اكتشاف أحفورة أسنان في الصين تهز فرضية انتشار الإنسان من أفريقيا

427
اكتُشفت أحفورة الأسنان في أحد الكهوف بجنوب الصين، وترجع إلى 80 ألف عام.
اكتُشفت أحفورة الأسنان في أحد الكهوف بجنوب الصين، وترجع إلى 80 ألف عام.

بول رينكون
محرر بي بي سي لشؤون الصحة

الحكمة – متابعة: أحدث اكتشاف أحفورة جديدة في الصين هزة في الروايات العلمية التي تتحدث عن انتشار الجنس البشري من أفريقيا.

وعثر علماء في مقاطعة داوشيان، في جنوب الصين، على أسنان بشرية، ترجع إلى 80 ألف عام على الأقل.

وترجع هذه الأسنان إلى نحو عشرين ألف عام قبل تاريخ هجرة الإنسان الأول من أفريقيا التي قادت إلى انتشار الأنواع البشرية في الكرة الأرضية، وهو المفهوم الواسع الانتشار في العالم.

ونُشرت تفاصيل هذه الاكتشاف في دورية “نيتشر” المعنية بشؤون الطبيعة.

وكانت عدة أدلة، بضمنها أدلة وراثية وأركيولوجية، أثبتت هجرة الجنس البشري من أفريقيا قبل نحو 60 ألف عام.

ويرجح أن البشر الأوائل كانوا يعيشون في القرن الأفريقي، وعبروا مضيق باب المندب، مستغلين انخفاض منسوب المياه.

كما يُعتقد أن كل البشر غير الأفريقيين الذين يعيشون في عالمنا المعاصر تعود جذورهم إلى حركة الهجرة هذه.

لكن الحفريات الأخيرة في الصين كشفت عن 47 قطعة من الأسنان البشرية.

وقالت ماريا مارتينون-تورس، من “يونيفرستي كوليدج لندن”، لبي بي سي : ” من الواضح جدا لنا أن هذه الأسنان تعود إلى أنواع إنسانية حديثة (من حيث تشكلها). لكن المفاجئ فيها كان تاريخها”.

وأضافت : “جميع الحفريات حفظت في أرض كلسية، وهي أشبه بشاهد قبر. لذا يجب أن تكون الأسنان أقدم من هذه الطبقة. وفوقها رواسب كلسية حدد تاريخها باستخدام فحص اليورانيوم بـ 80 ألف عام”.

ويعني ذلك أن كل شيء أسفل هذه الرواسب يجب أن يكون أقدم من 80 ألف عام، ويمكن أن تكون أسنان الإنسان أقدم من ذلك ليصل عمرها إلى 125 ألف عام، بحسب الباحثين.

يضاف إلى ذلك، أن محفورات الحيوانات التي عثر عليها مع أسنان الإنسان تعود إلى عصر البليستوسين المتأخر، وهي نفس الفترة التي تحددت بناء على أدلة تأريخية باستخدام عناصر مشعة.

“تغيير قواعد اللعبة”

قال كريس سترنغر، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن، إن الدراسة الجديدة "تغير قواعد اللعبة" في الجدل بشأن انتشار الإنسان الحديث.
قال كريس سترنغر، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن، إن الدراسة الجديدة “تغير قواعد اللعبة” في الجدل بشأن انتشار الإنسان الحديث.

ومن المعروف بالفعل وجود بعض الأحفورات الخاصة بالإنسان الحديث التي تسبق الهجرة خارج أفريقيا، في كهوف السخول وجبل قفزة في فلسطين. لكن تلك اعتبرت كجزء من انتشار فاشل في وقت مبكر لأنواع بشرية حديثة ربما انقرضت.

بيد أن اكتشاف هذه الأحفورة الفريدة الحديثة في الصين يشوش الصورة.

وقالت مارتينون تورس : “اقترح بعض الباحثين حدوث انتشار مبكر في الماضي”.

وأضافت : “يتعين علينا بالفعل فهم مصير هذه الهجرة. كما نحتاج إلى تحديد ما إذا كانت فشلت وانقرض أصحابها أم أسهموا بالفعل في الأقوام البشرية التي جاءت بعدهم”.

وقالت : “ربما ننحدر بالفعل من أسلاف انتشار يرجع إلى 60 ألف عام، لكننا نحتاج أن نعيد التفكير في نماذجنا. ربما هناك أكثر من هجرة خارج أفريقيا”.

وقال البروفسور كريس سترنغر، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن، إن الدراسة الجديدة “تغير قواعد اللعبة” في الجدل بشأن انتشار الإنسان الحديث.

وأضاف : “كثير من العاملين (من بينهم أنا) قالوا إن الانتشار المبكر للإنسان المبكر من أفريقيا إلى بلاد الشام سجلته أحفورات من كهوف سخول وقفزة قبل نحو 120 ألف عام وهو انتشار فاشل في الأساس ذهب إلى ما قبل فلسطين بقليل أو لم يتجاوزها”.

“لكن العينة الواسعة للأسنان من داوشيان تبدو حديثة من ناحية أحجامها وطبيعة تشكلها، كما يبدو أنه قد تم تحديد تاريخها جيدا بطرق اليورانيوم/ الثوريوم وهو 80 ألف عام على الأقل. وللوهلة الأولى يبدو ذلك متسقا مع الانتشار المبكر عبر جنوب آسيا للسكان الذين يشبهون سكان كهوف سخول وقفزة”.

“لكن حفريات داوشيان تشبه أسنان الإنسان الحديث أكثر مما تشبه سكان كهوف سخول وقفزة، لذلك فإنه إما يكون قد حدث تطور سريع لظهور الأسنان لدى سكان سخول وقفزة في آسيا بنحو 80 ألف سنة، أو أن أسنان سكان داوشيان تمثل الانتشار المبكر والمتباعد للإنسان الأكثر شبها بالإنسان الحديث”.

وتقول مارتينون-تورس إن الدراسة سلطت الضوء على أسباب استغراق 40 ألف سنة أخرى قبل أن يستوطن الجنس البشري أوروبا.

وربما أبقى وجود إنسان نياندرتال الجنس البشري خارج أقصى غرب أورآسيا حتى بدأ أبناء عمومتنا في التطور يتناقصون في العدد. لكن من الممكن أيضا أن يكون الإنسان الحديث لم يتكيف جيدا مع المناخ الثلجي في أوروبا مثل إنسان نياندرتال.

وتشير تورس إلى أنه في الوقت الذي استوطن فيه الإنسان الحديث المناطق الأكثر دفئا في جنوب الصين قبل نحو 80 ألف سنة، فإن المناطق الأكثر برودة في وسط وشمال الصين تبدو قد استوطنت من جانب المجموعات البشرية الأكثر بدائية، والذين ربما يمثلون أقارب آسيويين لإنسان نياندرتال.

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*