السعودية: رقم قياسي في تنفيذ الإعدامات، ما هي الرسالة؟
الحكمة – متابعة :لم يكد يمضي أسبوعان على مصادقة محكمة سعودية على إعدام الزعيم الشيعي الشيخ باقر نمر النمر وما أثاره ذلك من استياء كبير داخل السعودية وخارجها ، حتى خرجت منظمة العفو الدولية بمعلومات تفيد أن السعودية أعدمت ما لا يقل عن 151 شخصا هذا العام، وهو أكبر عدد للإعدامات في البلاد منذ عشرين عاما، حيث يتم الحديث عن إعدام 192 شخصا.
وتوجه للرياض انتقادات شديدة من دول غربية ومنظمات دولية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش التي اعتبرت في تقرير سابق لها أن السعودية لديها واحد من أعلى معدلات الإعدام في العالم.
كان سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف قد رفض تلك الانتقادات أمام مجلس حقوق الإنسان واعتبرها انتقادات “مدافعة عن حقوق القاتل”.
جرائم مرتبطة بالمخدرات
كما اعتبرت المنظمة في سياق انتقاداتها لإصدار حكم بإعدام الناشط الشيعي علي النمر أن السعودية من بين ثلاث دول في العالم تقوم بإعدام أشخاص بتهمة جرائم، يُزعم أنهم ارتكبوها وهم أطفال، إلى جانب إيران والسودان.
ورغم كل تلك الانتقادات فقد قامت السعودية أمس بتنفيذ حكم إعدام في حق مواطن، قام بقتل أحد عناصر إدارة مكافحة المخدرات عند محاولة القبض عليه، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ويوم الأحد أعلنت المملكة عن إعدام ثلاثة ايرانيين أدينوا بتهريب مخدرات، وهو ما دفع بطهران لاستدعاء القائم بالأعمال السعودية في طهران، لإبلاغه أن بلاده “تحتج بشدة” على تنفيذ الحكم.
وتشير الإحصائيات إلى أن عددا كبيرا من حالات الإعدام في السعودية مرتبط بالمخدرات حيث طبق في حق 62 شخصا من مجمل حالات الإعدام المسجلة حتى الآن، وهي تهم تتعلق بتهريب المخدرات إلى السعودية أو توزيعها داخل البلاد حسب المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان.
عدد كبير ممن حكم عليهم بالإعدام في السعودية في 2015 متهمون في قضايا ترتبط بالمخدرات.
ويقول رئيس المنظمة علي الدبيسي في تصريحات ل DWعربية إن ارتفاع عدد حالات الإعدام في السعودية يعود إلى تزايد عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات، ويضيف “آخر تقرير بهذا الخصوص أظهر أن الجرائم المرتبطة بالمخدرات ارتفعت بنسبة 210 بالمائة وبالتالي فإن تطبيق حكم الإعدام على المتهمين بهذه الجرائم لم يُثبت نجاعته، بل إن الوضع تفاقم أحيانا”.
وكانت السعودية بدأت بتنفيذ حكم الإعدام على من ثبت تورطه في قضايا تهريب كل أنواع المخدرات أو توزيعها داخل السعودية منذ حوالي 15 سنة، كما يقول الدبيسي.
مسؤولية الدولة
ويضيف الحقوقي السعودي أنه لا توجد رسالة أو إشارة معينة وراء هذا الرقم القياسي في عمليات الإعدام، حيث “لا توجد أي رسالة لأن السلطات كانت ستعدم هؤلاء على كل حال سواء كان عددهم أقل أو أكثر مما هو عليه.
السعودية للأسف ليست دولة ديناميكية متفاعلة مع هذا المعطى”.
أما خالد الغنامي الصحفي والخبير السعودي فيعتبر أن السعودية تطبق الشريعة الإسلامية، وبالتالي فكل من يرتكب جريمة تستوجب عقاب القتل يتم إعدامه، وفيما يتعلق بقضايا المخدرات يقول الغنامي في تصريحات ل DWعربية” كل من يسافر إلى السعودية يتم إعلامه مسبقا في الطائرة أن السعودية دولة تعاقب من يهرب المخدرات إليها بالإعدام وبالتالي فليس هؤلاء جاهلين بهذا الموضوع، وكل من يهرب أو يقوم ببيع المخدرات يستحق الإعدام لأنه يساهم في تدمير وقتل أعداد كبيرة من الناس”.
وعن الرسالة التي توجهها السعودية من خلال هذا الرقم الكبير يقول الغنامي “الرسالة هي أننا نعتز بديننا وبلدنا، وحريصون على أن تبقى السعودية نظيفة من المخدرات خاصة أننا نشهد تزايدا كبيرا في قضايا المخدرات”.
وبينما يرى بعض المتابعين أن هذا الارتفاع يعبر عن رد فعل صارم من الرياض تجاه ما تشهده المنطقة من حروب واضطرابات خصوصا مع تزايد الأصوات المعارضة منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي، يعتبر دبلوماسيون أن هذا الارتفاع قد يعود إلى الزيادة في تعيينات القضاة، حيث أتاح ذلك النظر في عدد كبير من قضايا الاستئناف المؤجلة.
نزعة لتوجيه الاتهامات لإيران
ويرى الدبيسي أن الدولة مسؤولة عن حدوث مثل هذا الارتفاع، أولا بسبب الفقر المنتشر بشكل كبير مما يدفع بالبعض للاتجار بالمخدرات كي يصبح قادرا على تلبية أبسط متطلبات الحياة، وثانيا بسبب تغييب منظمات المجتمع المدني التي تستطيع المساهمة بشكل كبير في التخفيف من هذه الظاهرة، بالإضافة إلى أن “السجون بنفسها تعتبر مدارس لتكوين مجرمين مستقبليين. فالسجون نفسها مليئة بالمخدرات وحتى من لا علاقة له بها يتعلم في السجن كيف يتعاطاها وكيف يغتني منها، وبالتالي فالموظفون في السجون هم أيضا مسؤولون عن تزايد هذه الظاهرة” حسب الدبيسي.
ويقول خالد الغنامي إن تهريب المخدرات إلى السعودية تزايد بشكل كبير وبكميات مهولة كما يقول ومصدرها في الغالب إيران “معظم المهربين من إيران وبكميات هائلة تستهدف تدمير الشباب السعودي” لكن الدبيسي يستبعد ذلك قائلا إن مجموع من أعدموا من الإيرانيين هذا العام لا يتجاوز 3 فقط ولكنه يلاحظ قائلا: “عموما هناك نزعة في السعودية الآن نحو تحميل إيران مسؤولية كل ما يجري داخل البلاد”.
وعن باقي الجرائم التي حكم فيها على أشخاص بالإعدام مثل حالة الشيخ نمر باقر النمر يقول الغنامي إن النمر لم يحكم عليه بالإعدام بسبب آرائه وإنما بعدما ثبت عليه جرائم خيانة الوطن والدعوة إلى شق وحدة الوطن والدعوة إلى الطائفية. وعوض الحديث عن ذلك توجه للرياض اتهامات من منظمات حقوقية بقمع الآراء المعارضة واستهداف الأقلية الشيعية في البلاد، كما يلاحظ المتحدث.
DW الالماني (د.ب.أ)
ك ح