الحكمة – متابعة: هل تعرف شخصاً ما يتمتع بحظ جيد طوال حياته؟ الصحفية ريا ويسيل تلقي الضوء على بعض الأسرار التي يمكن من خلالها أن تحقق طموحاتك الكبيرة في مسيرتك المهنية.
من المألوف لديك أن يطرح شخص ما أمنية من قبيل أنه يوماً ما سيصبح مديراً لشركة معينة، أو أنه سيحصل على ترقية يبدو أنها بعيدة المنال، أو أنه سيحصل على فرصة تكليفه بمهمة مربحة في الخارج، ثم يحصل كل ذلك فعلاً، على الرغم من كل المعوقات.
هذا النوع من الأشخاص يجعلونك تشعر بأنه من السهل الحصول على ما تريده في الحياة. لكن في الحقيقة، اتبع هؤلاء التخطيط الجيد والتفكير العميق، وتكون لديهم مزيج من الواقع والتفكير بعيد المدى. لقد باتوا مميزين ومتفوقين في التقدم بطلب ذلك، والتأكد أنه سوف يستجاب لهم.
وبالنسبة لمعظم هؤلاء المتميزين فيما يطلبون، يبدو أنهم قد اكتسبوا مهارتهم تلك بشكل طبيعي، لكن بالنسبة للبقية منا، هناك وسائل لكي نمرن أذهاننا على التفكير في أفضل الطرق للإفصاح عما نريد، وجعل ذلك يحدث بقدر الإمكان.
لتكن لديك رؤية
للمبتدئين، عليك أن تعرف بالضبط ماذا تريد بالتفصيل. المتميزون فيما يطلبون يتحلون بالقدرة على تحديد ما يرغبون به بطريقة واضحة ومحددة، بالنسبة لهم وللآخرين.
و يؤمن جون ستاينبيرغ، وهو الثري الذي أسس شركة Hand of God Wines المتخصصة في مزارع الكروم في الأرجنتين، بضرورة تحديد الهدف، وقد عثر على طريقة لتحقيق طموحه الذي طالما سعى لبلوغه.
يشبه ستانبيرغ تحقيق ما تريد بالترويج لمنزل تريد بيعه. حيث تصبح عملية البيع أسهل إذا وضعت في البيت أثاثاً فاخراً مستأجراً وأشعلت فيه بعض الشموع بدلاً من عرضه فارغاً.
ويقول: “عليك بالعمل على بلورة الفكرة، وجعلها جذابة. عليك بعرضها والإعلان عنها، وليس فقط الافتراض أن الناس الذين تعمل معهم يعرفون ما تريد”. ويضيف ستانبيرغ أن الرؤية ترى النور على أفضل وجه عندما تفكر فيها ملياً وتتدبر أفكارك بعمق وروية.
قد يتطلب ذلك ساعات طويلة من التصميم وجولات الصراع مع نفسك عن السبب الذي يدفع للرغبة في شيء ما وما هو الأفضل بالنسبة لك. من المهم جداً أن تكون صادقاً مع نفسك.
بعد ذلك، عليك أن تؤمن بأن حلمك سيتحقق. هذا الإيمان القوي سيصبح واضحاً للآخرين من خلال الطريقة التي تتكلم بها على سبيل المثال، عندما تشرح لماذا مهمة السفر الخارجية تلك صنعت خصيصاً من أجلك.
ويستخدم ستاينبرغ هذه الطريقة بنفسه. فخلال سنوات عمله في مايكروسوفت كان يزرع البذور المطلوبة للوصول إلى رغبته التي يتطلع إلى تحقيقها، وهي العمل في مجال التمويل والإقراض.
تواصل بفعالية
لا يكفي بالطبع أن تتصور أهدافك وتحددها، كما تقول كريستيان بارهو، المدربة في مجال التواصل والإعلام قرب فرانكفورت. وتضيف: “يدور في أذهان الناس باستمرار تصورات كثيرة، ولا يستطيعون تحويل خططهم إلى أفعال لأنهم يواجهون عقبات ومعوقات حقيقية أو خارجية متوقعة”.
بإمكانك الخروج من هذه الدوامة بطريقة بسيطة: “تكلم بشكل علني وواضح وبصورة فعالة عما ترغب به مع الأشخاص الذين بإمكانهم مساعدتك. “عندما تكون واثقاً من دوافعك، وعلى معرفة بمصالح شركائك، عندها بإمكانك ترجمة ما ترغب به بطريقة تتوافق مع ما يريده الشخص الآخر” كما تقول بارهو.
من الأسهل الحصول على ما تريد إذا كان الطرفان على قناعة بأنك تريد الشيء ذاته، سواء كان ذلك محصلة عملية من قبيل أن تتولى مسؤولية مشروع جديد، أو رؤية مشتركة و”هو ما يسمى إيجاد إطار للهدف المشترك”.
