رد فعلك تجاه فصلك من العمل يكشف الكثير عن شخصيتك

369

31-12-2015-S-08

     الحكمة – متابعات: استلمت شيريل باتشيلدر مهام عملها كمديرة تنفيذية لشركة “دجاج كنتاكي” العملاقة للوجبات السريعة عام 2001. كان ذلك بالنسبة لها يعني الحصول على الوظيفة التي كانت تحلم بها طيلة حياتها.

وخلال ثلاثة أعوام، وبعد 14 شهراً من الإيرادات التي وصفتها بـ”الرهيبة”، وجدت باتشيلدر نفسها عاطلة عن العمل لأول مرة طوال عمرها الوظيفي، بعد أن طُردت من العمل.

تتذكر باتشيلدر ما حدث قائلة: “في تلك اللحظات، يجنّ جنونك وتبحث عمن تلقى باللائمة عليه. وصلت لمرحلة لم أكن أتوقف فيها عن التفكير في ذلك.”

تحولت باتشيلدر إلى العمل الاستشاري، وباتت تقضي أوقاتاً أطول مع أطفالها. وتبوأت مراكز في مجالس إدارة شركات كبرى، بما فيها أكبر الشركات المنافسة لشركة “دجاج كنتاكي”، وهي “بوبآيز لويزيانا كيتشن”. والأكثر من ذلك، استنتجت باتشيلدر أنه لا ينبغي عليها البحث عن أناس آخرين تلومهم على طردها من تلك الوظيفة.

في عام 2007، اختار مجلس إدارة “بوبآيز” أحد أعضاء المجلس ليكون المدير التنفيذي القادم للشركة. وحصلت باتشيلدر على أرفع مركز إداري في الشركة، وقالت إنها عازمة على تعلم الدروس من أخطائها السابقة.

تقول باتشيلدر: “كانت لدي فكرة أفضل عن قناعاتي وما يعنيه النجاح. أدركت من تجربتي أن الاختبار الحقيقي لي كشخص قيادي لا يكمن في نجاحي أنا، ولكن فيما إذا كنت قادرة على أن أجعل المحيطين بي ناجحين.”

وبالفعل، أثمر النهج الجديد، فعندما استلمت باتشيلدر مهام منصبها الرفيع، كانت “بوبآيز” قد عانت من سبع سنوات من تدهور المبيعات، وأخفقت مطاعمها العتيقة في اجتذاب الزبائن، ولكن بعد تسلم باتشيلدر لمهام منصبها، ارتفعت إيرادات الشركة لست سنوات متتالية.

كما أضافت الشركة فروعاً جديدة لها في أنحاء العالم، بينما كانت غيرها من شركات الوجبات السريعة ذات الفروع المتعددة، مثل “ماكدونالدز” و”برغر كنغ” تشق طريقها بصعوبة.

يعد استرداد زمام الأمور بعد الطرد من الوظيفة والوصول ثانية إلى منصب رفيع أحد التحديات التي ليس بمقدور الكثير من المدراء مواجهته. لكن الكثيرين ممن يتبؤون مراكز إدارية عليا سيواجهون شكلاً من أشكال الرفض المهني والوظيفي خلال مسيرتهم المهنية.

ويمكن لهذا الأمر أن يتجسد بعدة أشكال، بدءًا من عدم حصول الشخص على الترقيات في الوظيفة ووصولًا إلى خفض الميزانية المخصصة لقسمه أو خفض المشروعات البارزة أو انتقال الزبائن للتعامل مع قسم آخر أو شركة أخرى.

غالباً ما نجد أفضل المدراء والقيادين في العمل قد مروا بتجربة مريرة برفضهم أو طردهم من مركز رفيع، وربما صاحب ذلك المرور بموقف محرج للغاية أمام الناس، قبل أن يصلوا إلى مراكز في القمة.

تقول شيري ثاتشر، أستاذة في إدارة الأعمال بكلية دارلا موور لإدارة الأعمال في جامعة ساوث كارولاينا الأمريكية: “إذا كنتَ في موقع إداري، فإن الفصل من الوظيفة أمرٌ حتمي. لكن الشيء المهم هو أن تحسن التعامل مع هذا الأمر عندما يحدث.”

كيفية التصرّف

بالنسبة لمدير واجه الطرد لتوِّه، فإن أولى الخطوات هي أن تدرك عدم تعلق المسألة بك دوماً. إذا لم تحصل على الترقية أو تم إلغاء المشروع الذي وافقت عليه الشركة ضمن ميزانيتك التي حددتها، فمن السهل أن ترى ذلك على أنه تعليق سلبي على عملك كمدير. ولكن بدلاً من ذلك، لا ينبغي عليك أن ترى ذلك على أنه إخفاق، لكن عليك أن تأخذ في الحسبان جميع العوامل الأخرى التي أدت إلى اتخاذ ذلك القرار.

