الحكمة – متابعة: شهدت مناطق الأهوار جنوب العراق موجة نزوح جديدة لعشرات الأسر من الفلاحين ومربي المواشي، بسبب الجفاف الشديد الذي فتك بمزروعاتهم ومواشيهم.
وأعلنت الإدارة المحلية في محافظة ذي قار 369 كلم جنوب العاصمة بغداد، والتي تضم أهوار الجبايش أحد أكبر الأهوار في جنوب البلاد، عن نزوح أكثر من 135 أسرة من مناطق الأهوار، بسبب تفاقم كارثة الجفاف لشح مياه الأنهار وضعف “الإطلاقات” المائية.
وقال قائم مقام بلدة الجبايش (90 كلم شرق ذي قار) بديع الخيون في تصريح صحافي إنَّ “مناطق أهوار بلدة الجبايش وضواحيها من بلدات وقرى الفهود والمنار وغيرها تمر بوضع سيئ انعكس على حياة الناس هناك، حيث تعاني الأهوار في تلك المناطق والتي يعتمد عليها السكان المحليون في معيشتهم من الجفاف، نتيجة ضعف “الإطلاقات المائية” وشح مياه الشرب”.
وأوضح الخيون أنَّ “شح المياه في تلك البلدات أسفر عن توقف نصف محطات ومشاريع تنقية مياه الشرب نتيجة انخفاض مناسيب مياه في الأنهار، فيما تعمل نصف تلك المحطات بمياه غير صالحة للاستهلاك البشري ما ينذر بكارثة بيئية وصحية في تلك المناطق”، مشيراً إلى أنَّ “القرى والأرياف في مناطق الأهوار جفت وهلكت المواشي، وحرم الناس من مصادر رزقهم ولم يعد بمقدورهم الحصول على مياه الشرب”.
واتهم الخيون وزير الموارد المائية العراقي بالتعاطي مع ملف المياه في تلك البلدات على أساس “مناطقي” لأغراض انتخابية، واصفاً إدارة الملف المائي من قبل وزارة الموارد المائية بالسيئ، وأنه أهم أسباب تفاقم أزمة الجفاف، ملمحاً إلى أن زيارة الوزير لتلك المناطق قبل نحو أسبوع جاءت لأهداف إعلامية انتخابية، وأنَّ الخطة التي اتبعتها الوزارة في النجف والديوانية كانت على حساب تجفيف الأهوار في مناطق “الجبايش” جنوب ذي قار.
وأكد تواصل الهجرة من تلك البلدات حيث يبحث الأهالي عن مناطق توفر لهم مصادر جديدة للرزق بعد نفوق مواشيهم وتوقف حياتهم بشكل كامل. ويعتمد سكان الأهوار على تربية المواشي وخاصةً حيوانات الجاموس وعلى الزراعة وصيد الأسماك، والمهن الحرفية البسيطة كصناعة الفخاريات وسلال القصب والبردي، وكلها تعتمد في النهاية على وفرة المياه.
ويكشف المهندس ذنون الكربلائي المختص بالمسطحات المائية عن تعرض الأهوار لكارثة بيئية وإنسانية خطيرة إذا استمرت مشكلة الجفاف، موضحا أنَّ “شح مياه نهري دجلة والفرات والروافد المتفرعة عنهما والمسطحات المائية سبب نفوق المئات من رؤوس المواشي وجفاف شديد أصاب الأراضي الزراعية، فضلاً عن نفوق الأسماك”.
وبين الكربلائي لـ”العربي الجديد” أنَّ غياب سياسة مائية للبلاد عامل آخر في تفاقم كارثة الجفاف المتزايدة في مناطق الأهوار، تحديداً نتيجة سوء توزيع الحصص المائية بين قرى وبلدات ومدن الجنوب”.
وأعلنت الإدارة المحلية في ذي قار في يونيو/حزيران الماضي أهوار جنوب محافظة ذي قار مناطق منكوبة، إثر الجفاف الذي لحق بها خلال عامي 2014 -2015 بعد الانخفاض الكبير في مناسيب مياه نهر الفرات.
وقال المهندس ياسين الناصري أنَّ ثلاثة عوامل سببت كارثة الجفاف في مناطق الأهوار جنوب البلاد منذ مطلع 2014 وحتى اليوم، وهي “السياسة التركية تجاه حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات، وغياب سياسة مائية واضحة لتوزيع الحصص المائية بين محافظات الجنوب، فضلا عن التعامل بهذا الملف بين المسؤولين المحليين على أساس مناطقي أبرز أسباب الكارثة”.