤس رواد المقهى وتنوعها. تلك التعديدية، التي سعى الملك فيصل الأول في حينها، إلى تجنبها، مقترحًا “زيًّا” موحدًا: وهي السدارة، (السدارة الفيصلية لاحقًا) لتشي “رمزيًّا” بالوحدة المرتجاة، بين سكان البلد الذي ظهر، على حين غرة، على خريطة المنطقة. ولئن استمر ترسيخ مظهر السدارة في المشهد، الموحي إلى بروز وتشكل “طبقة” اجتماعية جديدة، عابرة للانتماءات الدينية والإثنية والعشائرية والطائفية، ردحًا من الزمن، فإنها سرعان ما اختفت وراء الانكسارات المفجعة التي توالت على البلد من كل حدب وصوب، مبددة الآمال المرجوّة في تقدم وطن، وإسعاد شعب. لكن ذلك، بالطبع، …حكاية أخرى. بما أن دجلة يخترق بغداد، فمن الضروري أن يحضر “الجسر” رابطًا بين الضفتين.
وبعد تأسيسها إبان خلافة المنصور (762م)، باتت تلك المفردة، تشكل إحدى الخصائص التخطيطية الأساسية للمدينة التليدة. في صورة( رقم 7)، يظهر جسران عائمان قديمان. إنهما يمثلان “أميج” الجسور التي طالما أنشئت على دجلة، والتي استعيض عنهما، لاحقًا، بجسور ثابتة. أعلى الصورة، يوضح ،كما هو مؤشر، الجسر الذي كان يربط الكاظمية بالأعظمية، والذي أنشأ “جسر الأئمة” بديلًا عنه في 1957، والأخر، هو الجسر القديم الذي تم تشييد “جسر الشهداء” الحالي عوضًا عنه في 1939. ثمة التباس معرفي يظهر من جراء الكتابات المرافقة للجسر المبين في أسفل الصورة. فما تشيرإليه تلك الكتابات بما أنه جامع الآصفية ، أحسب بأنها معلومة غير دقيقة. ذلك لأن “الآصفية” (التي يعود زمن إنشائها إلى سنة 1826، إبان ولاية الوزير داود باشا)، تظهر إلى يسار الصورة. وما تدلل عليه الكتابة يعود إلى مبنى آخر، موقعه يفترض إلى جنوب المدرسة المستنصرية، والذي يبدو أنه أزيل، كما أزيلت كثير من مباني بغداد العديدة على امتداد تاريخها الطويل!.
ليس من ثمة كلمات، بمقدورها أن تصف محتوى صورة رقم 8، أصدق من مثل “الحدث المترع بالآمال”. نحن نتكلم عن حدث، سينقل الشأن الصحي والتعليمي في البلد، من حال إلى آخر. نحن نتحدث عن لحظة افتتاح مبنى الكلية الطبية العراقية في اليوم الرابع من نيسان 1930، والتي حضرها الملك فيصل الأول شخصياً، مرتدياً اللباس العربي المشحون بالدلالات. (الجزء الأعلى من الصورة)، أما قسمها الآخر، فيبين المبنى ذاته وقد اكتمل وبات جاهزا للاستخدام. صمم المبنى المعمار “هارولد كليفورث ميسن” : معمار الحكومة وقتذاك، وشريك “ولسون” في الكثير من أعماله المميزة.
ليس المقام، هنا، ملائمًا للحديث بإسهاب عن عمارة المبنى. لكني أود، مع هذا، أن استثمر هذه اللحظة لأعبِّر عن تعاطفي مع فكرة “ميسن” واختياراته لنوعية العمارة المتحققة. لا يفتأ “ميسن” أن يعلن عن إعجابه بالذائقية “البوزارية”، في معظم التصاميم التي اضطلع بها منفردًا. أنه “بوزاروي” باريسي بامتياز، رغم أنه درس وتعلم في بريطانيا.
وعندما كلف تصميم واجهة مبنى الكلية الطبية، لم يتوانَ بأن تكون مقاربته التصميمية نفسها، المقاربة الممّجدة للعمارة، العمارة الوقورة لذاتها. ومع أن مفرداتها، بالطبع، بعيدة عن إرث المنطقة البنائي، لكنها تظل تمثل إحدى تنويعات المشهد المعماري المحلي الاستثنائية المميزة. وليس مصادفة أن تختار كخلفية محببة لصورة تخرج الطلبة بحضور أساتذتهم. كما لم يتوانَ المعار نفسه أيضًا، عندما كلف بتصميم “قصر الزهور” بالحارثية عام 1932، أن تكون لغته المعمارية المصطفاة هي ذاتها المحببة إلى قلب “ميسن”، اللغة المعتمدة على ذائقة جمالية رفيعة، والتي بسببها ، اكتسب القصر (الذي أنشر صورته من صور أرشيفي الخاص، صورة رقم 9)، سمعة وانتشار واسعين. والأمر المفجع هنا، (وأنا لا أجد كلمة غيرها تصف الحالة)، هو غياب هذا الأثر الاستثنائي بعمارته وأهميته، بقرار غير حكيم، افضى إلى زواله وتهديمه بالكامل، ما أدى إلى أن يخسر منتج العمارة العراقية الحديثة خيرة نماذجه التصميمية.
لقد أتاح لنا، الدكتور سعد الفتال، من خلال صوره المميزة والنادرة، إمكانية متابعة مسار عمارتنا، وأن “نرى” إنجازاتها في لحظات زمنية، اعتبرت بالنسبة إلى كثر، لحظات منسية، وغائبة عن الذاكرة البصرية للكثير من العراقيين.
[…] فما تشيرإليه تلك الكتابات بما أنه جامع الآصفية ، أحسب بأنها معلومة غير دقيقة. ذلك لأن “الآصفية” (التي يعود زمن إنشائها إلى سنة 1826، إبان ولاية الوزير داود باشا)، تظهر إلى يسار الصورة. شاهد المزيد… […]
[…] فما تشيرإليه تلك الكتابات بما أنه جامع الآصفية ، أحسب بأنها معلومة غير دقيقة. ذلك لأن “الآصفية” (التي يعود زمن إنشائها إلى سنة 1826، إبان ولاية الوزير داود باشا)، تظهر إلى يسار الصورة. شاهد المزيد… […]