تقول تاتشر: “يشعر الشخص على الدوام بأنه لن يطرد من العمل إذا كان بارعاً ويعمل بجد ومشقة بما يكفي وبأنه سيكون في مأمن، لكن لا تسير الأمور على هذا المنوال في العالم.”

يقول جَي بي بولي فراي، الرئيس والمؤسس المشارك لمعهد الصحة والقدرات البشرية في مدينة أونتاريو الكندية، إن الشخص المطرود من العمل يشعر وكأن أقرانه والعاملين لديه يصدرون حكمهم عليه، والأسوأ من ذلك، أنهم يحطّون من قدره.

لا شك بأن هذه المشاعر يمكن أن تكون مرهِقة، وغالباً ما تكون قاسية وكأن شخصا قد مات في العائلة، حسبما يقول بولي فراي. وللتغلب على تلك المشاعر ينبغي البحث عن اختصاصي يقدم النصح والمشورة – شخص يمكن التحدث معه حول ما حدث.

هناك لحظات فاصلة في ذلك، مثل المكالمة الهاتفية التي نقلت إليك الأخبار السيئة أو اللحظة التي سلمك فيها مدير قسم الموارد البشرية ملف قرار الطرد والتعويضات الناتجة عنه، وسيكون من الصعب نسيان تلك اللحظات التي تتشبث بذاكرتنا أكثر بكثير من أوقات المسرّة، وهذه هي غالباً الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا.

إنها وسيلتنا لأخذ الدروس والعبر من أخطائنا، كما يقول باولي فراي، الذي يرى أن مفتاح النجاح هو التعلم من تلك اللحظات والبدء بالتفكير في القادم من الأمور.

فكّر مليّاً بما لاقاه ستيفن سبيلبرغ من ثلاثة إجراءات برفضه في معهد إخراج الأفلام قبل أن يُقبل فيها، أو طرد أوبرا وينفري من أول وظيفة لها كمذيعة تلفزيونية.

تقول تاتشر إنه يتعين على المرء تقبّل الأمر الواقع مع الاحتفاظ بثقته في نفسه. إذا كنت مدير قسم وجرى ترشيحك للحصول على ترقية وظيفية، فعليك أن تدرك مواجهتك لانتكاسة. إذا لم تفكر بهذا الشكل، فإن العاملين في قسمك ربما يظنون بأنك غاضب أو مستعد لتقديم استقالتك مما قد يؤثر على أدائهم وتكون له انعكاسات سلبية عليك كمدير.

وبالنسبة للمدراء العاملين في شركات عالمية، فمن المهم إدراك الكيفية التي يُنظر بها إلى الطرد أو الانتكاسة من قبل العاملين في الدوائر والأقسام العاملة عبر المحيطات. في آسيا، كما تقول ثاتشر، من النادر أن تفصح الشركات علناً عن أسماء عدة مرشحين لتولي مركز واحد وذلك تفادياً لإحراج الأشخاص الذين لن يحصلوا على المنصب في النهاية.

أما في أوروبا وأمريكا الشمالية، فغالباً ما تحتدم المنافسة المعلنة بين المدراء المتقدمين للحصول على ترقية. يعني هذا أنك لو لم تحصل على تلك الترقية الرفيعة، فإن العاملين في قسمك في ألمانيا قد يتوقعون منك أن تقدم رد فعل تحليلي، بينما يتوقع العاملون في قسمك في الصين أن تُظهر الندم.

العودة ثانية إلى القمة

تعلمت باتشيلدر من تجربة طردها من مركزها الوظيفي المتقدم درساً جديداً في كيفية الإدارة. فعندما التحقتْ للعمل في شركة بوبآيز، كان هدفها الرئيسي كشخص في مركز رفيع هو أن تساعد العاملين معها على النجاح، بدلاً من القلق بشأن نجاحها الشخصي.

تقول باتشيلدر: “أسأل العاملين معي، ’لِمَ أنتم هنا؟ ما الغرض من عملكم في هذا المركز الوظيفي؟ وحالما يدركون سبب قدومهم إلى العمل فإنه يسهل عليَّ كثيراً أن أدلهم على هدفهم، وكيف يبدو النجاح.”

تتذكر باتشيلدر أفول نجمها في شركة “دجاج كنتاكي” وتغيّرها نحو الأفضل في شركة بوبآيز، في كتاب بعنوان ’الجرأة في العمل‘. وقالت باتشيلدر في مقابلة هاتفية إنها على يقين بأنها لم تكن لتدرك نجاحها في “بوبآيز” لو لم تكن قد طردت من العمل، وتضيف: “يعود الفضل في أية نجاحات حققتها إلى التجارب التي مررت بها في حياتي.”

إذا كنتَ مديراً يخشى الطرد والفصل من العمل، فالرسالة واضحة وهي أنك ستكون في يوم ما أكثر قوة على تحمل ذلك.

(BBC)

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*