2015 من أسوأ أعوام المستثمرين في أسواق العالم

392
سوق المال في طوكيو لعبت بمؤشراته الأزمة الصينية (أرشيف/Getty)
سوق المال في طوكيو لعبت بمؤشراته الأزمة الصينية (أرشيف/Getty)

الحكمة – متابعة: ربما سيكون العام الجاري 2015، من أسوأ الأعوام على المستثمرين في أسواق العالم، حيث تتواصل الكوارث التي تهز بقوة شبيهة بالزلزال أسواق المال والسلع العالمية.

إذ لم تنته أزمة أوكرانيا وتداعياتها على الحظر الروسي وما تركه من آثار على الأسواق الأوروبية، حتى جاءت أزمة اليونان التي انتخبت، في بداية العام الجاري، حزب سيريزا اليساري، الذي كاد أن يفكك منطقة اليورو، بعد أن باتت اليونان قاب قوسين أو أدنى من الخروج من منطقة اليورو.

وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأت أزمة أسواق المال الصينية وتدهور سعر اليوان وآثارها على معدل النمو الاقتصادي الصيني وتفاعلاتها في أسواق المال، التي انعكست على هبوط الطلب على السلع، وعلى رأسها النفط. والآن يحل على العالم الغزو الروسي لسورية، الذي لم تعرف بعد تداعياته السياسية والاقتصادية، وإلى أين سينتهي بالعلاقات الأميركية ـ الروسية من جهة، وإلى أين سيقود المنطقة العربية من جهة أخرى. ومعروف أن المنطقة العربية التي تعيش جملة من الزلازل السياسية، تعد من أهم مناطق إمدادات الطاقة في العالم.

فالتطورات السلبية المتتالية تلاحق اقتصادات العالم، وحتى الآن لم تنج سوى أميركا من الكوارث المالية. توقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة تشير إلى أن الاقتصاد العالمي ربما سينمو خلال العام الجاري بحوالى 3.0% فقط، بدلاً من التوقعات السابقة التي كانت تعتقد أن عام 2015 سيكون بداية حقيقية لخروج الاقتصادات العالمية من أزمة المال ومعالجات “التحفيز النقدي” الوهمية، طوال الست سنوات الماضية.

وعلى صعيد القطاعات، يلاحظ أن الشركات التي تتاجر في السلع وشركات الطاقة كانت الأكثر تأثراً بالكوارث المالية التي ضربت الاقتصادات هذا العام.

وفيما تواصل الصين ضخ السيولة في سوق المال، وسط هروب المستثمرين، خاصة الأثرياء الذين يملكون محافظ أعلى من 100 مليون دولار في البورصة، تزداد عجلة تدحرج أسعار السلع وتقترب شركات كبرى تتاجر في السلع من الإفلاس.

في بورصة لندن، أعلنت شركة غلينكور السويسرية، كبرى الشركات العالمية التي تتاجر في النفط والمعادن، هذا العام، عن خسارة 676 مليون دولار، فيما خسر سهمها حوالى 40% من قيمته السوقية، خلال العام الجاري. كما تكبّد سعر سهم مجموعة “وود للخدمات النفطية” خسارة 13 بنساً في بورصة، ليتراجع إلى 565.3 جنيها إسترلينيا، خلال الشهر الماضي.

ولا يختلف الحال في أميركا، حيث تتواصل خسائر أسهم شركات الطاقة الكبرى في بورصة “وول ستريت”، لتدفع المؤشرات الرئيسية للأسهم الأميركية إلى الهبوط الحاد.

وتشير بيانات وول ستريت، الخاصة بأسهم الشركات، إلى أن سهم شركة “ماراثون أويل”، أكبر شركة مصافٍ أميركية، خسر حوالى 7.1% من قيمته السوقية، خلال الشهر الماضي، حيث تراجع إلى 16.42 دولاراً، كما تراجع سهم شركة “تشيسابيك” بنسبة 5.5% إلى 7.34 دولارات.

