اليتيم حمَّاد: الطفولة المعذبة

372

m-22012-2015-02

اليتيم حمَّاد: الطفولة المعذبة 1

 “حمّاد” يتيم الأبوين صارع مرض السرطان على مدى ثلاثة أعوام لكن السرطان صرعه أخيراً وتغلب عليه..

يبلغ حمَّاد من العمر ثمانية أعوام لم يشأ له القدر أن يدخل المدرسة كأقرانه أو أن يقف كبقيتهم على طابورها لشراء الحلويات، ولم يشأ له أن يلعب في ساحاتها أو أن يمسك قلماً ويكتب درساً .

كان يعيش حمّاد وأختاه مع جدته لأبيه وهي أرملة عجوز في الستينيات من العمر ويقال “لكل امرئٍ من اسمه نصيب” ويبدو إن لهذه الجدَّة العجوز النصيب الأعظم في اسمها فاسمها نضال وما تعيشه منذ صبيحة يومها وحتى آخره هو النضال بعينه ، فأفراد عائلتها هم ابنتها الأرملة والأيتام الثلاثة لابنها المتوفى وزوجته المتوفاة أيضاً في نفس اليوم أثر صعقة كهربائية، وهناك مجموعة من الأيتام الآخرين للجدة نضال يسكنون نفس البيت الذي غدا كأنه ملجأٌ للأيتام أكثر منه بيتا للدعة والاستقرار وراحة البال.

عائلة تتألف من أرملتين وستة من الأيتام جميعهم أناث إلا حمَّاد المصاب بالسرطان. تقول السيدة نضال أقوم باصطحاب حمَّاد مع كل جرعة علاج إلى مدينة الطب في بغداد ويصل بعد كل جرعة إلى مرحلة خمول أضطر لتركه فترة عند ابنتي هناك ومن ثم أعود لآخذه حتى بدأ عوده يذوي وفقد القدرة على المشي.

يحاول كل من يراهم أو يسمع عنهم أن يضع نفسه محلَّهم, تارةً مكان الجدة وأخرى مكان حمَّاد أو حتى إحدى اليتيمات الخمسة التي تبين إن إحداهن وهي بعمر السادسة مصابة بالتهاب الغدة الدرقية الذي بات يؤرقها ويؤرق تلك الجدة ويضيف عليها عبئاً باهضاً لا تقوى على تحمل أعبائه.

مَنْ لهم عندما تمضي السنون بعد هذه الأرملة العجوز ؟؟ مَنْ لآمالهم المشردة ؟؟

تعيش هذه العائلة في محافظة النجف الأشرف حي الميلاد قرب مستوصف الإمام الجواد في غرفتين ببيت أخيها قد استأجرتها هذه السيدة بـ130 ألف دينار.

اليتيم حماد: مَنْ يَنْدِبُني؟

“لتشعل المآسي قناديلها ولتبدَّل المشاعر ثيابها فالطفل حمَّاد يتيم الأبوين قد ماتْ”

مات حمَّاد بعد أن ارتشف جرعات العلاج والأسى على مدى ثلاثة أعوام، طفل لم يكتب له أن يعيش حياة وردية كأقرانه، وحتى راتبه الشهري الذي كان يتقاضاه من مؤسسة اليتيم الخيرية كان ذووه يصرفونه له على علاج مرض الموت، نعم هو السرطان .. فكلمة سرطان رديفة لكلمة موت وحتى في عرفنا الاجتماعي لا نجرؤ على لفظ كلمة مريض بالسرطان بل نقول “به ذاك المرض”. ان ما نخاف منه قد نال “حمّاد”. كانت الابتسامة تأبى أن ترتسم على وجهه ووجه أختيه اللتين تحضران كل عام في مهرجان المتفوقين الذي تقيمه مؤسسة اليتيم الخيرية لتكريم الطلبة الأيتام المتفوقين.. صارع حمّاد مرض السرطان على مدى ثلاثة أعوام ولكن السرطان بعد أن استشرى في أعماقه البريئة صرعه أخيراً وتغلب عليه. مات ولم تنحبه أمٌ كي تجعل الأرض خضلة أو تبلَّ قبرَه بدموعها. مات ولم يكن له من يلقنه بعد تفرق الأحبة والخلّان عن قبره ، سوى عزيف الجن ونعيب الغراب وصرير الرياح التي تندب طفولته المعذبة. رحماك ربي أنت من تلقيته إليك وأنت أرأف بعبادك من الأمهات الرواضع.

m-22012-2015-01ك ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*