عدل ما تطلب وفقا للظروف
يقول موريتز أوستوالد المدرب التنفيذي المقيم في فرانكفورت: “بالنسبة لكثير من الناس، مجرد الوصول إلى مرحلة طلب ما يريدون يعتبر أمراً صعباً. الأنماط الثقافية وحتى وجود تراكيب محددة يمكن أن تؤثر كلها على الطريقة التي تجري بها المحادثة”.
في ألمانيا على سبيل المثال يلف الناس ويدورون حول المسائل الحساسة بدافع التهذيب والأدب، وتراهم يعرضون عن القيام بأي شيء يمكن أن يفسر على أنه إطراء للذات. هذا بالطبع مناقض لما هو معروف عن الألمان من أنهم مباشرون في الإعراب عما يريدون.
لكن فيما يتعلق بتسويق أنفسهم يمكن أن يكون الألمان خجولين في طلب ما يريدون، كما يقول أوستوالد الذي يضيف: “يخشى الناس من طلب ما يريدون بصراحة لخشيتهم من الرفض وعدم الاستجابة. في الولايات المتحدة، تطلب ما تريد مرة تلو المرة حتى تحصل عليه. هنا، يقترب الأمر من كونه اساءة.”
ويتابع: “فإذا قال أحد لا لفكرتي أو آمالي أو رغباتي، فمن الممكن أن ينتج عن ذلك آثار مدمرة. من القيم الشائعة هنا البقاء على علاقة طيبة وانسجام مع الأخرين، الجميع يدعم بعضهم بعضاً والرغبة في أن يكون المرء مواطناً صالحاً”.
بينما في العديد من الثقافات الآسيوية، ليس من الشائع أن تطلب شيئاً إلا إذا كنت واثقاً أنك ستحصل عليه. يقول أوستوالد: “لأن الناس لا يرغبون في أن يتنازلوا عن كرامتهم، تجدهم حذرين في طلب ما يريدون ويحرصون على أن تكون هناك أسباب مقنعة لطلب شيء محدد”.
ضاعف جهودك وتحلى بالإصرار
المتميزون في طلب ما يريدون لا يتوقفون عن بناء وتوصيف وتصور قضاياهم. وهم يستثمرون ساعات طويلة من العمل الجاد لإخراج ما يرغبون في تحقيقه من حيز التمني إلى حيز الطلب الواضح المقنع.
“الوصول إلى مبتغاك لا يتحقق بطرفة عين. ولكنه يتطلب منك السعي والتعب والجهد الكبير”، كما يقول ستانبيرغ.
يطرق الكثير من الشبان باب السيد ستاينبيرغ طالبين مساعدته، بعد خبرته المالية الطويلة في أكثر من 200 شركة. أحياناً لا يتجاوب معهم عن عمد، حتى لو أعجبته أفكارهم. الهدف هو أن يرى إذا ما كان الشخص الذي رده على أعقابه سيعود مرة ثانية لفكرة أكثر إقناعاً، وبرؤية أوضح لما يريد، سواء كان الذي يريده وظيفة، أو تمويلاً للبدء في مشروع.
يقول ستاينبيرغ: “أريد معرفة مدى التزام وإخلاص الشخص للفكرة التي يحملها وأنها ليست مجرد فكرة عشوائية أو متخيلة”. إذا كان الشخص الذي جاء بالفكرة قد تطور أكثر في قناعته والتزامه بها، ويظهر أنه بإمكانه فعلاً أن ينجح، فسأصغي إليه بإمعان وتركيز”.
هذا أيضاً ما فعله ستاينبيرغ في مجال تجارته، فقد أراد أن يبيع بضاعته في مدينة سياتل، لكنه وجد أنه من الصعب أن يبيع للمطاعم هناك. لهذا قلب الفكرة رأساً على عقب، وتواصل مع الطهاة المحليين بشأن فكرة تنظيم أمسيات لفن الطهي في أماكن الاحتفالات والمناسبات العامة يتم فيها التركيز على ما يبيعه.
لقد نجحت الفكرة. وبات الطهاة المشاركون يتمتعون بالشهرة، في حين يبيع ستاينبيرغ ما يسوقه في مناسبات عامة في سياتل. ومن بين الطهاة المشاركين في تلك الأمسيات، روي بريمان، من سلسلة فنادق “سيداربروك لودج”، وإيثان ستويل، الذي يملك سلسلة من المطاعم.
يقول ستاينبيرغ: “إذا كان الهدف أصيلاً وصحيحاً، فسوف تتمكن من تحقيقه. في الغالب، لا يقضي الناس وقتاً كافياً يعيشون فيه الهدوء مع أنفسهم لرسم أهدافهم بروية”.