علاج للسرطان يظهر نتائج “مبهرة” في علاج التصلب المتعدد
390
شارك
فيرغوس وولش مراسل الشؤون الطبية-بي بي سي
الحكمة – متابعة: أفاد أطباء في شيفيلد ببريطانيا بأن تحسنا “رائعا” حدث في حالة مرضى يعانون من التصلب المتعدد بعد أن تلقوا علاجا يستخدم عادة لعلاج السرطان.
وخضع نحو 20 مريضا لزراعة في نخاع العظم باستخدام خلاياهم الجذعية، وتمكن بعض المرضى المصابين بالشلل من المشي مرة أخرى بعد هذا العلاج.
وقال البروفيسور باسيل شاراك من مستشفى “هالامشير” الملكية في شيفيلد: “وجود علاج يمكنه أن يقاوم الإعاقة هو بالفعل إنجاز كبير.”
وهناك نحو 100 ألف شخص يعانون من التصلب المتعدد في بريطانيا، وهي حالة عصبية غير قابلة للشفاء، ومعظم حالات المرضى يجري تشخيصها لدى أشخاص في العقد الثاني والثالث من العمر.
ويدفع هذا المرض الجهاز المناعي لمهاجمة بطانة الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي.
إعادة بناء الجهاز المناعي
وتهدف طريقة العلاج هذه، التي تعرف بعملية عملية زراعة للخلايا الجذعية المكونة للدم (HSCT)، إلى تدمير نظام المناعة الذي يعاني من قصور باستخدام العلاج الكيميائي.
ويعاد بعد ذلك بناء الجهاز المناعي باستخدام خلايا جذعية مأخوذة من المريض نفسه، وهذه الخلايا تكون في مرحلة مبكرة جدا وخالية من العيوب التي تسبب مرض التصلب المتعدد.
وقال البروفيسور جون سنودن استشاري أمراض الدم في مستشفى “هالامشير” الملكية إنه “يعاد تركيب أو بناء النظام المناعي وإعادته للحالة التي كان عليها قبل أن يتسبب في (مرض) التصلب المتعدد” بفضل هذا العلاج.
وعولج نحو 20 مريضا يعانون من التصلب المتعدد في شيفيلد خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأضاف البروفيسور سنودن: “من الواضح أننا حققنا تأثيرا كبيرا في حياة المرضى، وهو أمر يثلج الصدر.”
وتمكن فريق برنامج “بانوراما” في بي بي سي من زيارة العديد من المرضى الذين خضعوا لعملية زراعة للخلايا الجذعية من أجسامهم.
اكتشفت إصابة ستيفن ستوري بمرض التصلب المتعدد في عام 2013، وفي غضون عام تحول ستوري الذي كان رياضيا صحيح البنيان إلى شخص قعيد يفقد الإحساس بمعظم أجزاء جسده.
وقال ستوري: “تحولت من شخص يمارس الركض في مسابقات الماراثون إلى شخص يحتاج إلى رعاية مكثفة على مدار اليوم بأكمله”.
وبعد مرور أيام قليلة من إجراء العملية، استطاع ستوري أن يحرك أصابع قدميه وبعد أربعة أشهر استطاع أن يقف على قدمه دون مساعدة.
ولا يزال ستيفن يحتاج للكرسي المتحرك، لكنه منبهر لمستوى التقدم في حالته، وقال: “لقد كان تحسنا رائعا، كنت في وضع مزر، لكن الآن يمكنني السباحة وقيادة الدراجة، وأعقد العزم على السير”.
وكانت هولي دروري تبلغ من العمر فقط 21 عاما حينما اكتشفت إصابتها بالتصلب المتعدد، وتدهورت حالتها بعد أن أنجبت طفلتها ايسلا.
وقالت: “خلال بضعة أشهر ساءت حالتي أكثر وأكثر، لم أستطع أن ارتدي ملابسي أو استحم، لم تكن لدي القدرة حتى على حمل ابنتي بين ذراعي”.
واحتاجت دروري إلى كرسي متحرك قبل خضوعها لعملية زراعة الخلايا الجذعية، لكن بعد تلقيها العلاج استطاعت الخروج من المستشفى على قدميها.
وقالت: “كان الأمر معجزة، استعدت حياتي واستقلاليتي وأصبح المستقبل مشرقا مرة أخرى لكوني أما وأستطيع فعل كل شيء مع ابنتي”.
