أول تقرير يوثق ويرصد الانتهاكات التي تعرض لها الشبك في العراق

434

28-9-2015-S-07

    الحكمة – متابعة: قلّما حاز الشبك على اهتمام في وسائل الإعلام المحلية أو الدولية، كما أن الانتهاكات التي تعرضوا لها لم تحظ بتغطية أو توثيق يتناسب مع ما تعرضوا له من مأساة. لكن تقريرًا شاملًا صدر عن مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية جاء في وقته ليوثق انتهاكات حقوق الأقليات وخصص جزءاً كبيراً منه ليرصد الانتهاكات التي تعرض لها الشبك.

التقرير الشامل والذي صدر باللغتين العربية والانكليزية (النسخة العربية من 144 صفحة) يمثل جزءاً من جهد مسارات التي تعنى بحقوق الاقليات والتي صدرت عنها سلسلة من الدراسات وثقت تاريخ وواقع الأقليات خلال الأعوام الماضية.

وجاء تقريرها الأخير ليسد فراغًا في جهود المؤسسات العراقية في رصد الانتهاكات، وبحرفية عالية ومنهجية ذات طابع دولي.

  • الشبك .. ما من مكان آخر

يبدأ التقرير بتقديم وصف اثنوغرافي عن الشبك، ثم يشير الى وضعهم النفسي والاجتماعي بالقول “من الصعب على أفراد هذه الأقلية أن يتخيلوا أنفسهم في مكان آخر”.

وكان البديل بالنسبة للشبك الانتشار على خريطة واسعة من النزوح تمتد من كردستان إلى أقصى مناطق ومدن جنوب العراق، حتى أن كثيرا من عوائل الشبك قد انقسمت بين جزء نازح في كردستان وآخر في وسط أو جنوب العراق.

ويروي التقرير قصصاً بأسلوب حرفي عن معاناتهم ليخلص إلى القول أنه “في الفترة التي شهدت النزوح خلال عام كامل (تموز 2014- تموز 2015) عاش النازحون من الشبك في ظل وضع مأساوي أسوة ببقية النازحين من الأقليات”.

ويضيف  أنهم “واجهوا انتهاكات سواء على مستوى الجهات الحاكمة في المحافظات الني نزحوا إليها وما أصدرته من تعليمات تعسفية، أو على مستوى التعامل من قبل الجهات الأمنية بشقيها القوات الأمنية التابعة للحكومة الاتحادية و قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، فضلا عن حالات التمييز التي واجهوها من قبل الناس العاديين بسبب وضعهم كنازحين”.

ويتناول التقرير “تقييد حق التنقل بين المحافظات بالنسبة للشبك، إذ أصبح حق التنقل من محافظة إلى أخرى مقيدا بالنسبة للمواطنين كافة، وهو ما يضع أفراد الأقليات أمام خيارات صعبة، إلى حد يجبرهم على دفع رشى أو مخالفة القانون في كثير من الأحيان”.

  • الكفيل والانشطار

ومن بين الإجراءات في هذا السياق والتي يرصدها التقرير هو ” منع المواطنين من الدخول والانتظار لساعات وأحيانا لأيام أمام الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش ” و”سحب بطاقات الهوية لدى نقاط تفتيش الدخول على أن تسلم للمواطنين في نقاط تفتيش الخروج على الطرف الآخر من المدينة”.

كما يلفت إلى أن “العاصمة بغداد والمحافظات في جنوب العراق طبقت نظام الكفيل، وترتب على تطبيقه عدم قدرة أفراد الأقليات الدخول لبغداد أو تلك المحافظات، بسبب عدم وجود كفيل من الأصدقاء أو الأقرباء في المحافظات التي طبقت النظام، حتى لو كان سبب الدخول أو الزيارة إجراء معاملة روتينية”.

ويرى التقرير في هذه الإجراءات “مخالفة واضحة للحقوق الواردة في الدستور عن حرية التنقل والسكن والتملك داخل البلاد التي نصت عليها المادةـ (44) أولا والتي جاء فيها (للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه)”.

ويرصد التقرير الحالات الأكثر تعقيدا والمتمثلة  في “انشطار عوائل النازحين إلى أكثر من جزء، نزح فيها قسم في محافظة في حين استقر الجزء الآخر في محافظة أخرى، وهو ما ستبينه الحالات التي رصدناها من خلال المقابلات التالية في بغداد وبقية المحافظات”.

  • عسكرة الأقليات

كما يتناول قضية “الإجبار على التطوع في التشكيلات القتالية ضد داعش والتي حاول أن يقدم فيها رأيا موضوعيا من خلال إفادات مختلفة” ويلفت إلى “حساسية الموضوع خوفا من توفير توظيفه سياسياً الأمر الذي عكس صراعا حول هوية الأقلية الشبكية بين الجماعات الكبرى”.

