مسلمو لاس فيغاس مرعوبون من العداء الذي يكنه لهم مؤيدو ترامب

365
تعرضت طالبة عبدالوحيد لمضايقات وشتائم
تعرضت طالبة عبدالوحيد لمضايقات وشتائم

جيمس كوك
بي بي سي – لاس فيغاس

يصعب على المرء تصور لاس فيغاس، عاصمة الحياة الليلية الصاخبة الواقعة في وسط صحراء ولاية نيفادا جنوب غربي الولايات المتحدة، بأنها مدينة ملائمة لمعيشة المسلمين.

ولكن، وحسب إحصاءات الجمعية الإسلامية في الولاية، تحوي لاس فيغاس على 6 مساجد ويعيش فيها 30 ألفا من المسلمين.

ولكن الحياة في هذه المدينة – الملقبة “بمدينة المعاصي” – ليست دائما سهلة وهانئة بالنسبة للأقلية المسلمة القاطنة فيها.

عندما تنظر إلى الأضواء البراقة من شباك الحافلة التي تستقلها، تشعر طالبة عبدالوحيد – وهي طالبة بالفعل، كما تعطي دروسا في مسجد الصبور بالمدينة – بالقلق.

فليست هذه الرحلات التي تقوم بها بالحافلة، وهي الأمريكية المحجبة، لطيفة دائما ولاسيما في الآونة الاخيرة.

تقول طالبة، “يرفض بعضهم الجلوس إلى جانبي، كما أسمع بعضهم يتساءل همسا عما إذا كنت أحمل قنبلة بمعيتي أو ما إذا كنت سأؤذيهم.”

وانضمت طالبة البالغة من العمر 19 عاما هذا الأسبوع إلى العديد من المسلمين وأتباع الديانات الأخرى في تجمع لإدانة الهجوم الذي وقع في كاليفورنيا في الأسبوع الماضي، والذي أوقع 14 قتيلا – وهو الهجوم الذي نفذه زوجان مسلمان واعتبر هجوما إرهابيا.

وتحدث الحاضرون الذين كانوا محاطين بالأعلام الامريكية واللافتات التي تحمل شعارات تعلن احترام الإسلام لأمريكا وإعلاءه لقيم التسامح والحرية والديمقراطية، عن الهجوم المذكور وردود الفعل عليه – وعن دونالد ترامب.

وكان ترامب الساعي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل قد رد على هجوم كاليفورنيا بالمطالبة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة إن كان ذلك بصفة لاجئين أو طلابا أو طلبا للسياحة. وقد أدخل ذلك التصريح الرعب في قلوب المسلمين الأمريكيين.

وقال أحد المتحدثين، ويدعى الدكتور ضياء خان، ويعمل اخصائيا في أمراض القلب في لاس فيغاس، إن الإسلام “قد اهين وتلطخت سمعته من قبل سياسيين عديمي المبادئ.”

ومضى للقول إن هذا الخطاب “سيذكي نيران الكراهية ويؤدي بنا إلى ذات المكان الذي يريد أعداؤنا أن نذهب إليه.”

فطين سيف الله يقول إن الجالية المسلمة تتعرض الى مطالب غير منطقية
فطين سيف الله يقول إن الجالية المسلمة تتعرض الى مطالب غير منطقية

نفاق؟

هناك شعور بالتعب والملل هنا من تكرار الأحداث بشكل متماثل، إذ يقع هجوم ثم يتوقع الناس من الجالية الإسلامية أن تؤكد مرة أخرى التزامها بالسلام.

في مسجد الصبور، يقول الإمام فطين سيف الله إن هذه التوقعات لا تخلو من نفاق.

ويقول “إنها متناقضة وتفتقر الى الانسجام، فنحن لا نطالب بذلك عندما يقتل الناس على ايدي العنصريين البيض الذين يدخلون الى المسارح والمدارس والعيادات الطبية والكنائس.”

بعبارة اخرى، لماذا لا يشار إلى هؤلاء باعتبارهم متطرفين مسيحيين حتى عندما يقولون إنهم مدفوعون بتعاليم الإنجيل؟

وقال الإمام “سنكون أكثر أمانا لو أشرنا إلى المجرمين كمجرمين والقتلة بوصفهم قتلة دون إقحام الدين في الموضوع”، مضيفا أن رد ترامب على هجوم بلدة سان برناردينو بكاليفورنيا “سمح للناس” بأن يتصرفوا بعنصرية وتعصب و”أن يعتقدوا إنه شيء لا بأس به أن يميزوا ضد مجموعة بعينها.”

وقال محذرا، “بعد خمسين عاما من النضال الشاق في سبيل الحقوق المدنية، عدنا إلى التمييز والتعصب. فهناك من يتبنى خطاب ترامب ويتلقفه بشغف، وهذا شيء مخيف.”

دعا دونالد ترامب الى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة
دعا دونالد ترامب الى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة

تجمع لترامب

وعندما كان الإمام فطين يدلي بهذه الأقوال، كان ترامب يستعد لمخاطبة مؤيديه في تجمع انتخابي أقيم قرب مجمع (برج ترامب) الفندقي.

واستخف العديد من الحاضرين ما يقال عن إن مواقف ترامب تخلق صعوبات للمسلمين.

فكريس باترسون، الذي كان يرتدي فانلة ولفافا وشارة تحمل كلها شعار حملة ترامب، قال “آمل ألا تؤدي تصريحاته (ترامب) إلى إخراج أسوأ ما في بعض الناس المتطرفين.”

“حسب علمي، لا يوجد هنا من يتعمد إيذاء الناس.”

ولكن نورما آش ماين، التي كانت ترتدي هي الأخرى فانلة تحمل شعار ترامب، فكانت أكثر عدائية بكثير وطالبت بمهاجمة المساجد في الولايات المتحدة.

وقالت، “أعتقد إنه ينبغي تفجير المساجد.” وعند سؤالها إذا كانت تقصد المساجد في الولايات المتحدة، أجابت، “أجل، لأنهم (المسلمون) يواصلون القدوم إلى هنا ويخلقون المشاكل.”

ومضت للقول “لا تعلم من هم، لا تعلم إن كانوا جيدين أم سيئين.”

ومن الغريب أن أحدا من الحضور الذين تحدثنا إليهم لم يؤيد ما قالته نورما أو يحمل آراء مشابهة.

وعندما ألقى ترامب كلمته التي هاجم فيها الإعلام، قاطعه عدد من المحتجين عدة مرات.

وعندما كان الحرس يخرجون أحد هؤلاء المحتجين من القاعة، دعا أحد الحضور إلى إضرام النار فيه.

كان صوتا وحيدا، ولكنه كان كافيا لزيادة الرعب والتوجس بين مسلمي لاس فيغاس.

تقول طالبة عبدالوحيد، “في الأسابيع الأخيرة، سكبت تصريحات دونالد ترامب وأمثاله الزيت على النار بالتأكيد.”

“فقبل أن اتوجه إلى المدرسة، أشعر بقلق عميق. هل سأعود إلى المنزل؟ هل سأرى أسرتي ثانية؟”

ولكن رغم ذلك، تقول طالبة إنها لن تتخلى عن زيها الإسلامي.

“إذا توقفنا عن ارتداء الحجاب، وإذا تخلينا عن وصف أنفسنا بمسلمين، سيعني ذلك أن ترامب وأمثاله قد انتصروا وأن الدستور لا معنى له وأننا إرهابيون بينما نحن لسنا كذلك.”

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*