وبعد مرور عامين، لم تشهد حالة دروري أي انتكاسات، ولم تظهر الأشعة والفحوصات أي أدلة على نشاط المرض في جسمها.
ويصف الأطباء مرض التصلب المتعدد لدى دروري بأنه خامل، لكن هناك أمل بأن هذه العملية ربما ستكون علاجا دائما لها.
فعال من حيث التكلفة
وتتعاون “هالامشير” الملكية مع مستشفيات في الولايات المتحدة والسويد والبرازيل في تجربة دولية تحمل اسم “ميست” (MIST) والتي تقيم الفوائد طويلة الأمد لعمليات زراعة الخلايا الجذعية.
وجميع الذين خضعوا للتجربة كانوا يعانون من مرض التصلب اللويحي ﺍﻟﻤُﺘﻌﺪﺩ ﻣُﺘﻜﺮﺭ اﻟﻬﺪﻭﺀ والانتكاس (RRMS)، حيث يتعرض المريض لهجمات أو انتكاسات متقطعة يتخللها فترات هدوء.
ويقوم العلاج على برنامج كيميائي مكثف، لذلك يحذر المرضى من آثار جانبية مثل الغثيان وتساقط الشعر.
وقال بول كيرخام، وهو مريض آخر بالتصلب المتعدد إنه سعيد بخضوعه لعملية الزرع، لكنه أضاف إنها تؤثر عليك بالفعل هذه العملية الشاقة، والمشاركة في عشر جولات من الملاكمة مع الملاكم الشهير مايك تايسون أقل إرهاقا من العملية.
وتجرى هذه العملية بتكلفة لمرة واحدة تقدر بحوالي 30 ألف جنيه استراليني، وهي تعادل تقريبا التكلفة السنوية لبعض علاجات التصلب المتعدد.
ونظرا لأن العلاج لا يشمل أي أدوية جديدة، لكن إعادة استخدام علاج قائم من خلال الاستعانة بخلايا المريض نفسه، فإنه لا يوجد حافز كبير لتحقيق الربح لدى شركات الأدوية.
وأجرى البروفيسور ريتشارد بيرت من جامعة “نورث ويسترن” بشيكاغو أول عملية زراعة للخلايا الجذعية المكونة للدم عام 1995، ويتولى تنسيق جهود هذه التجربة الدولية التي بدأت عام 2006.
وقال: “كان هناك رفض لهذا الأسلوب العلاجي في أوساط شركات الأدوية والأوساط الأكاديمية، وهذه ليست تكنولوجيا يمكن أن تحميها ببراءة اختراع، لكننا حققنا هذا دون دعم من العاملين في هذه الصناعة”.
وأظهرت دراسة نشرت العام الماضي بشأن مرضى التصلب المتعدد في شيكاغو انخفاضا كبيرا في الإعاقة العصبية، وفي بعض الحالات استمر التحسن لأربعة أعوام على الأقل رغم أنه لم تكن هناك مجموعة ضابطة للمقارنة.
ويمكن لنتائج تجربة “ميست” الأكثر تفصيلا، والتي ستعلن تقريرها خلال بضع سنوات، أن تحدد إذا كانت زراعة الخلايا الجذعية قد أصبحت علاجا قياسيا لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (NHS) للعديد من مرضى التصلب المتعدد.
وقالت الدكتور ايما غراي، رئيسة قسم التجارب السريرية في جمعية مرض التصلب المتعدد في بريطانيا، :”الأبحاث الحالية تشير إلى أن علاجات الخلايا الجذعية مثل عملية زراعة للخلايا الجذعية المكونة للدم يمكن أن تمنح الأمل (في علاج المرض)، ومن الواضح أنه في الحالات الي سلط عليها الضوء (برنامج) بانوراما، فإنها أحدثت تأثيرا غير من حياة المرضى”.
وأضافت: “لكن التجارب توصلت إلى أنه بالرغم من أن عملية زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم يمكن أن تؤدي إلى استقرار أو تحسن حالة الإعاقة لدى بعض المرضى المصابين بالتصلب المتعدد، فإنها ربما لا تكون فعالة لجميع الحالات”.
وقالت الدكتور غراي إنه يجب أن يدرك الأشخاص أن هذا العلاج هو “علاج حاد ينطوي على مخاطر كبيرة”.
وطالبت بمزيد من الأبحاث بشأن عملية زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم حتى يتسنى التعرف بشكل أكبر على سلامتها وفاعليتها على المدى الطويل.