ولم تنجُ الشركات النفطية الكبرى من الخسائر، حيث خسر سهم شركة شيفرون حوالى 3.0%، كما انخفض سهم شركة “إكسون موبيل”، كبرى شركات النفط العالمية، بنسبة 2.8%. وبهذه التراجعات تكون أسهم شركات الطاقة الأميركية قد خسرت 17% من قيمتها منذ بداية العام.

ويقول محللون ماليون في قطاع الطاقة، إن المستثمرين سيواصلون التخارج من أسهم شركات الطاقة، خلال الشهور المقبلة، وسط التوقعات المتشائمة لأسعار النفط. وكان مصرف “سيتي

غروب”، أهم المصارف الأميركية، قد توقع في مذكرة لعملائه، هذا الأسبوع، أن تنخفض أسعار النفط إلى 32 دولاراً للبرميل. كما رجح مصرف غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي أن ينخفض سعر النفط إلى 20 دولاراً.

ويبدو أن خفض اليوان واضطراب سوق المال الصيني، يزرعان الرعب في الأسواق العالمية، ويدفعان المستثمرين إلى الهروب من الأسواق الناشئة، ومن بينها السوق الصيني، في رحلة البحث عن الملاذات الآمنة. وقدّرت مصادر في حي المال البريطاني حجم الأموال التي خرجت من الأسواق الناشئة، خلال الـ13 شهراً الماضية، بحوالى تريليون دولار. وهذا يعني أن المستثمرين يتجهون بشكل جماعي نحو السوق الأميركي، وسط المخاوف من أسواق المال الناشئة، وضعف النمو، والعائد السالب في الأسواق الأوروبية. وتعد أسواق المال في أوروبا من أكثر الأسواق تأثراً بالكوارث العالمية، حيث كانت الأكثر تأثراً بالحظر الغربي على روسيا، حيث فقدت الكثير من الشركات صادراتها إلى السوق الروسية. ثم جاءت أزمة فولكسفاغن الحالية لتضيف أزمة جديدة إلى أزمة اليونان والتباطؤ الاقتصادي. وحتى الآن، تعيش الأسواق الأوروبية أزمة هروب المستثمرين إلى اليورو.  وكانت توقعات بريطانية، قد أشارت إلى أن تريليون دولار ستهرب من أوروبا إلى أميركا خلال العام الجاري. وأظهر مسح نشرته “رويترز”، أمس، تباطؤ النشاط الصناعي في منطقة اليورو، الشهر الماضي، على خلفية انحسار وتيرة طلبيات التوريد الجديدة والإنتاج، حتى مع بدء المصانع تخفيض الأسعار مرة أخرى لتعزيز النمو. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من صدور بيانات رسمية أظهرت تراجع التضخم في منطقة اليورو إلى أقل من الصفر مجدداً، في سبتمبر/أيلول، وستضغط هذه الأرقام على الأرجح على البنك المركزي الأوروبي لتوسيع برنامج التحفيز.

واشترى المركزي الأوروبي سندات حكومية بقيمة 60 مليار يورو شهرياً، منذ مارس/آذار، على أمل رفع التضخم المنخفض وتعزيز النمو الهزيل. وسجل مؤشر ماركت لمديري المشتريات في القطاع الصناعي 52.0، الشهر الماضي، وهو نفس مستوى القراءة الأولية وتوافق الآراء في استطلاع لـ”رويترز”، لكنه أقل من مستوى 52.3 المسجل في أغسطس/آب. وقال كريس وليامسون كبير المحللين لدى ماركت “رغم تحفيز البنك المركزي الذي لم يسبق له مثيل، والانخفاض الكبير في قيمة العملة، يخفق القطاع الصناعي في تحقيق نمو قوي، وربما يكون عرضة لخطر الجمود مجدداً”. وفي بريطانيا، انخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 51.5 من 51.6 في أغسطس/آب. وتوقع اقتصاديون استطلعت “رويترز” آراءهم قراءة أقل قليلاً عند 51.3. وعانت المصانع البريطانية، هذا العام، وأظهرت بيانات رسمية يوم الأربعاء أن الناتج الصناعي البريطاني انكمش 0.5% من أبريل/نيسان.

(العربي الجديد)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*