ويذهب التقرير إلى أن “تضارب الإفادات حول الموضوع يوضح الصراع حول هوية الشبك وطبيعة الانقسام بين من ينسبون الهوية الكردية للشبك، وبين من يعدونها هوية مستقلة لها خصائصها الإثنية المميزة من لغة وعادات وتدين طقوسي خاص بها ضمن اطار الهوية الإسلامية”.

وتناول التقرير هذا الأمر في فصل مستقل تحت عنوان “عسكرة الأقليات ومصير المناطق المتنازع عليها”.

  • أزمة الفنادق

وتطرق التقرير أيضا إلى أزمة الفنادق في كربلاء وما أثارته من معاناة لدى النازحين من الشبك.

ورأى التقرير انه “لم تكن البنية التحتية للمحافظات التي نزح لها الشبك وبقية الأقليات في وسط وجنوب العراق مهيئة لاستقبال هذه الأعداد الضخمة من النازحين، ولم تكن لدى الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية خطة جاهزة للتعامل مع كارثة إنسانية بمثل هذا الحجم”.

وكانت إحدى الحلول التي توصلت إليها وزارة الهجرة والمهجرين لاستيعاب النازحين، لا سيما مع اقتراب فضل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة واقتراب موسم الأمطار هو تعاقد الوزارة مع فنادق محلية في محافظة كربلاء لإيواء النازحين مؤقتا ريثما يكتمل تجهيز مخيماتهم.

إلا أن انتقال النازحين من الشبك والتركمان إلى هذه الفنادق حسب رصد التقرير ترتبت عليه تبعات إنسانية للنازحين خاصة مع انتشار الجرب وأمراض انتقالية أخرى بين عدد من أفراد النازحين سرعان ما انتشرت للبقية منهم.

  • زنازين سياحية لم يزرها مسؤولون

وترتب على طريقة تنفيذ العقود تعقيد أوضاع النازحين الصحية والنفسية، فضلا عن التعامل معهم بطريقة غير إنسانية وتحط من كرامتهم من قبل القائمين على إدارة الفنادق، إلى الحد الذي أصبحت فيه الفنادق أشبه بزنازين مكتظة بالنازحين حسب تعبير التقرير، ولم يشهد النازحون زيارة لأي مسؤول رسمي من المحافظة يطمئن على أحوالهم، الأمر الذي ترك انطباعا لديهم بأنهم عبء يتمنى المسؤولون التخلص منه في أسرع وقت ممكن.

ويعدد التقرير صور هذه الانتهاكات التي تعرض لها النازحون من الشبك في فنادق كربلاء منها “قطع إمدادات الماء والكهرباء” و “عدم تشغيل المصاعد الكهربائية”و “الحجز التعسفي للنازحين في أيام المناسبات الدينية”.

وذكر التقرير قصصا عن “التمييز ضد النازحين من الشبك” فضلا عن “تقييد حرية التنقل بالنسبة لهم”.

  • الصحة والتعليم

ويشير التقرير أيضا إلى انتهاكات أخرى مثل انتهاكات الحق في الصحة نتيجة للبيئة الصحية غير النظيفة وإهمال شروط النظافة والسلامة، وعدم توفيرها للنازحين الشبك، بحيث انتشرت الأمراض الانتقالية في مخيمات النازحين.

وحتى في المناطق التي ينبغي على الأقل توفر شروط الصحة الدنيا فيها ونعني بها الفنادق فقد انتشرت فيها الأمراض كذلك.

وأشار التقرير أيضا إلى انتهاكات الحق في التعليم، اذ يؤشر التقرير إلى أنه في الواقع يخضع أفراد الأقليات لحالات تمييز في التعليم، تتضمن سلوكا تمييزيا وتفضيليا على أساس عنصري في بعض الحالات وعلى أساس ديني في حالات أخرى.

أما بالنسبة للشبك فهو خليط بين الاثنين، فهم أقلية تنتمي لقومية مختلفة عن العرب أو الأكراد من جهة، وهم قد يتعرضون للتمييز بناء على أساس طائفي حسب ما إذا كانوا شيعة أو سنة.

ويذكر التقرير، الذي انتهى بمجموعة من التوصيات المهمة، قصصا عن انتهاكات لحق الشبك في مواصلة تعليمهم، تتضمن حرمانا لهم من حق مقرر قانونا، فضلا عن مخالفتها للاتفاقيات الدولية مثل الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم 1960.

يذكر أن مؤسسة مسارات تعمل على إعداد مشروع قانون لحماية النازحين كجزء من استراتيجيتها للحفاظ على التنوع في العراق.

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*